الخلافة العثمانية الجديدة.. بقلم / اياد جوده

الثلاثاء 16 يونيو 2020 12:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
الخلافة العثمانية الجديدة.. بقلم / اياد جوده



غزة / سما/

الخلافة الوحيدة التي لم تأتي بعدها خلافة إسلامية او حكم عربي إسلامي او حكم غير عربي إسلامي. فلقد خلف العباسيين بني أمية وخلف العثمانيين بنو العباس وخلف الاستعمار بنو عثمان.

هكذا باختصار وبعيدا عن تفاصيل التاريخ والحكام والانقسامات السياسية الإسلامية في حينه حدث ما لا يمكن ان نتصوره فنحن اليوم ضحايا الهزيمة العثمانية التي دخلت بسببها بريطانيا وفرنسا الى الوطن العربي وإيطاليا الى ليبيا واستوطن اليهود فلسطين.

اليوم ترفض تركيا الحديث عن وقف اطلاق النار في ليبيا بعد ما حدث من تراجع لقوات حفتر ليس يهمني هنا الا تسليط الضوء على المتحكم في الدماء والمصير العربي فالمعركة التي يتبناها الروس والأتراك لحماية مصالحهم يدفع ثمنها الشعب العربي الليبي والسوري فلا معنى للأدوات التي من خلالها يتم الذبح سواء كان ذلك يسمى جيشا او مجموعة من المسلحين او الإرهابيين، المهم ان كل بلد تخوض حربا في أراضي الدول العربية بأدوات لا تعي تاريخها ولا حضارتها ولا يعنيها دماء الأبرياء التي تسيل كل يوم طالما ان العنوان كان نفطا وغازا وذهبا ونفوذا. هل حقا نستحق نحن العرب ان نكون أحفاد بني أمية وبني العباس، هل حقا يحق لنا ان يطلق علينا بأننا خير أمة، كان أولئك النفر القليل هم خير أمة الذين آمنوا بربهم ووصايا رسولهم وأقاموا العدل وفتحوا البلاد وحرروا العباد وحفظوا ثروات الناس ونقلوهم من الفقر الى الخير أولئك أصحاب الحضارة والعلم والادب والفن والشعر والسيف أولئك هم خير أمة أخرجت للناس.

لقد خرجت تركيا من حسابات العالم الإسلامي عندما أعلن اتاتورك ذلك عندما قرر انه لا علاقة له الا بتركيا فقط تركيا الحديثة العلمانية التي لا تعترف بكل القيم الإسلامية تركيا حليف الناتو وصاحبة العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية مع إسرائيل هي ذاتها اليوم التي باسم الشعوب العربية تدخل أراضيها بحجة حماية كلمة الشعوب وحماية قراره.

في وقت سابق تم دعوة الشعب التركي للنزول الى الشارع لان انقلابا كاد ان يطيح بأردوغان وكل من أيد الانقلاب العسكري وصفه اردوغان بالمتآمر وان الايدي الخارجية هي من تحاول اسقاط تركيا وحرية شعبها، أفلا يعتبر ان ما يقوم به اردوغان في المنطقة هو جزء من تدخله الخارجي في إرادة الشعوب.

ثم ما هو تعريف الإرادة الشعبية التي يدعهما اردوغان؟ ومن قال ان الإرادة الشعبية ليست حكم الأسد في سوريا وحكم القذافي ليبيا وتقدم حفتر في يوم ما؟ ومن قال ان إرادة الشعوب ليست حكم السيسي لمصر؟ ما هي الإرادة الشعبية الحرة التي من المفترض دعهما؟ انها إرادة المصالح الدولية فقط وإرادة المصالح الذاتية وكصالح تركيا.

هذا ليس عيبا بالنسبة للأتراك بل انه واجب بل هو جزء من الانتصارات والتحديات والنجاحات لأردوغان وتركيا فأنها كدولة من حقها ان تفكر في ان تحتل كل العالم وتخضعه لإرادتها لو استطاعت ولكن العيب والمشكلة في العرب فماذا هم فاعلون؟ نحن العرب الذين لم نعد نستطيع الا ان نكون في فلك أحدهم او ان نكون تابعين لأحدهم لكي يحمينا، نحن الذين نبذل الأموال بلا أي نتيجة الا مزيدا من التبعية والخنوع، نحن الذين بدأنا نروج لأهمية ان تكون لنا علاقات مع إسرائيل بحجة ان فلسطين وابنائها يحتاجون لهذا.

آن الأوان للعرب ان يفهموا جيدا ان لا أحد يعنيه ما يواجهون وانهم لن يكونوا بخير طالما سمحوا وسيسمحون للآخر التدخل بهم. ان انتفاضة العرب على أنفسهم واجبة باتجاه حماية شعوبهم ومصالحهم فأنهم يمتلكون الكثير والكثير من الأدوات التي من خلالها يمكن لهم ان يعيدوا حيبتهم وكرامتهم.

لن تأتي تركيا للعرب بالريادة ولن تعطيهم القيادة ولن تسمح روسيا بذلك وبالتالي اما ان يفهم العالم الإسلامي كله ان مصلحته في تحقيق وحدة حقيقية مع بعضهم البعض واما ان يعي العرب ان ذلك مستحيلا فيتجمعوا وذلك أضعف الايمان.

ان تحالفا تركيا مصريا خليجيا يمكن له ان يحدث انقلابا في العالم كله ولكن ولان العلاقات لا تبنى الا للمصالح الضيقة فذلك لن يكون وبالتالي على العرب ان يقدموا نموذجا يجعل من تلك الدول تطلب الانضمام اليه لو ارادت ان تكون هويته إسلامية