هآرتس – بقلم الصحفي جاكي خوري “حماس وفتح وعدتا بالتعاون في تصريح مشترك. ولكن امتحانهما الحقيقي هو امتحان النتيجة. ازاء الضم توجد امام الفلسطينية ثلاثة خيارات: إما حل السلطة أو النضال المسلح أو النضال الشعبي غير عنيف. ولكن قبل ذلك يجب ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني “.
المؤتمر الصحفي المشترك بين حماس وفتح أمس شكل محاولة من المنظمتين المنقسمتين لعرض جبهة واحدة – ليس فقط ضد الضم، بل بالاساس امام الشعب الفلسطيني. الاعلان عن عقد المؤتمر استقبل بمفاجأة نسبيا. صحيح أنه سبقته مسيرة ضد الضم نظمتها الفصائل في قطاع غزة بمشاركة الآلاف، لكن في فتح وحماس كانوا حذرين من اعطاء هذا الاعلان بعد احتفالي. فهم ايضا يعرفون أن الطريق لتنفيذ الوعود طويلة.
أمين سر اللجنة المركزية في فتح، جبريل الرجوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح العاروري، استخدما في الحقيقة مصطلحات مختلفة قليلا، لكن الرسالة كانت متشابهة: الضم حسب رأيهم سينهي أي خيار سياسي للتسوية. وتصريحاتهما حول التعاون في المستقبل وطرح جبهة موحدة، ظهرت صادقة. ولكنها لم تؤثر بشكل خاص على الرأي العام الفلسطيني. خلال الـ 13 سنة منذ حدث الانقسام سمع الفلسطينيون مئات التصريحات من زعماء الطرفين عن انهاء الانقسام وعن تفاهمات في جميع المجالات. لقد ملوا من التصريحات ومن البيانات المنمقة، حتى لو كانت تختفي وراءها نوايا حسنة. الشعب الفلسطيني يعرف أن الامتحان الحقيقي هو امتحان النتيجة. وحتى الآن الفصائل حصلت على علامة راسب.
هذا ليس لأنه لا يوجد من يعملون معه، سواء في حماس أو في فتح يمكنهم أن يعرضوا موافقات على كل المسائل الرئيسية، بما في ذلك القضايا السياسية. هذه يمكن أن تشكل قاعدة للتعاون، اذا كانت هناك رغبة حقيقية لفعل ذلك. في العقد الاخير وافق الطرفين على خطة لاقامة دولة في حدود 1967 وعلى النضال الشعبي غير العنيف وعلى دمج حماس والجهاد الاسلامي في م.ت.ف. ولكن عندما جاء الجانب العملي، لم يتم تنفيذ الخطط بسبب انعدام الثقة وانعدام رغبة كل طرف في التنازل عن تمسكه بالسلطة.
هذا الامر وجد تعبيره في الصراع العلني والعنيف للسلطة الفلسطينية ضد حماس في الضفة الغربية، وبالعكس، في غزة. اضافة الى ذلك، اعتماد الطرفين اقتصاديا على دول خارجية، وشبكة العلاقات المركبة التي يديرانها على المستوى الاقليمي، مثل علاقة حماس مع ايران، تركيا وقطر من جهة، وميل السلطة الى التوجه الى السعودية ومصر ودول اوروبية من جهة اخرى – كل ذلك قلص هامش المناورة وزاد الضغوط الاقليمية. وهذه منعت أي تقدم حقيقي في محادثات المصالحة. وقد ساعد على استمرار الانقسام مصلحة اسرائيل في الحفاظ على الوضع القائم وعلى الفصل السياسي بين الضفة والقطاع.
في الوضع الحالي هناك ثلاثة احتمالات امام الفلسطينيين. الاول هو حل مؤسسات السلطة وخروج القيادة خارج الضفة، مع كل تداعيات هذه العملية. هذا سيناريو يعارضه معظم الفلسطينيين وهو لن يحظى بدعم دولي. ومشكوك فيه أن يؤدي في المدى القريب الى تقدم سياسي. ولا حتى في الساحة الفلسطينية الداخلية.
الثاني هو العودة الى سيناريو الانتفاضة الثانية – نضال مسلح أو ارهاب، بمصطلحات اسرائيل، بما في ذلك نشاطات في عمق اسرائيل. هذه الخطوة ستؤدي الى عملية عسكرية واسعة، سفك دماء وتحطيم البنى التحتية الفلسطينية. هذا السيناريو ثبت في السابق أنه غير فعال ولن يحقق أي هدف سياسي. وهو ايضا سيمنح اسرائيل رواية وكأنها تدافع عن مواطنيها، وسيعزز ادعاءات اليمين التي تقول بأنه لا يوجد من نتحدث معه.
السيناريو الثالث هو استغلال المناخ والتصريحات من اجل ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي. أي اجراء انتخابات جديدة، بما في ذلك انتخابات رئاسية وبرلمانية وانتخابات لمؤسسات م.ت.ف، وانهاء الانقسام بصورة حقيقية من خلال وضع استراتيجية موحدة تقوم على النضال الشعبي غير العنيف الذي يمكن لكل طرف التعايش معها.
يوجد الكثير من الخطط منذ سنوات، بما في ذلك برنامج عمل للنضال الشعبي الذي هدفه العلني هو انهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 على قاعدة مبادرة السلام العربية، ومبنية بالاساس على نشاطات غير عنيفة. هذا يمكن أن يتلخص باغلاق شارع في الضفة من قبل نساء واطفال أو مسيرة صغيرة نحو قاعدة عسكرية – هذه اساليب ستحصل على تأييد وتعاطف دولي، حتى في اوساط الكثيرين في اسرائيل. ولكن من اجل أن تنجح حقا مطلوب نقد داخلي وقرار استراتيجي وبرنامج عمل منظم للطرفين. تصريحات ونوايا حسنة كما عرضت أمس لن تكون كافية.