تشير توقعات حقوقية، إلى أن نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، اقتربت إلى مانسبته 73% على الأقل.
وبحسب مركز الميزان لحقوق الإنسان، فإن الأوضاع الإنسانية تشهد تدهورًا كبيرًا، وغير مسبوق نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 13 عامًا، والقيود على الأنشطة الاقتصادية لمنع انتشار جائحة كورونا في قطاع غزة.
وعبر المركز عن قلقله من استمرار وقوع الآلاف في براثن الفقر، داعيًا إلى تعزيز تدفق المساعدات النقدية والغذائية للحد من التدهور المتفاقم في الأوضاع الإنسانية.
وطالب المركز، المجتمع الدولي بسرعة التدخل من أجل إنهاء حصار غزة وتقديم الدعم والمساندة للفلسطينيين.
وتشير عمليات المراقبة والمتابعة للأوضاع المعيشية في ظل الوضع الراهن، أنها تدهورت بشكل غير مسبوق سواء لجهة أعداد الفقراء أو درجة حدة الافقر، حيث طرأ انخفاض حاد في الأنشطة الاقتصادية خاصة بعد إعلان حالة الطواريْ واتخاذ مجموعة من التدابير من جانب الحكومة في الأراضي الفلسطينية، حيث شملت هذه الإجراءات إغلاق المرافق التعليمية، وحظر مظاهر التجمهر والتجمع والاحتفالات والإضرابات في كامل الأراضي الفلسطينية، وألغيت حجوزات السياح، وأغلقت المناطق الدينية والسياحية، وأوقف تنظيم المؤتمرات الوطنية والدولية.
وانعكست تداعيات الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 13 عاماً، والقيود على حركة الواردات والصادرات والتي ترافقت مع جائحة كارونا، على الأوضاع الاقتصادية فسادت حالة من الركود في حركة الأسواق والتجارة، وتضررت أنشطة القطاع السياحي وقطاع المواصلات، وتوقفت المنشآت الإنتاجية في الكثير من القطاعات عن العمل، وضعفت قدرة القطاع الخاص - المشغل الأكبر للقوى العاملة- على الاحتفاظ بالعمال.
وفي ظل عدم وجود احصائيات رسمية موثقة لأعداد العاطلين عن العمل في ظل جائحة كارونا، من المتوقع أن تتجاوز معدلات البطالة أكثر من نصف القوى العاملة، حيث أن النسبة التي سجلها الجهاز المركزي للإحصاء بلغت (46٪) في الربع الأول من العام 2020م.
ووفقاً لوزارة المالية الفلسطينية، فإن حجز سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأموال المقاصة، وتراجع الأوضاع الاقتصادية، جراء الانكماش أدى إلى تراجع حاد في الإيرادات العامة تراوحت نسبته بين 60-70%.
وسجلت إيرادات شهر مايو/ آيار عام 2020، ما قيمته (237) مليون شيقل، وتوزعت ما بين إيرادات محلية بلغت قيمتها (137) مليون شيكل، ودعم خارجي بلغ نحو (100) مليون شيقل، فيما بلغت قيمة أموال المقاصة (صفر)، وبهذا تصبح قيمة العجز المالي عن شهر مايو/ أيار (863) مليون شيقل.
وفي ظل هذه التطورات، ولاسيما الحصار والقيود، وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، سواء حالة الركود الاقتصادي أو استشراء الفقر؛ وما ترتب على العجز المالي من تأخير صرف تأخر صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين في الوظيفة العمومية، وتوقف المساعدات المالية لأسر الشهداء والجرحى، سادت حالة من الخوف والترقب، وتضاعفت معاناة السكان جراء استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية، وانعكست على القطاع الغذائي حيث تعاظمت التحديات والمعوقات أمام سعي المواطنين للحصول على غذاء بكمية ونوعية تكفيان لتلبية الاحتياجات التغذوية للأفراد.
وبسبب تراجع المؤشرات الاقتصادية وتأخير صرف الرواتب، توقف الباعة والتجار عن البيع بالسلف لأجل، واشتراطهم الدفع النقدي لشراء المواد الاستهلاكية الأمر الذي سيرفع من معدل الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي إلى (73%) مقابل (27%) من الأسر الآمنة غذائياً.
يشار إلى أنه وقبل جائحة كورونا، وخلال العام 2018 صنف ما نسبته (10.8%) من الأسر على أنها آمنة غذائياً بشكل جزئي وهي تواجه خطر انعدام قدرتها على توفير حاجتها من الغذاء نتيجة محدودية مواردها المالية، ونتيجة التطورات الأخيرة وبالنظر إلى حجم التغيرات الاقتصادية الاخيرة وارتدادات جائحة كورونا تكون هذه الفئة قد هبطت وأصبحت تواجه حالة من انعدام الأمن الغذائي كونها تعاني من فجوة استهلاك كبيرة ولا تستطيع ردم هذه الفجوة، الأمر الذي سيضيف هذه النسبة إلى الفئة التي تعاني أصلاً من فجوة كبيرة وكانت بلغت نسبتها (62.2%) من بينها (38.8%) تعاني بشكل شديد من انعدام الأمن الغذائي.
وحذر مركز الميزان من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وتداعياتها الكارثية على المجتمع ولاسيما انعدام الأمن الغذاء، مؤكدًا على أن تعزيز الدعم الدولي والمساندة والتدخلات الفاعلة لاحتواء آثار الجائحة يبقى أمراً حاسماً لحماية سكان قطاع غزة وإعادة قطاع غزة إلى المسار المقبول، حيث إن التحويلات المالية تعد شريان حياة في ظل شيوع ظاهرتي البطالة والفقر.
وطالب المجتمع الدولي بضرورة الضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة ورفع القيود عن حركة الأفراد والبضائع، والتوقف عن استهداف القطاعات الاقتصادية لاسيما القطاع الزراعي، والعمل على تقديم المساعدة الدولية في المجال الفني والمادي لوقف الانهيار وتحسين الخدمات المختلفة بما يحمي حق الإنسان في الحياة في هذه المنطقة من العالم.
كما طالب الحكومة ومؤسساتها المختلفة بتنفيذ تدخلات اقتصادية، تساهم حل المشكلات الاجتماعية المتفاقمة ولاسيما مشكلتي البطالة والفر.