تحدث كاتب إسرائيلي عن ملابسات تأجيل حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، تنفيذ قرار ضم أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطيني بالضفة الغربية المحتلة، الذي كان مقررا في الأول من تموز/ يوليو الجاري.
وقال الكاتب أنشيل فايفر في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"؛ إن "التحليل سيأخذ الكثير للحديث عن أسباب التأجيل، إلا أن هناك سببا واحدا حقيقيا، دفع نتنياهو إلى تأجيل خطة الضم"، مشيرا إلى أن نتنياهو خرج بفكرة "الضم" قبل 17 شهرا، عقب انتخابات "متجمدة".
ولفت فايفر إلى أن نتنياهو عرض فكرة "الضم" لأول مرة خلال مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية، عشية أول انتخابات مبكرة، كورقة يستطيع من خلالها تحويل تركيز الإسرائيليين من قضايا فساده إلى "طرق استبدادية متزايدة"، وفق وصفه.
ورأى أن نتنياهو يعتقد أن هذه الخطة يمكنها أيضا إنقاذه من الفشل الملازم لاستراتيجة حكومته بمشكلة فيروس كورونا، وما تسببت به من تصاعد لموجة ثانية من الوباء، إلى جانب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، رغم الضغوط المتعددة على الساحة الدولية.
الضغط الدولي
وأوضح فايفر أن "المجتمع الدولي يضغط على إسرائيل بدرجات متفاوتة لإنهاء الاحتلال والانسحاب من الأراضي الفلسطينية، وتفكيك المستوطنات، والسماح بإقامة دولة فلسطينية"، مضيفا أنه "منذ طرح قضية الضم، تحول الخطاب إلى مكان أكثر راحة بكثير لنتنياهو".
وتابع: "جاء شهر يوليو (تموز)، ومعه التاريخ التعسفي المحدد في اتفاقية الائتلاف الحكومي، التي يمكن لنتنياهو من خلالها إحضار قضية الضم للحكومة أو الكنيست (..)، لكن ذلك لم يحدث، لأن نتنياهو من البداية كان سيجد صعوبة كبيرة بالوفاء بوعوده الانتخابية خلال حملاته الثلاث الأخيرة".
وأردف الكاتب الإسرائيلي قائلا: "حتى إدراج ضم 30 بالمئة من الضفة الغربية في صفقة دونالد ترامب، لم يسهل على نتنياهو الأمر"، معتقدا أن "نتنياهو وحلفاءه سيبررون أن 1 يوليو (تموز) لم يكن من المفترض أن يكون تاريخ الضم، وإنما بداية الفترة التي يمكن النظر في القضية رسميا".
وشدد فايفر على أنه "من الناحية الفنية، ليسوا على خطأ، لكن الضجيج حول الضم خلق ديناميكية خاصة"، مرجحا أن نتنياهو "لم يخطط للضم ولا يوجد خريطة جاهزة ولا جدول زمني، ولم يقدم أيضا مسودات وثائق قانونية لمجلس الوزراء أو الكنيست".
وأكد أن "كل هذا يعزز الانطباع بأن الضم، على الأقل لجزء كبير من الأشهر الماضية، لم يكن سوى وعد انتخابي غامض لحشد القاعدة اليمينية"، مستدركا: "لكن العديد ممن تحدثوا مع نتنياهو في الأشهر الأخيرة، ابتعدوا عن هذا الانطباع، بسبب إشراك غانتس بفكرة الضم".
السبب الحقيقي
وبحسب الكاتب الإسرائيلي، فإن هذا "الأمل لم يدم طويلا، وبدأت الخطة تفقد حماسها الآن، رغم أن نتنياهو لن يتخلى عنها علنا، لعدم تأثر مصداقيته مع اليمين، وكذلك لعدم فقدان هذه الورقة في الخروج من مشاكله المتلاحقة".
واستكمل بقوله: "فرص حدوث ضم كبير أو حتى رمزي تتضاءل يوما بعد يوم"، مشيرا إلى أن العديد من الأطراف ستنسب فضل تأجيل التنفيذ لنفسها ولجهودها، مثل غانتس الذي صرّح أن "1 يوليو (تموز) ليس موعدا مقدسا، ويجب الاهتمام الآن بالبطالة وأزمة كورونا".
وأضاف أن "جونسون أيضا وجه تحذيرا في اللحظة الأخيرة، لكن جميع هؤلاء لم يكن لهم تأثير يذكر على مسألة تأجيل خطوة الضم، إن وجدت".
وذكر فايفر أن السبب الحقيقي لتأجيل نتنياهو لتنفيذ خطته، يعود إلى موقف المرشح للرئاسة الأمريكية جو بايدن، الذي يعد الشخص الأكثر تأثيرا على نتنياهو في كبح الضم، مستندا إلى استطلاعات الرأي التي ترجح إمكانية وصوله البيت الأبيض نهاية العام الجاري.
وأكد أن نتنياهو يثق بشكل كبير في استطلاعات الرأي الأمريكية، رغم أنهم ضللوا مرة واحدة على الأقل في الماضي، ويعتقد أن فرص ترامب للفوز في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل تتلاشى.
وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن نتنياهو يعتقد أن جميع حلفائه بالإدارة الأمريكية لا يدعمون خطوة الضم بالضفة الغربية، باستثناء السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، موضحا أنه "على ما يبدو قرر التخلي عن الصدام المبكر مع إدارة بايدن الجديدة المحتملة".
ولفت إلى أن بايدن يعارض بشكل قاطع مسألة الضم، لكنه ألمح إلى أنه لن يتراجع عن قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مؤكدا أن مخاوف نتنياهو تتمثل في إعادة الإدارة الأمريكية الجديدة التزامها بالاتفاق النووي مع إيران.
وتابع: "لذلك قرر نتنياهو إعطاء نفسه الأمل في الحصول على فرصة لمناقشة قضيته مع الرئيس الجديد، من أجل استمرار العقوبات، وكسب موقف تفاوضي أمريكي أكثر صرامة تجاه إيران"، متوقعا أنه إذا "انقلبت فجوة الاقتراع بين بايدن وترامب لصالح الأخير، فإن احتمال الضم حينها يزداد".