ما مدى استعداد الجيش الإسرائيلي لحرب إقليمية على الأبواب؟

الإثنين 25 مايو 2020 03:54 م / بتوقيت القدس +2GMT
ما مدى استعداد الجيش الإسرائيلي لحرب إقليمية على الأبواب؟



القدس المحتلة / سما /

قال اللواء احتياط إسحاق بريك، مفوض شكاوى الجنود السابق، إن عدم جاهزية جهاز الصحة في إسرائيل لمواجهة وباء كورونا هو لا شيء بالنسبة لعدم جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب القادمة.
 
وكتب اللواء بريك في مقال في صحيفة "هآرتس" العبرية، قائلأ "الوباء سبب خيبة أمل عميقة لمئات ملايين الناس الذين لا يرون أي ضوء في نهاية النفق وفقدوا الأمل. لذلك، فإن تهديد الاشتعال إقليمي آخذ في الازدياد".
 
وأضاف بريك في مقاله "لا يوجد لإسرائيل أي رد عسكري مناسب على نظام الـ 250 ألف صاروخ وقذيفة الذي بني حولنا في العقد الأخير بإشراف إيران".
 
 حسب التقدير، في الحرب القادمة سيتم إطلاق نحو 3 آلاف صاروخ يومياً على الجبهة الداخلية في إسرائيل. عدد منها –الذي يزداد باستمرار– سيكون صواريخ دقيقة، وثقيلة، وتحمل رؤوساً متفجرة تزن مئات الكيلوغرامات، بعيدة المدى وضررها شديد، وكلها تقتضي الاعتراض. هذه الصواريخ ستتسبب بآلاف القتلى وانهيار البنى التحتية الوطنية ودمار لم نعرف مثله من قبل. رغم أن الجبهة الداخلية ستتحول إلى الساحة المركزية للحرب القادمة، إلا أنها لم تحظ في السنوات الأخيرة بالاهتمام والمعاملة الأساسية من قبل الجيش والدولة، في الوقت الذي نما فيه تهديد الصواريخ أمام ناظرينا.
 
ثمة تقدير بأن الجيش البري غير مستعد للحرب، كما أوضح “تقرير بريك” (الذي قدم لرئيس الحكومة في 2018)، في انتقادات مراقب جهاز الأمن ومراقب الجيش ومراقب الدولة في السنوات الأخيرة.
 
وبحسب بريك "حتى لو تم استثمار مليارات الشواقل في وسائل قتالية جديدة في الجبهة التكنولوجية في فترة رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، فإن التقليص الذي حدث في القوة البشرية الذي جرى بصورة غير حكيمة وغير ناجعة، أدى إلى التسبب بضرر حاسم في القدرة على التعامل مع هذه الوسائل القتالية والحفاظ عليها في مستوى جاهزية معقولة".
 
إضافة إلى ذلك، وبسبب نقص أيام خدمة الاحتياط والقوة البشرية المهنية، لم يتم تدريب وحدات الاحتياط، والوحدات النظامية أحياناً أيضاً، على استخدام السلاح الجديد.
 
إضافة إلى ذلك، تفشت في الجيش منذ عدة سنوات ثقافة تنظيمية وإدارية وقيادية لا تخضع لأي انتقاد. ودون علاج هذا المرض ليس هناك احتمال لعلاج الجيش وإعداده للحرب.
 
هذه الثقافة تتميز بعدم الانضباط وغياب المتابعة والتفتيش وعدم تعديل نتائج التحقيقات ونقص الإدارة والتكامل بين هيئات النظام. وهي تبرز أيضاً في الفجوات غير القابلة للجسر بين المهمات والقوة البشرية التي بقيت بعد تخفيضات غير حكيمة في أوساط رجال الخدمة النظامية وتقصير الخدمة للرجال. هذه الأسباب أدت إلى إخفاقات كثيرة، ونتيجتها الكارثية فقدان المهنية والدافعية وفصل القيادة العليا عن الميدان.
 
