تزداد في هذه الأوقات المخاوف من انفراط عقد الهدوء الذي تشهده مناطق قطاع غزة، والمستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود، بما ينذر باندلاع موجة تصعيد عسكري، قد تكون أشد عنفا من تلك التي شهدها القطاع، قبل تثبت تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية بقيادة حركة حماس من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، خاصة مع الرسائل المباشرة التي بعث بها مسئولو غزة وقادة جيش الاحتلال.
وبعد أيام من العودة التدريجية لـ”وسائل المقاومة الخشنة” التي عاد إليها شبان غزة، على مقربة من الحدود، والتي تمثلت بعودة إطلاق “البالونات الحارقة والمتفجرة” تجاه مستوطنات “غلاف غزة”، وبعد أن فشل جيش الاحتلال بوقف هذه الوسائل، بالقصف الجوي، هدد وزير الجيش بيني غانتس، بتوجيه ضربات أشد قسوة وعنفا. وفق القدس العربي
ومتناسيا أزمة السكان الغزيين الذين يطالبون بإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 14 عاما، والذي حول حياتهم لجحيم، ومتناسيا الوعود التي قطعتها إسرائيل لوسطاء التهدئة، من أجل إنهاء تلك المآسي، قال غانتس “إسرائيل لن تقبل باي خرق لسيادتها وباي مساس في سكان جنوب البلاد”، وأضاف متوعدا “يجب على القيادة في قطاع غزة ان تدرك، بأنه لا حل آخر سوى إعادة المفقودين الإسرائيليين (الجنود الأسرى) واستتباب الهدوء على الحدود وان هذين الشرطين سيجلبان النمو الاقتصادي والرخاء لسكان القطاع”.
وأضاف في تدويته كتبها على موقع “تويتر” “كل من ستسول له نفسه أن يختبر عزيمة إسرائيل سينال عقابا أليما”.
وقد جاءت تصريحات غانتس هذه، في أعقاب قيامه بعقد جلسة مشاورات مع رئيس هيئة الأركان الجنرال أفيف كوخافي، مساء الأحد، خصصت لتقييم الأوضاع على الحدود مع القطاع، حيث تم اتخاذ قرار بعدم السماح بإطلاق “البالونات الحارقة او المفخخة”، متوعدين بأن استمرار اطلاقا البالونات “سيجلب ردا قاسيا حتى اذا أفضى ذلك إلى تصعيد الأوضاع”.
وقد فهم من الاجتماع أن الأمور الحالية ربما تتجه إلى التصعيد، وأن الوسطاء لم يفلحوا، بتقريب وجهات النظر، من أجل إعادة الأمور لما كانت عليه خلال الأشهر الخمس الماضية.
وعقب الاجتماع، كشفت القناة 12 الإسرائيلية، أن غانتس وكوخافي، اتخذا قرارا بـ”الرد العنيف” على إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة، “حتى لو أدى ذلك إلى تصعيد”، كما كشفت بأن إسرائيل نقلت “رسالة تهديد” لحماس مفادها، أنه إذا لم تتوقف الحركة عن إطلاق البالونات، فإن إسرائيل ستُصعد ردودها.
وعمل قادة جيش الاحتلال على تنفيذ تهديداتهم في ساعة متأخرة من ليل الأحد، حين قام الطيران الحربي الإسرائيلي، بقصف نقطة رصد للمقاومة، شمال قطاع غزة.
لكن وفي حال أقدمت سلطات الاحتلال على شن هجوم على قطاع غزة، سواء كان باستهداف مواقع المقاومة، أو النشطاء العاملين في وحدات “الوسائل الخشنة” فإن ذلك سيقود إلى رد من فصائل المقاومة، ربما يتمثل بإطلاق قذائف صاروخية، ليتطور الأمر إلى موجة تصعيد قد تمتد لأيام، خاصة وأن الفصائل المقاومة في غزة، استبقت الأحد اجتماع العسكر الإسرائيليين، وأطلقت عدة رصاصات صوب فرق هندسية، تعمل على بناء الجدار الأسمنتي الأمني على حدود غزة.
وفي دلالة على عدم اكتراث المقاومة في غزة، برسائل التهديد الإسرائيلية الجديدة، انتظرت المقاومة حتى بزوع صباح الاثنين، لتقوم بإطلاق رشقة من الصواريخ التجريبية تجاه بحر غزة، وهي عملية يفهم من خلالها أن المقاومة لديها الجاهزية والاستعداد، لخوض جولة تصعيد عسكري، وأنها لم تأبه لتهديدات غانتس وكوخافي.
