هآرتس - بقلم: عودة بشارات "يا للخجل! عضو الكنيست أيمن عودة يذهب إلى رام الله بيدين فارغتين، بل لم يحول ولو دولاراً واحداً بائساً لحماس. ورغم ذلك، ثمة سياسيون ووسائل إعلام يصفونه بالمؤيد للإرهاب. وفي المقابل، يحول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو 15 مليون دولار من أموال قطر لحماس بضع مرات، ولم يتهمه أحد بدعم الإرهاب. بالعكس، انتخبه الشعب بجموعه. هذه تعرجات طرق الوطنية".
إن تلك “العاصفة” التي حدثت حول مشاركة عودة في مؤتمر فتح وحماس المشترك في رام الله مضحكة. لماذا؟
أ- السكان العرب في إسرائيل جزء من الشعب الفلسطيني، وكذا من يعيشون في غزة تحت حكم حماس ومن يعيشون في الضفة تحت حكم فتح. لذلك، رجاء، لا تضعوا وجه 9 آب كلما التقى فلسطيني مع فلسطيني آخر، سواء كان من غزة أو من جنين أو من الكويت أو من أي مكان آخر وصل إليه. المجتمع الإسرائيلي وزع الفلسطينيين في أرجاء العالم، وبعد ذلك، يغضبون منهم إذا تبادلوا فيما بينهم عبارة “مساء الخير”.
ب- حكومات إسرائيل تجري مفاوضات مكثفة، سواء أمنية أو سياسية، مع حماس. المفاوضات سرية جداً إلى درجة أن كل ولد يعرف تفاصيلها. الاختلاف الوحيد بين مفاوضات مباشرة ومفاوضات غير مباشرة هو الوسيط المصري الذي يجلس على الخط بين الطرفين. والأمر نفسه بالنسبة لعادتنا الجميلة عندما كنا أطفالاً. فعندما كنا نتشاجر ما كان أحدنا يحدث الآخر، بل كل جملة أردنا قولها للخصم كنا نقول قبلها كلمة السر “كله”. وهذا ما يحدث بين إسرائيل وحماس. مفاوضات “كله”.
في المقابل، أي زعيم إسرائيلي حاول أن يكون بطلاً على غزة أدرك، وقت الامتحان، بأن سياسة “أبو علي” تلحق كارثة بالطرفين. لا يمكن لإسرائيل أن تقوم بليّ ذراع غزة بالقوة، لأنهم بين الموت والحياة في واقع أقسى من الموت، ويفضلون الموت في مرات كثيرة، ومن الأفضل أن يكون سريعاً. قنبلة واحدة وانتهى الأمر.
ج- عودة جاء ليقول: كفى لهذه المهزلة، كفى للعبة الاستغماية، هيا نتبنّ صيغة مختلفة. والصيغة الجديدة مبنية على الوحدة الفلسطينية وحل بناء على قرارات الأمم المتحدة. هذه بشرى الشعب الفلسطيني التي تدعمها الأغلبية الساحقة من العرب في إسرائيل. فحماس وفتح تريدان دولة إلى جانب إسرائيل حسب قرارات الأمم المتحدة. وإسرائيل في المقابل تريد ضماً في الضفة، وللتحلية، تريد استمرار الحصار الخانق في زنزانتين: زنزانة غزة وزنزانة الضفة. وبعد ذلك، يتهمون الفلسطينيين بالإرهاب، في حين أن الاحتلال والحصار هما أجداد الإرهاب.
لقد تربينا، وها قد أصبحنا شيوخاً، على شعار أن العرب في إسرائيل هم جسر السلام إلى العالم العربي. لكن عندما يشمر العرب في إسرائيل عن عضلاتهم ويسارعون للقيام بمهمة الجسر يدانون ويشوّهون على اعتبار أنهم يؤيدون الإرهاب. ويتبين أن السادة يريدون من العرب أن يكونوا البساط البالي تحت أقدامهم لتجميل خطواتهم أثناء حملات احتلالهم.
ونذكر، لعل الذكرى تفيد كما يقول العرب، بأن إسرائيل تصرخ بحنجرة مخنوقة بالدموع: كيف نجري مفاوضات مع الفلسطينيين إذا كانوا منقسمين؟ لكن عندما يحاولون التوصل إلى الوحدة، تصرخ على الفور: أبو مازن يتّحد مع إرهابيين.
الآن عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش (البيت اليهودي) يريد تطهير الكنيست من أيمن عودة. وهو معروف بأنه الحلقة الآنية في سلسلة الأجيال التي تمتد على مدى آلاف السنين. وقبل كل شيء، وفي ضوء القبح البارز الذي يظهر من عقيدة هذا الشخص، ربما يجدر فحص أن لا يخترق أي فيروس هذه السلسلة. ومرة أخرى، هل حان الوقت لتكون الكنيست، والإعلام الإسرائيلي أيضاً، نقية من العرب؟ ما الأمر، ما السيئ في التعلم من وسائل إعلام “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”؟