الأزمة الاقتصادية التي سنشعر بها في أعقاب وباء كورونا لن تسمح بالدفع قدماً بالوتيرة المطلوبة بالخطة متعددة السنوات “تنوفا”، التي طرحها رئيس الأركان افيف كوخافي. وهي تشكك بحجم مساعدة الولايات المتحدة للجيش الإسرائيلي لأن اقتصاد الولايات المتحدة قد تضرر أيضاً.
 
لا يوجد شك بأنه كوخافي قد استثمر تفكيراً وإبداعاً في الخطة متعددة السنوات التي يقودها، لكننا بحاجة إلى إضافة في الميزانية تبلغ عشرات مليارات الشواقل في العقد القادم من أجل تطبيقها. إن الركود العميق والعجز الذي يتوقع أن يشهده الاقتصاد الإسرائيلي يقتضي إعادة التفكير في هذا المسار: إذا انتظر الجيش ميزانيته المطلوبة كي ينفذ الخطة متعددة السنوات فسيمر وقت طويل، وهذا يمكن أن يكون متأخراً جداً.
 
الفكرة المنظمة للجيش يجب أن ترتكز على خلق قدرة هجوم ودفاع بالقوات التي لديه الآن، وعلى وضعها في وضع جاهزية عملية في أفضل صورة. على الجيش أن يطور قدرات ليزر لاعتراض الصواريخ، التي تقل تكلفتها بعشرات الأضعاف من إنتاج صواريخ مضادة للصواريخ. يجب أن يتم فوراً وقف القرار الذي اتخذ بتقليص مئات الدبابات في سلاح البر، كاستمرار للتقليص الجارف الذي تم في السابق، لأن الأدوات القديمة يتم تقليصها قبل وصول الجديدة، ونشأت فجوة كبيرة في استعداد الجيش البري للحرب. وتخفيض آخر بمئات الدبابات من نظام القوات كما تتوقع خطة “تنوفا” سيكون هو القشة التي ستقصم ظهر البعير. والجيش البري سيصل إلى انعدام قدرة أداء في حرب متعددة الساحات وسيكون في ذلك ضرر شديد آخر لأمن الدولة.
 
لقد وصلنا إلى وضع لا يوجد فيه لسلاح البر احتياطات ومرونة لتركيز جهد من أجل هجوم في قطاع واحد، مع الدفاع عن القطاعات الأخرى في حرب متعددة الساحات. إضافة إلى محاربة حماس والجهاد الإسلامي في غزة سيكون على الجيش الإسرائيلي أن يحارب في الساحة المستقبلية ضد حزب الله في لبنان وضد الجيش السوري الذي يملك أكثر من ألف دبابة ووحدات سلاح مشاة وكوماندو. وضد أعضاء الجناح العسكري في “فتح” في الضفة الغربية الذين سيطلقون النار في كل اتجاه. وضع كهذا يقتضي تركيز قوات كبيرة هي في الواقع القائم غير موجودة. هذا هو السيناريو الأكثر معقولية في اندلاع حرب إقليمية ليس لنا سيطرة عليها. الحديث يدور عن تشابك لا يعرف أحد كيفية توقعه مسبقاً، حرب قد تندلع حتى لو لم يُعنَ أحد باندلاعها.
 
لا أرى أي نافذة فرص لعدة سنوات من أجل بناء الجيش، كما قدر الجيش الإسرائيلي قبل تفشي كورونا، والعكس هو الصحيح. الفقر والجوع في الدول المعادية المحيطة بنا قد تدفع بالسكان إلى المظاهرات الكبيرة وإلى العنف ضد السلطة. حينئذ ستكون النتيجة زيادة احتمالية أن تقوم الأنظمة المهددة بمحاولة توجيه ضغط وغضب الجمهور الجائع نحو إسرائيل.
 
على الجيش أن يلقي بكل ثقله لمعالجة أسس الثقافة التنظيمية المعطوبة، ومنها أن يبني الجديد. ودون ذلك ليست هناك أي احتمالية لتحسين استعداده للحرب. وبدون مشابكة الأيدي مع الحكومة الجديدة سيكون من الصعب جداً التقدم.