عقدت جمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية) اليوم ندوة لمناقشة تداعيات ضم الأغوار وسبل مواجهة هذه المخططات، بحضور رئيس مجلس إدارة الإغاثة الزراعية المهندس حسام ابو فارس ومديرها العام منجد أبو جيش ومدراء الدوائر والفروع في المؤسسة.
وتم مناقشة الآثار السياسية والاقتصادية والقانونية المترتبة على ضم الأغوار من خلال مداخلات قدمها كل من مدير مركز مسارات د.هاني المصري والخبير الاقتصادي د.نصر عبد الكريم ومدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري، وذلك في مقر الإغاثة الزراعية الرئيسي في مدينة رام الله.
وقدم ابو فارس مداخلة تمهيدية للجلسة، أكد فيها على استمرار الإغاثة الزراعية بتقديم خدماتها لمواطني ومزارعي الأغوار، وأعلن عن نية الإغاثة الزراعية البدء في مشاريع تنموية خلال الفترة القريبة المقبلة والتي تهدف لتعزيز صمود المزارعين والمواطنين فيها.
وقدم المصري مداخلة عن الوضع السياسي الفلسطيني في ظل الأوضاع الراهنة واحتمالات الضم الفعلي وخيارات الشعب الفلسطيني في مواجهة هذه المخططات.
وعن اماكنية اقامة دولة فلسطينية، قال المصري بأنه سيصبح من الامور الصعبة والمستيحلة وفي حال تم تطبيق فإن هذا القرار سوف يطبق على الأرض وحدها ولا يطبق على السكان فالاحتلال يريد الارض الفلسطينية باقل عدد ممكن من الفلسطينيين ومن الممكن جدا ان تقوم حكومة نتنياهو بضم الاغوار وذلك لعدة معطيات من اهمها ان نتنياهو يريد صرف الرأي العام عن قضايا الفساد التي يلاحق بسببها في المحاكم.
وأضاف بأن خطورة ضم الأغوار ليست باقتطاع 30% من مساحة الضفة الغربية فقط، ولكن تمهد لاقتطاع أجزاء اخرى في مراحل اخرى وهو امر خطير جدا لانه كسر وحدة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وسيسهل مهمة الاحتلال في مواقع اخرى.
وعن احتمالات الضم والردود الفلسطينية، قال المصري بأنه من الوارد جدا ان يقوم الإسرائيليون بالضم بدون حدوث اي ردود فلسطينية شعبية ورسمية تذكر كما حدث في موضوع الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الامريكية لها وانه في حال كانت هناك مظاهرات كبيرة وردود فعل شعبية ورسمية كبيرة من الوارد جدا ان يتراجع الاحتلال عن الضم وذلك بسب توصيات داخلية اسرائيلية بالتروي وعدم الاقدام عليها بدون دراسة كافة التبعات السياسية والامنية قبل الضم خصوصا وانه من الوارد ان تكون ردود الافعال الدولية ايضا صاخبة ومناهضة لهذه الخطط.
وقدم العاروري مداخلته لمناقشة الاوضاع القانونية في حال تم تطبيق الضم، وقال أن هذا الاجراء غير قانوني وفقا للقانون الدولي الانساني ووفقا لاتفاقيات جينيف التي تمنع نقل السكان وملكية الاراضي الشعب المحتل الى سيادة وسيطرة سلطات الاحتلال.
واضاف العاروري بأن الاحتلال تاريخيا لم يحترم اي اتفاقية او معاهدة منذ العام 1948 وان الاحتلال حتى من خلال المفاوضات التي يدخلها مع الجانب الفلسطيني يعمل فقط على اضاعة الوقت وفرض وقائع على الأرض هدفها تثبيت الاستيطان والقضاء على فكرة اقامة دولة فلسطينية.
وحمل العاروري السلطة الفلسطينية بعض المسؤولية عن الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني اليوم، حيث غرقت السلطة في متاهات بناء مؤسسات الدولة وهو الامر الذي لم يتحقق الا في بعض الشكليات.
واضاف العاروري انه يقع على عاتق المؤسسات الاهلية مسؤولية في مواجهة خطط الضم ويقع على عاتقها تبني سياسات تعزيز صمود المواطنين وتغيير طبيعة برامجها ومشاريعها بشكلها الحالي سواء في الاغوار او غيرها.
وفي ختام مداخلته، قال العاروري انه ليس من الضروري ان ينجح الاحتلال في مساعيه لضم الاغوار ومن الممكن والوارد جدا ان يقوم الشعب الفلسطيني بالتصدي لهذا المشروع وان تأتي نتائج معاكسة للتي يتوقعها الاحتلال.
وفي الجانب المخصص للآثار الاقتصادية لضم الاغوار من الجلسة، استغرب د.عبد الكريم الاراء التي تعتبر الاغوار الفلسطينية جوهرة وفعليا لم تقم بتقديم ما يعزز صمود المواطنين في الاغوار وتركتهم يواجهون الاحتلال وحدهم بدون توفير اي شكل من أشكال مقومات الصمود.
وركز عبد الكريم على ضرورة اعتماد الحكومة سياسات مختلفة تجاه الاغوار والعمل على تعزيز الصمود والاستثمار في القطاع الزراعي لأن من يريد المواجه يجب عليه ان يملك مقومات البقاء والصمود، كما يجب زيادة الموازنة الممنوحة للقطاع الزراعي والتي تعتبر مخجلة ولا ترتقي لموازنة قطاع زارعي حيث تشكل ما يقارب 1% من الموازنة العامة للحكومة.
واضاف أن اهمية الاغوار حاليا تكمن في انها ستكون العمود الفقري الاقتصادي للدولة الفلسطينية مستقبلا وان ضمها سيقضي على هذه الفكرة.
وعن خيارات ضم الاغوار، قال عبد الكريم انه من الوارد جدا ان تقوم اسرائيل بضم الاغوار بدون اي رد فعل وتقضي هذه الخطوة على حلم الدولة الفلسطينية وتؤسس لمرحلة المناطق الفلسطينية المعزولة لانه سيتبعها ضم الكتل الاستيطانية في الضفة وهو الامر الذي سيلحقه تبعات اقتصادية سيئة على الشعب الفلسطيني، ومن الوارد ان تحدث حالة من الرفض والعصيان والتمرد على هذه القرار ويفشل وتتحقق الدولة الفلسطينية ويكون له تبعات اقتصادية ممتازة، كما انه من الوارد ان يقوم الاحتلال بتأجيل الضم مؤقتا وهنا يقع على عاتق الجميع العمل لإحباط هذه المخططات مستقبلا.
ورأى د.عبد الكريم بأن المعركة الحقيقية هي معركة على الارض وعلى المياه والزراعة، وأن على الحكومة الفلسطينية اعادة النظر بسياستها الاقتصادية كاملة والعمل على اعادة الاعتبار للقطاع الزراعي، كما يقع على عاتق القطاع الاهلي العمل مع السلطة في الاغوار لتعزيز صمود المزارعين والمواطنين.
وتم فتح نقاش معمق بناء على المداخلات التي قام بها الخبراء الثلاث والتي تم بموجبها نقاش الخطوط العامة التي تهدف للتصدي لخطط الضم.
كما دعت الإغاثة الزراعية لتوحيد الجهود بين كافة الفاعلين لبناء جبهة وطنية لمقاومة الضم وتعزيز صمود المواطنين في تلك المناطق المحرومة من خلال العمل على استصلاح الاراضي ومد خطوط المياه وشبكات الري، وهو الامر الذي يسهم في تعزيز مكانة الاغوار اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.