هآرتس تكتب.. إسرائيل أمام "الدرس الفلسطيني": ماذا لو كان أبو بكر يهودياً؟

الجمعة 14 أغسطس 2020 06:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس تكتب.. إسرائيل أمام "الدرس الفلسطيني": ماذا لو كان أبو بكر يهودياً؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: جدعون ليفي "لنفترض أن نظمي أبو بكر كان يهودياً إسرائيلياً، وكان ينام في شقته بقريته ذات ليلة، وبعد منتصف الليل سمع فجأة صراخاً مرتفعاً في الطابق السفلي، حيث يسكن شقيقه وأولاده. لقد أصيب بالذعر. استيقظ زوجته وأولاده الثمانية من نومهم أيضاً بدهشة. كان يخشى على مصيرهم. جميعهم خائفون، الأولاد انفجروا بكاء. هو يفهم أن هناك غرباء اقتحموا البيت في الطابق السفلي. سارع بالصعود إلى السطح، ومن هناك شاهد جنود جيش الاحتلال في الساحة. حمل طوبة وألقاها من السطح على الجنود الذين اقتحموا بيته، فقتل أحد الجنود".

لنفترض أن أبو بكر كان يهودياً، حينئذ سيتحول إلى بطل. كيف ضحى بنفسه ودافع بقواه الضعيفة عن أبناء بيته؟ كيف حاول طرد الغازي بحجر؟ داود أمام جوليات 2020. ربما تحولت قصته إلى أسطورة، ودخلت المقرر الدراسي، وربما كانوا سيسمون شارعاً باسمه.

ولكن أبو بكر غير يهودي، لهذا لن يكون بطلاً، بل هو قاتل. فلسطيني ذو 49 سنة، ألقى حجراً على الجندي “عميت بن يغئال” الذي جاء واقتحم بيته بصحبة أصدقائه، في عملية أخرى للاعتقالات الزائدة والخاسرة، التي استهدفت بشكل عام تنفيذ اعتقالات أمنية، وتدريب القوات والحفاظ على اليقظة، أو من أجل استعراض القوة والسيطرة. وبعد مرور ساعات تم اعتقال أبو بكر.

بعد سنة تقريباً لم يقتل فيها جندي إسرائيلي واحد، وقتل فيها ليس أقل من 150 فلسطينياً، دخلت إسرائيل فوراً إلى دائرة ثابتة من الانحراف والتضحية والشهوة للانتقام والشيطنة. اعتبر أبو بكر إرهابياً وقاتلاً حقيراً. وما فعله هو عملية إرهابية ومعادية، وأي حكم سيصدر ضده لا يكون عقوبة الإعدام، سيعتبر حكماً مخففاً.

لم تنته بعدُ تلك الطقوس الساخرة والقبيحة التي تسمى محاكمة عسكرية، ولم تتم إدانة أحد، والشعب ورئيس الحكومة يريدون رؤية بيته مهدماً ثم تلقى كل عائلته في الشارع. وإذا كانت عائلة الجندي المقتول تعاني فليعانوا هم أيضاً. هذا ما سيتم فعله دائماً مع الشخص الذي يتجرأ على معارضة الاحتلال.

تطور نادر في المؤامرة: المحكمة العليا منعت هدم البيت. إسرائيل اهتزت أكثر. رئيس الحكومة، وبكونه رئيس النيابة العامة في إسرائيل، “طلب” إجراء نقاش آخر. الأب الثاكل، باروخ، أنزل العلم عن قبر ابنه إلى منتصف السارية، وقال إن والده الذي هو من الناجين من الكارثة وابنه، هما ضحايا لنفس ألمانيا النازية: الجمعية التي انضمت إلى التماس العائلة ضد الهدم، “هموكيد” للدفاع عن الفرد، ملونة بألوان ألمانية.

قاضيا الأغلبية، مني مزوز وجورج قره، الأول يساري والثاني عربي، اللذان ضمنا بقرارهما الشجاع والمفهوم، وتجرأا على الدفاع عن أبناء العائلة الذين ليست لهم أي علاقة أو مسؤولية على العمل، تم وصفهما بالخائنين. أما القاضية ياعيل فلنر، الحامية للكرامة الوطنية في وضع الأقلية، فكتبت: “موجات الإرهاب التي تتعرض لها دولة إسرائيل في السنوات الأخيرة تقتضي ردعاً ناجعاً إزاء تنفيذ عمليات أخرى في المستقبل”.

عن أي “موجات إرهاب” تتحدث حضرة القاضية؟ وما العلاقة بين الإرهاب وقتل جندي في المناطق المحتلة؟ وفوق كل ذلك، هل سيردع هدم البيت أحداً؟ لا تتوقف إسرائيل عن الردع، خمسون سنة من الردع، ومع ذلك ألقى أبو بكر حجراً على الجندي.

لو كان أبو بكر يهودياً لكنا لقصصنا على أنفسنا القصة كما حدثت. أبو بكر هو المدافع، والجيش الإسرائيلي هو المعتدي. كل احتلال يثير ضده مقاومة. الإرهاب والعنف في المقام الأول هما إسرائيليان في المقام الأول. كلما كان الاحتلال أكثر عنفاً، ازدادت مقاومته. المقاومة الفلسطينية هي من أكثر المقاومات ضبطاً للنفس في التاريخ، بالنظر إلى الاستمرار الأبدي للاحتلال تقريباً. هدم بيت هو عقاب جماعي يخالف القانون الدولي والعدالة الطبيعية.

حتى عشرات سنوات الاحتلال الوحشي لم تتعلم إسرائيل الدرس الوحيد: من بين أنقاض كل بيت هدمته سينمو “المخرب القادم”.