وقد سبق ذلك، أن أعلنت وحدات “أحفاد الناصر” التابعة للجان المقاومة الشعبية، أنه في ضمن “معركة غضب السماء”، قامت بإطلاق رشقات كبيرة من “البالونات الحارقة والمتفجرة”، من منطقة تقع شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة، تجاه المستوطنات الإسرائيلية، وذلك بهدف إلزام الاحتلال بتفاهمات وقف إطلاق النار.
وهناك معلومات تشير، إلى أن الضغوط الاقتصادية، التي تواجه سكان غزة، وعدم تطبيق ما جرى الاتفاق عليه برعاية الوسطاء في العام الماضي، من خلال تنفيذ مشاريع بنى تحتية كبيرة في القطاع، هو ما أدى إلى بعث الفصائل الفلسطينية بقيادة حركة حماس “رسائل ساخنة” إلى إسرائيل.
ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، شرع نشطاء فلسطينيون، بإطلاق “البالونات الحارقة والمتفجرة” صوب مناطق الحدود مع غزة، ما أدى إلى نشوب العديد من الحرائق في تلك المناطق وبشكل يومي.
وحاولت إسرائيل في اليوم الأول لإطلاق تلك البالونات، أن تلجم العملية من خلال قيام الطيران الحربي باستهداف أحد مواقع المقاومة، غير أن ذلك لم يسفر عن شيء، حيث لوحظ أن وتيرة إطلاق البالونات قد تزايد خلال اليومين الماضيين.
وقد اختار قادة الفصائل هذه المرة، الابتعاد عن الحديث المعهود بتحميل إسرائيل مسئولية عدم تطبيق بنود تفاهمات التهدئة، وقرروا الرد على ذلك من خلال “الرسائل الساخنة المباشرة”، وهو ما يفيد بأن الاتصالات التي أجريت مع الوسطاء في الأيام الماضية لم تأتي بأي نتائج تذكر.
جدير ذكره ان “البالونات الحارقة” كانت أحد “الوسائل الخشنة”، التي استخدمها نشطاء مسيرات العودة، منذ انطلاق المسيرات في نهاية مارس من العام 2018، إلى جانب “الإرباك الليلي” و”قص السياج” وتنظيم مسيرات شعبية عارمة على الحدود عصر أيام الجمع.
وقد توقفت المسيرات الشعبية وفق آلية عمل أقرتها اللجنة العليا لمسيرات العودة، على أن تنظم فقط في المناسبات الوطنية، لكن تفشي فيروس “كورونا” منع تنظيم تلك المسيرات، لكن ذلك لم يكن ليقف حالا أمام اللجوء مجددا لعودة “الوسائل الخشنة”.
ويعود توقف تلك الوسائل على مدار الأشهر الماضية، إلى التفاهمات التي أبرمت عبر الوسطاء المصريين والقطريين والأمم المتحدة، التي تشمل إيصال أموال دعم لسكان غزة المحاصرين، الذين ترتفع في أوساطهم معدلات الفقر والبطالة، وتنفيذ مشاريع بنى تحنية كبيرة، كمد القطاع بخط كهرباء جديد.
وفي هذه الأوقات، تفيد معلومات أن عودة الفصائل لـ”الوسائل الخشنة” مرده، عدم قيام سلطات الاحتلال بالموافقة على تنفيذ مشاريع البنى التحتية الكبيرة، وتذرعها بأن السبب هو أزمة “كورونا”، وهو سبب لم يقنع قادة الفصائل في غزة بقيادة حركة حماس.
يذكر أن صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية، ذكرت في تقرير لها، أن إطلاق “البالونات الحارقة” من قطاع غزة باتجاه إسرائيل في الأيام الأخيرة ليس عرضيًا، وإنه يهدف لإيصال رسالة إلى إسرائيل والجهات الدولية، مشيرة المحادث التي جرت قبل أسابيع قليلة بين المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، قام خلالها رئيس حماس بالاحتجاج على الوضع في قطاع غزة.
ووقتها تحدث هنية عن معاناة سكان القطاع جراء الحصار الإسرائيلي والخناق المفروض عليهم منذ سنوات، كما استمع رئيس حماس إلى الجهود التي يبذلها ميلادينوف كممثل للأمم المتحدة فيما يتعلق بالمواضيع السياسية، وحصار غزة.