بعد التدخل الجراحي الإستئصالي لفرنسا ، وعلى مستوى رئيس الجمهورية بنفسه ، و رغم الوباء و البلاء ، بالسفر شخصياً إلى بيروت العاصمة اللبنانية ، ليقود من هناك إنقلاباً على الحكم و الحكومة و المنطق و الشرف ..
هذا التحرك لا يضع فقط علامات تساؤل و تعجب عن أسباب و حيثيات الإنفجار الأخير في مرفأ بيروت .. و هل كان بمثابة صرخة مخرج الأفلام بكلمة ( أكشن ) لتبدأ الصور بالتلاحق أمام أعين المتابعين المندهشين ، تجتاحهم مشاعر مختلطة بحسب مهارة كاتب السيناريو و المؤلف و المخرج و الممثلين ، مرة يضحكون و مرة يترقبون و مرات يبكون ولكنهم في النهاية و عند إنارة صالة العرض يكتشفون أنهم كانوا مجرد مشاهدين ..
بل علّ علامات الإستفهام تكبر و تتعاظم ، و تتجول بين صفوف المحتجين في السنة الماضية ، و "كلن يعني كلن" ..
تلك الحركة الشعبية التي نالت من التلميع و التصفيق و الإعجاب ما يشبه حظ أفلام أخرى لنفس المخرج و المنتج و السيناريست في أماكن أخرى من الوطن العربي ( هل مازلتم تتذكرون هذا المعني ؟ : الوطن العربي ) !
بل ، إن علامات الإستفهام ربما يجب أن تتعملق و تكبر أكثر لتشمل أولئك الذين تسببوا في حالة الجوع و القرف و الفقر و المرض و الفساد ، وهل كانوا يساهمون بقصد لدفع الناس إلى الشارع ؟ هل كانوا يهدفون بسابق تخطيط و ترصد أن يكفروا الناس بمبادئهم و يجردوهم حتى من شرف الإنتماء الوطني ؟
في وطن عربي باتت فيه إسرائيل حقيقة ، و التصالح معها منطقي ، و التعايش ضرورة ، و التعاون فائدة ، و أصبحت فيه فكرة القدس و المقدسات ، بالية عتيقة ، و التحرير والوحدة و العروبة كلها نكات سخيفة ، و الإسرائيلي برئ من دم يوسف ، و يوسف الفلسطيني هو المخطئ ، هو الذي باع و غدر و خان ، و لا يمكن أن ندافع عنه أكثر من هذا ، فمن يقف أمام السيد رب البيت الأبيض العتيق يضحي ببنيه ، وصاحبته وأخيه ، وفصيلته التي تؤويه ، ومبادئه و حتى أنه مستعد أن يلغي آيات من مصحفه لا تتسق مع " أرادة السيد الأبيض "
لبنان ، مثال مختصر ، مركز ، مكثف .. لا يلومن أحد اللبناني الذي يطالب بعودة الهيمنة الفرنسية ، فالقصة لم تبدأ من عنده .. القصة بدأت منذ سبع عقود .. فلا تحدثني عن سيف الله المسلول ، و لا عمر و لا الصديق ، ولا علي و لا الحسين ، كل هذه أساطير و روايات و عبث وخيال لمؤرخين ، تعال نقصف من ثمار جنة أمريكا و كرمة إسرائيل حتى تتكشف سوءاتنا ، ويظهر زيدان ليبشر بأن المسجد الأقصى هو الذي في أطراف المدينة المنورة ، و القدس هي أورشليم ، وصلاح الدين أقذر رجال الأرض ، وعبد الناصر أضاع العرب ، و فاروق بعمالته و فساده كان هو الأفضل .. و أنطوان لحد ، كان فذاً عبقريا بعيد النظر ثاقب الرؤية .. و لكننا لم نفهمه ولم نعطه حقه .. لنكن منطقيين واقعيين و براجماتيين ،
اليوم وضحت الصورة ، الزمن العربي الردئ كما وصفه أبو عمار .. اليوم أصبح مباح للحرة أن تأكل بثدييها ، اليوم أصبحت الخيانة وجهة نظر ..