كشف تقرير إسرائيلي آلية جهاز الأمن العام (الشاباك) في تعقب المواطنين قبل بدء انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد في البلاد، بذرائع مختلفة، منها محاربة تنظيم "الدولية الإسلامية" (داعش)، وذلك في انتهاك واضح لقوانين الخصوصية، وفي ظل غياب السلطة الرقابية للكنيست.
ولفت التقرير إلى أن الشاباك شرع قبل بضع سنوات بعملية شديدة السرية، تعقب وتجسس من خلالها على المواطنين، دون إذن قضائي، وخلافا لما تنص عليه القوانين. وبحسب التقرير فإن الرقابة الأمنية تمنع نشر الاسم الذي أطلقه الشاباك على هذه العملية.
وأشار التقرير إلى أن الشاباك أراد الاستفادة من القدرات التكنولوجية التي يوفرها الاتصال التلقائي بقاعدة بيانات الشركات الخليوية، ومن هناك الولوج إلى الهواتف المحمولة الخاصة. وللقيام بذلك دون أن يعلم أحد، أوضح التقرير أن الهواتف المحمولة للغالبية العظمى من المواطنين كانت مكشوفة للجهاز بواسطة آلية "فلترة" معينة.
ورجّح التقرير الذي أعده الصحافي رفيف دروكر، للقناة 13 الإسرائيلية، أن يكون ذلك قد تم دون مسوغ قانوني، ومن دون أي إشراف برلماني. وآلية مصادقة المسؤولين على استخدام التقنية المذكورة لتعقب المواطنين، كانت من خلال لجنة مصغّرة شُكلت في وزارة القضاء الإسرائيلية، وترأسها المدعي العام الإسرائيلي السابق، شاي نيتسان.
وفي مرحلة معينة، صادق المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، كذلك، على استخدام الآلية، دون ذريعة قانونية أو أنظمة خاصة صدرت عن الحكومة. وأكد التقرير أن الشاباك منح مدة 6 أشهر لاختبار التقنية، وتم تمديدها 5 مرات على الأقل.
وبحسب التقرير، فإن الشاباك استخدم هذه المعلومات أساسا لتحقيقات جنائية، وعندما وصلت قضايا اعتمد التحقيق فيها على تعقب "المشتبه به" عبر هذه الآلية، أصدرت أجهزة الأمن الإسرائيلية أمرًا قضائيًا يتيح لها التصنت أو تعقب المشتبهين، غير أنها امتنعت عن تحديد الطريقة التي تم بواسطتها الحصول على المعلومات الأولية ضد المشتبه بهم.
وشدد التقرير على أن الشاباك استخدم قدرات شركات الهواتف الخليوية دون موافقتها أو علمها.
وجاء في رد وزارة القضاء الإسرائيلية على التقرير أن "أساليب عمل جهاز الأمن العام في مكافحة الإرهاب بشكل عام محمية بموجب القانون، وقد يؤدي عرضها إلى إلحاق ضرر بالغ بالأمن القومي. غالبًا ما يتم عرض المشكلات القانونية المتعلقة بنشاط الشاباك لفحص ومصادقة المستشار القضائي للحكومة أو من ينوب عنه".
وكان تحقيق صحافي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد أفاد بأن لدى الشاباك قدرات لتعقب المواطنين من خلال متابعة هواتفهم المحمولة، وأن هذه القدرات يطلق عليها اسم "الأداة"، وهي عبارة عن "مخزون معلومات سري، تتجمع فيه معطيات حول جميع مواطني دولة إسرائيل، طوال الوقت، ومن دون علاقة بكورونا". وأضافت الصحيفة أن "تتبع مرضى كورونا لا يتم من خلال الولوج إلى الهاتف المحمول، ولا من خلال تطبيق للتجسس، لأنه لا توجد حاجة لذلك".
ويكشف التحقيق عن أنه "تم تجميع المعلومات في هذا المخزون من دون أن يكون لأي شخص منا، أو حتى الكنيست – باستثناء خمسة أعضاء في لجنة المخابرات الفرعية يسمعون عنه خلال إحاطة عامة مرة في السنة – علما حول كيفية تجميعه وتخزينه، وكيف يستخدم. ورئيس الحكومة لم ينشر أبدا الأنظمة التي تستخدم في إطار القانون أو مضمونها. والمداولات حول هذا الموضوع لم توضع أمام الجمهور في إسرائيل أبدا. والنتيجة هي أن منظومة هائلة تجمع تيرابايت معلومات حول جميع مواطني دولة ديمقراطية، بقيت في الظلام الحالك، حتى هذا الأسبوع".
وأصدر رؤساء حكومات إسرائيل تعليمات، بموجب بنود في القانون وأنظمة، بعضها سري، تعليمات لشركات الهواتف الخليوية وتقضي بأن تحول إلى الشاباك كافة المعلومات حول معطيات اتصالات جميع المشتركين لديها. وهذا يشمل جميع المواطنين في إسرائيل تقريبا وقسم كبير من سكان الضفة الغربية. وهكذا نشأت "الأداة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الشاباك يستخدم "الأداة" في تعقب أنشطة ضد إسرائيل ومنع محاولات لتنفيذ عمليات والكشف عن جواسيس. وكانت الحكومة، وبضمن ذلك نتنياهو شخصيا، قد طلب استخدام "الأداة" في مواضيع ليست مرتبطة بعمليات معادية، وقد رفض الشاباك معظمها. كما أن رئيس الشاباك الحالي، ناداف ارغمان، تحفظ من استخدام "الأداة" في أزمة كورونا، تحسبا من كشف أساليب عمل الجهاز السرية.
وكان الشاباك قد وافق على استخدام "الأداة" في أعقاب قضية تسرب معلومات حساسة وأثارت ضجة في إسرائيل، بينما عندما طلب نتنياهو استخدامها للكشف عن تسريب حول مخطط مهاجمة إيران، رفض الشاباك طلبه. وقد تم استخدام "الأداة" في رصد تحركات منظمات إجرامية، بناء على طلب الشرطة.