يواجه الفلسطيني محمد ابو درغام، مصيرا مجهولا مع قرب موعد حددته إسرائيل لضم منطقة الأغوار في الضفة الغربية، ما قد يجعله مشردا من مكان سكنه وعمله.
ويقول ابو درغام، الذي يعمل في الزراعة كحال غالبية سكان الأغوار، إنه يراقب بقلق بالغ مخطط إسرائيل لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وتحديدا سهل (البقيعة) الذي يعمل فيه منذ عشرات السنين.
ويعتاش ابو درغام (60 عاما) على الزراعة البعلية والمروية بزراعته مئات الدونمات التي ورثها عن جده منذ عشرات السنين، فيما يوفر فرص عمل بشكل يومي لنحو 30 عاملا فلسطينيا.
ويقول الرجل إن مخطط الضم الإسرائيلي "دمار شامل بالنسبة لنا"، مشيرا خصوصا إلى احتمال تهجيرهم من منازلهم وأرضهم "دون وجه حق وبشكل ظالم".
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مرارا عزمه فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها منطقة الأغوار في الأول من يوليو المقبل.
واعترض الفلسطينيون على خطة الضم وكذلك المجتمع الدولي والأمم المتحدة باعتبارها "انتهاكا" للقانون الدولي وتقويضا لرؤية حل الدولتين لحل الصراع.
ويقول ابو درغام "لا نعرف ما نسبة الضم وكيف سيكون الحال عليه بعد تنفيذ المخطط؟، خاصة أننا نخشى فقدان أراضينا التي ورثناها عن أجدادنا ونعيش فيها منذ عشرات السنين".
ويضيف "ننظر إلى الضم بأنه تهجير لنا عن أرضنا، فالمقصود بهذه العملية هو أرض الآباء والأجداد، فلا يمكن أن أقبل أن يأتي أحد ويضع سياجا أو جدارا يفصلني عنها أو يحدد لي الوقت الذي أدخل به إليها من خلال تصاريح معينة".
ويتابع ابو درغام بينما يشير بيده إلى نحو 600 دونم مزروعة بثمار البطاطا والطماطم والشمام "نتخوف على مصيرنا وعلى فقدان أرضنا التي تشكل كل حياتنا".
ويعيل ابو درغام عائلة مكونة من 12 فردا يعملون جميعهم في الزراعة، إضافة إلى عشرات العمال الذين يعملون على مدار العام في هذا المجال من خلال مزارعه، وهم الآن قد يبيتون دون مصدر رزق بسبب فقدان هذه الأرض.
وتكمن أهمية الأغوار العظمى في كونها منطقة طبيعية دافئة وخصبة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام، كما تتربع فوق أهم حوض مائي في فلسطين.
وتشكل الأغوار ربع مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها نحو 50 ألف فلسطيني، بما فيها مدينة أريحا، أي ما نسبته 2% من سكان الضفة الغربية، وتوصف بأنه السلة الغذائية للفلسطينيين.
وتشكل منطقة الأغوار 50 في المائة من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية، وفيها ينتج 60 في المائة من إجمالي الخضروات.
وتسيطر إسرائيل على ما مساحته 87 في المائة من أراضي الأغوار الحدودية مع الأردن، وهي تنظر إليها كمحمية أمنية، وتقول إنها تريد أن تحتفظ بالمنطقة ضمن أي حل مع الفلسطينيين الذي يرفضون ذلك مطلقا.
ويعتبر الفلسطيني برهان الأسمر (47 عاما) أن مخطط الضم الإسرائيلي حال تنفيذه "سيشكل نكبة جديدة للفلسطينيين"، مشيرا إلى أنه "استهداف لأرضنا بغرض تهجيرنا وإحلال المستوطنين على حساب الوجود الفلسطيني".
ويقول الأسمر ل(شينخوا) إن مخطط الضم "كارثة كبرى بكل معنى الكلمة، إذا أخرجونا من هذه المراعي أين نذهب، بالتأكيد سوف نفقد مصدر رزقنا".
ويخشى الأسمر من فقدان المراعي،ـ وهي أراض له ولعائلته في خربة مكحول في الأغوار التي اعتاد رعي أغنامه فيها.
ويشتكى من أن إسرائيل عمدت على مدار سنوات على تسهيل سيطرة المستوطنين على مساحات واسعة من الأراضي التي تعود للمواطنين الفلسطينيين في هذه المناطق، وهو ما سوف يتضاعف إذا تم الضم والقضاء على الوجود الفلسطيني في هذه الأراضي.
ويحذر الخبير الاقتصادي الفلسطيني سمير حليلة، من خطورة الغموض حول خارطة الضم التي تنوي إسرائيل تنفيذها، مشيرا إلى أن ذلك متعمد للتغطية على مخططها.
ويقول حليلة إن مخطط الضم سيقضي على فرص العمل لآلاف المزارعين الفلسطينيين في منطقة الأغوار وحصر الامتيازات الاقتصادية للمنطقة لصالح المستوطنين.
ويضيف أن تعريف منتجات المستوطنات المقامة في الأغوار كمنتج إسرائيلي سيعني قدرة أكبر على المنافسة الخارجية في الأسواق العالمية وكذلك منح تسهيلات ضريبية وتكلفة إنتاج أقل، ما يعني قدرة المستوطنين على البيع بأسعار ذات امتيازات هائلة مقارنة بالفلسطينيين.
وتسيطر إسرائيل على 400 ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة، أي ما نسبته 55.5% من المساحة الكلية للأغوار، وتحظر على الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني في هذه المناطق التي أنشأت فيها 90 موقعًا عسكريا منذ احتلال عام 1967.