عندما عزم نبي الله لوط الذهاب إلى قومه ليدعوهم إلى الطريق القويم، يقول القرآن الكريم: “فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون.” (سورة النمل، الآية 56) الطهارة لم تعجب فوم لوط، وأصروا على النجس والدنس. هم لا يرتاحون إلا مع النجاسة، وبيئتهم تكره الطهارة، ويفضلون البقاء ضمن بيئة قذرة لأن نفوسهم لا تقبل سوى القذارة.
هكذا هو الأمر مع القاضي اللبناني محمد مازح الذي استقال بسبب استدعائه من قبل هيئة التفتيش القضائية اللبنانية. أصدر قراره بشأن توقف وسائل الإعلام اللبنانية عن استصراح سفيرة أمريكا في لبنان. وزير خارجية لبنان استدعى السفيرة إلى مكتبه، وخرجت مسرورة وبشرت العالم أن المسألة قد طويت. وكان من المفروض أن يكون لقاؤها مع وزير الخارجية علنيا أمام وسائل الإعلام لكي يعلم شعب لبنان ماذا يدور في الكواليس. من المحتمل أن السفيرة هي التي بهدلت وزير الخارجية.
أما القاضي الذي كان حريصا على عدم إشعال فتنة في لبنان فتم استدعاؤه، وأبت عليه كرامته إلا أن يستقيل.
هذا قاض طاهر، وقد تؤثر طهارته على نجاسة السياسيين، فالأفضل التخلص منه.
إنه مخلص لشعبه ووطنه، إنه فهيم وقتله واجب. وهكذا هي أنظمة العرب جميعها. إنها أنظمة تكره الطهارة، وتكره أصحاب العلم والمعرفة والصدق والإخلاص للأمة والأوطان.
كاتب واكاديمي فلسطيني


