رغم الضغوط .. إصرار شعبي فلسطيني على التمسك بالأرض

الخميس 25 يونيو 2020 03:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
رغم الضغوط .. إصرار شعبي فلسطيني على التمسك بالأرض



الاغوار /سما/

"هذه أرضنا"، كان هذا أبرز ما حرص الفلسطيني محمود هايل بشارات على التأكيد عليه وهو يجلس على سرير معدني في منزله المؤقت الذي يغطي سقفه بقماش جلدي في غور الأردن.

ويقول الرجل (39 عاماً)، وهو يشير إلى الخارج حيث كان منزله السابق :"قبل خمسة أشهر، جاء الجنود (الإسرائيليون). ودمروا كل هذا".

ويتدخل والده، البالغ من العمر (74 عاماً)، ليؤكد :"لقد دمروا كل شيء، كل شيء".

واستعرض بشارات الابن إخطارات وردته من الجيش الإسرائيلي بأنه بنى منزله بشكل غير قانوني على هذه الأرض.

وقد قام الجيش الإسرائيلي عدة مرات على مدار العقدين الماضيين بتدمير الهياكل التي بنتها الأسرة على هذه القطعة من الأرض في حمصة التحتا.

ويمكن من بعيد رؤية "موشاف" إسرائيلي، أي مجتمع زراعي. وهذا نوع من أنواع المستوطنات اليهودية المتواجدة في أنحاء الضفة الغربية، ويسكنها إجمالاً أكثر من 450 ألف يهودي.

ويتساءل بشارات عن السبب الذي يجعل اليهود الذين يعيشون هناك، بما في ذلك المهاجرون القامون من روسيا ومناطق أخرى، يحصلون على إمدادات الكهرباء والمياه بينما لا يحصل عليها هو.

وتساءل :"دعوا (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب يتخلى عن أرضه في الولايات المتحدة، وليس عن أرضنا!"، مؤكدا أن كثيرا من الفلسطينيين يرون البيت الأبيض متواطئا مع إسرائيل من أجل الضم الذي تقول إسرائيل إنه سيبدأ خلال أيام.

ولبشارات الأب 12 ابنا جميعهم لديهم أطفال، ما يجعل العائلة الكبيرة تضم 84 فردا. وبعدما قامت إسرائيل بصورة متكررة بتدمير منازلهم البسيطة، انتقل معظمهم إلى قرى في مناطق أعمق بالضفة الغربية، بالقرب من مدينة نابلس الفلسطينية.

ولم يتبق سوى تسعة منهم فقط يعيشون في مجتمعهم المعتمد على نشاط الرعي، وهو واحد من 47 منطقة من "المناطق ج" في غور الأردن، حيث يقيم حوالي 4400 فلسطيني، معظمهم من البدو.

واتهم أميت جيلوتز، من منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية المعنية لحقوق الإنسان ، إسرائيل بتعمد الضغط على المزارعين الفلسطينيين لمغادرة غور الأردن.

وتسعى إسرائيل لضم شريط الأراضي الاستراتيجي على طول نهر الأردن، وتقول إنها تريد ذلك لأسباب أمنية. كما أن المنطقة بها أرض زراعية ذات قيمة عالية وغير مكتظة بالسكان.

وبموجب اتفاقيات أوسلو للسلام، فقد جرى تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق "أ" و"ب" و"ج". وتم منح الكتل السكانية الفلسطينية الكبيرة، بما في ذلك نابلس حكما ذاتيا كاملا، وتم تصنيفها منطقة "أ".

وحصلت السلطة الفلسطينية على سيطرة جزئية على المناطق "ب"، بينما احتفظت إسرائيل بالسيطرة الكاملة على المناطق "ج"، وهي التي تقع داخلها مستوطناتها.

وتم كشف النقاب عن خطة ترامب للشرق الأوسط في كانون ثان/يناير، وتتضمن قيام إسرائيل بفرض سيادتها على 30% من مناطق الضفة الغربية، ومعظمها ضمن المصنفة "ج".

ويعيش نحو 13 ألف إسرائيلي في 30 مستوطنة و18 تجمعا صغيرا في مناطق "ج" بغور الأردن.

يقول بشارات الابن : "نعيش هنا من قبل مجيء إسرائيل ... وهذا المبنى بناه جدي قبل عام 1967".

وشدد :"هذه أرض أبي وجدي ولدينا ما يثبت الملكية".

كما يشدد والده على أن كل الأراضي من البحر المتوسط إلى نهر الأردن هي أراض فلسطينية منذ عهد الإمبراطورية العثمانية.

أما القيادي الاستيطاني يوسى داغان فيعارض هذا بشدة.

ويقول:"لا يوجد شعب له صلة بأرضه مثلما توجد صلة بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل، خاصة يهودا والسامرة"، وهو الاسم اليهودي لمناطق جنوب وشمال الضفة الغربية.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن الخطوط التي كانت موجودة قبل حرب 1967 لا يمكن اعتبارها أمرا مرجعيا، كما يؤكد الجيش ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن السيطرة الإسرائيلية على غور الأردن ضرورية للتأمين ضد أي هجوم محتمل من جهة الشرق.

وكما يرفض الشعب الفلسطيني الضم، فإن قيادته ترفضه بشدة أيضا وتؤكد أنه لن يترك لهم سوى جيوب من الأراضي التي لا يمكن بصورة جدية أن تصبح دولة مستقبلية.

وإلى جانب غضبه إزاء إسرائيل والولايات المتحدة، فإن محمود يخشى من أن يتسبب الضم في وضع حدود بينه وبين مصدر رزقه، وهو سوق نابلس الذي يبيع فيه منتجاته.

ورغم ضبابية المستقبل الذي ينتظره وينتظر أسرته، فإنه يؤكد هو ووالده أنهما لن يتركا أرضهما.