هآرتس: بهذا.. يصبح الطفل آدم والكعك الغزي إرهاباً فلسطينياً في نظر إسرائيل..!

الثلاثاء 07 يوليو 2020 04:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس: بهذا.. يصبح الطفل آدم والكعك الغزي إرهاباً فلسطينياً في نظر إسرائيل..!



القدس المحتلة / سما /

هآرتس - بقلم: تانيا هاري "آدم حمو، كان عمره نحو ثلاث سنوات ونصف عندما قدم التماساً باسمه في المحكمة العليا، طالباً من المحكمة السماح له بالانتقال من قطاع غزة إلى الضفة الغربية مع والدته وأخوته الأربعة. والدته وأخوته مسجلون في سجل السكان الفلسطيني الذي تتحكم به إسرائيل كـ “سكان الضفة الغربية”. وحسب معايير إسرائيل فيما يخص الانتقال، يحق لهم طلب الذهاب إلى الضفة الغربية، لكن آدم كان مسجلاً كـ”مواطن غزي”.

53 سنة من الاحتلال، 27 سنة منذ اتفاق أوسلو، و15 سنة منذ الانفصال عن غزة، وما زالت إسرائيل تتولى القوة الحصرية كي تقرر من يعتبر من سكان غزة ومن يعتبر من سكان الضفة. ما زال سكان غزة بحاجة إلى مصادقة إسرائيل للإقامة في الضفة. وبدون هذه المصادقة، هم يعتبرون “ماكثين غير قانونيين” هناك، حتى الأطفال في جيل الثلاث سنوات.

سيطرة اسرائيل المتواصلة على سجل السكان الفلسطيني وسيطرتها على الحركة، تمنحها القوة لتقرر مصير ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة والقطاع، في جميع المجالات، بدءاً من المجالات الصغيرة جداً وحتى المجالات الكبيرة جداً. القدرة على الحركة تؤثر على جميع المجالات: من هو المسموح لنا أن نحبه، وأين سنسكن، وأي السلع ستصل إلى رفوف البقالات المحلية، وأي المشاريع ستزدهر. معظم العالم المحجوز بسبب الوباء يعرف ذلك الآن بصورة ملموسة أكثر. وسواء تحول الضم الواقعي في الضفة إلى ضم قانوني، أو تم تبني خطة ترامب، فإن سيطرة إسرائيل ستستمر في الوجود على حركة الفلسطينيين.

في العقدين الأخيرين تحديداً، استخدمت إسرائيل هذا التحكم لعزل غزة وفصلها عن الضفة. وفي السنوات الأخيرة أطلق اسم على هذه السياسة وهو “سياسة التفريق”. وبدون إعطاء أي تفسير رسمي لها، وبدون نشر أهدافها، يدافع ممثلو الدولة عن هذه السياسة بحماسة في المحاكم مرة تلو الأخرى، مثلما في حالة الطفل آدم. ذريعة الأمن الكاسحة والمؤيدة لتقليص العلاقات والحركة بين المناطق الفلسطينية لمنع “نقل بنى تحتية إرهابية” يتم إفراغها من المضمون عندما يكون مقدم الالتماس طفلاً بعمر ثلاث سنوات، وعندما يدور الحديث عن منع إرسال الكعك من غزة إلى الضفة.

قصة آدم تشبه قصصاً كثيرة أخرى تتعلق بالنزاع، وتبقى تفاصيلها غير منطقية. والدة آدم، كوثر، هي في الأصل من الضفة، انتقلت إلى غزة في العام 2000 في أعقاب زواجها من أحد سكان القطاع. وفي العام 2012 نجحت في تسجيل أولادها كسكان في الضفة مثلها. أما ابنها الصغير، آدم، الذي ولد في 2013، رفضت إسرائيل تسجيله كأحد سكان الضفة، الأمر الذي وضعها أمام خيارين لا مناص منهما، إما تركه في القطاع، وهذا يمكنها من إعطاء أولادها الكبار فرصة حياة أفضل في الضفة، وتتخلص من فقر شديد ومن عمليات عسكرية متكررة، أو الحفاظ على وحدة العائلة في غزة.

هذا ما حصل. في العام 2017 أصبح آدم أحد أصغر الملتمسين في المحكمة العليا بإسرائيل. وبعد نضال قانوني استمر لأكثر من سنتين واهتمام أعضاء كنيست ورجال إعلام، وافقت إسرائيل أخيراً على السماح له بالانتقال إلى الضفة مع والدته وأخوته قبل بضعة أسابيع من عيد ميلاده السادس.

الاحتلال مستمر منذ فترة طويلة جداً، إلى درجة أن البيروقراطية التي أوجدها أصبح لها حياة ومنطق خاص بها. ومن يواصلون البحث عن مبررات أمنية سيجدون صعوبة في العثور عليها. فلن تجدوا أي مبرر أمني يمنع طفلاً ابن ثلاث سنوات من الانتقال من غزة إلى الضفة الغربية. ثمة نظام يصمم على تقليص عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية. مطامع إسرائيل الجغرافية في الضفة الغربية وأهدافها واضحة أكثر من أي وقت مضى. المستوطنات لا تنتشر في الضفة لاحتياجات أمنية، بل لأن جزءاً معيناً من المجتمع، الذي لديه قوة غير متناسبة، يعتقد أنه يحق له السيطرة على البلاد بدون تداعيات وبدون التزامات تجاه الفلسطينيين الذين يعيشون إلى جانبهم دون حقوق متساوية. المستوطنون وشركاؤهم لا يختبئون الآن وراء بقرة الأمن المقدسة، وهم يستثمرون الجهود في تثبيت حقائق مثل “فرق تسد” على الفلسطينيين لفترة غير محدودة من أجل استمرار الوضع الراهن الذي يعمل لصالحهم. وقد حان الوقت للاستيقاظ والفهم بأن عزل قطاع غزة والمعاناة غير المنتهية التي يخلقها، يتم تحريكهما في المقام الأول للأهداف ذاتها التي تتمثل بالسيطرة الجغرافية على الضفة، التي يجب إنهاؤها.