التنسيق الأمني الذي أوقفته السلطة الوطنية الفلسطينية هو ما نص عليه اتفاق أوسلو عام 1994 وهو الذي يمنع أي عمل عنف ضد إسرائيل.
والتنسيق الأمني كذلك هو ما تقوم به حماس في غزة بالتطبيق الفعلي الأمين خصوصاً مع الاتفاق الذي جاء بعد الحرب التي شنت على غزة عام 2012، والتي تضمنت عدة بنود، والتي ينص فيها البند الثالث على أن تلتزم حركة حماس بملاحقة أي فصيل أو مجموعة تخترق التهدئه التي ستستمر خمسة سنوات قابلة للتجديد، وكذلك ما جاء في البند السابع والثامن والذي تعهدت حماس من خلالهما بضمان تنفيذ الاتفاق وعدم إطلاق أي صاروخ من قطاع غزة، وبوقف تهريب السلاح من الحدود المصرية إلى غزة.
وقد تحول بالفعل منع إطلاق النار عبر الحدود بين غزة والاحتلال إلى اعتقال وملاحقة ولم يقدر فصيل واحد أن يتحدى الاتفاق الحمساوي الاسرائيلي غير المكتوب مباشرة بين الطرفين، ولكنه المطبق بيد من حديد، وتم وصف من يطلقون الصواريخ والقذائف على غلاف غزة بالخونة والخارجين عن الصف الوطني وتكرر هذا الوصف من بعض قيادات حماس والجميع يعرفهم جيداً.
وفي هذا الجانب ليس للسلطة الفلسطينية ميزة كما حال حماس سوى أنها كانت أكثر صدقا ولكن كليهما كان منخرط في التنسيق الأمني، بغض النظر عن التهليل والتطبيل عبر منابر حماس ضد السلطة وتخوينها باعتبار تنسيقها تعاون وعمالة، أما تنسيقها فهو حسب الأصول الشرعية.
وفي الإطار فقد أوقفت السلطة الفلسطينية (التنسيق الأمني) وتم اتخاذ القرار بعد عدة تهديدات من الرئيس أبو مازن.
وهنا يجب القول أن هذا الوقف للتنسيق الأمني من قبل الرئيس محمود عباس سيبقى محفوفا بالمخاطر ويفقد زخمه إذا لم يرتبط بوقفه من طرف حماس في غزة ، لأن قوة الفعل لهذه الخطوة الكبيرة تأتي فقط من تراكم الزخم الوطني والوحدوي الفلسطيني في كل الوطن.
وحتى يتم وقف التنسيق الأمني يجب ترك المجال لرجال المقاومة أن يقوموا بواجبهم دون عوائق أو ملاحقات ولن يكون لوقف التنسيق أثر كبير إلا إذا ترافق مع اتفاق الكل الفلسطيني، ولهذا ستجد كل الفصائل الفلسطينية نفسها مطالبة بالمقاومة اليومية في الضفة وغزّة.
وهنا لا بد من القول إنه لن يجد الوقف للتنسيق الأمني الأهمية والتأثير إلا إذا ترافق هذا الفعل المقاوم من غزة مع الفعل المقاوم في الضفة صفا واحدا وفي خندق واحد.
وهنا لا نريد الشعارات الكاذبة والمقولات الفيسبوكية ولا نريد أن يفرح أحد في أحد بل يجب أن نكون على تنسيق دائم حتى ندرك المطلوب منا جيداً في هذه المرحلة ونحن نقدم حياتنا فداءا للوطن ونحول بيوتنا الى متراس دفاعي أو هجومي ضد الاحتلال ونحمل روحنا بين كفينا.
إن وقف التنسيق الأمني ليس قرارا متسرعا وليس خيارا غير مكلف بل هو خيار استراتيجي لا يستطيع أبومازن لوحده أن يطبقه فهو بحاجة إلى الكل الفلسطيني، ولا تستطيع حماس فعل هذا لوحدها أيضا، وهنا يجب إنهاء هذه الحقبة من الإنقسام بين الأخوة الأشقاء والرجوع لحضن الوحدة الوطنية، فلا يحق لنا أن نستجدي العالم ونحن في خلاف داخلي دائم ونُستغل من هذا المحور أو ذاك.