قالت وسائل الإعلام العبريّة إنّها تُشكّك في أنْ يجرؤ رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، في وقف التنسيق الأمنيّ مع الاحتلال الإسرائيليّ، وعبّرت عن اعتقادها بأنّ التهديد الذي أطلقه والأنباء التي نُشِرت حول قطع العلاقات الأمنيّة بين الطرفين، لا تتماهى مع ما يجري على الأرض، لافِتةً بالقوت ذاته إلى أنّ التنسيق الأمنيّ يخدم مصلحة الطرفين، الإسرائيليّ والفلسطينيّ، على حدّ تعبيرها، كما أنّه لم يتضِّح حتى اللحظة فيما إذا كان عبّاس سيُلغي الاجتماعات الشهريّة التي يعقِدها مع رئيس جهاز الأمن العّام (الشباك الإسرائيليّ)، بحسب اعترافه وتصريحاته.
في السياق عينه كُشِف النقاب ليلة أمس الجمعة في التلفزيون العبريّ عن نقل مسؤول فلسطيني رفيع المستوى رسالة إلى إسرائيل يوم أوّل من الخميس مفادها أنّه على الرغم من إعلان رئيس السلطة الفلسطينية عن قطع العلاقات، إلّا أنّ بعض جوانب التعاون الأمني على الأقل ستستمر، كما أكّدت.
وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع أعلن عباس عن إلغاء جميع الاتفاقيات مع إسرائيل والولايات المتحدة، بما في ذلك التعاون الأمني مع الدولة العبريّة، بسبب تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية، وفي خطاب ألقاه أمام قادة فلسطينيين في رام الله، قال عباس إنّه سيكون على إسرائيل تحمل المسؤولية عن السكان المدنيين الفلسطينيين، على حدّ قوله.
ومع ذلك، أفادت أخبار القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ أنّ مسؤولاً فلسطينيًا رفيع المستوى لم تذكر اسمه بعث برسالة إلى الجيش الإسرائيليّة وجهاز الأمن العام (الشاباك) قال فيها إنّ بعض التنسيق سيستمر، وأنّ أجهزة الأمن الفلسطينية ستواصل بذل قصارى جهدها لإحباط هجمات ضد إسرائيل، حتى لو توقف التعاون مع إسرائيل فعلاً، إلّا أنّ المسؤول تعهد بأنه لن يُسمح للفصائل الفلسطينية بالعمل بحرية في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، كما قال المسؤول الفلسطينيّ الرفيع في رسالته للأجهزة الأمنيّة بكيان الاحتلال.
وأشار تقرير القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ إلى أن التنسيق بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية سيكون ضروريًا دائمًا لأنّ إسرائيل تسيطر على بعض الحواجز والطرق في الضفة الغربية، وقوى الأمن الفلسطينية تحتاج إلى التنسيق مع إسرائيل للمرور عبر تلك المواقع.
وكان من المقرر أنْ يلتقي رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية يوم أوّل من أمس، الخميس، بقادة أجهزة الأمن الفلسطينية لمناقشة تصريحات عباس، كما أكّد تقرير القناة الـ12، ولكن يوم الأربعاء، أبلغ اشتية وزراء حكومته بأن السلطة الفلسطينية ستقطع علاقاتها بإسرائيل، ولكنه لم يحدد كيف سيتم تطبيق الخطوة.
ولفتت المصادر السياسيّة والأمنيّة الإسرائيليّة إلى أنّه في خطابه الثلاثاء، أشار عباس إلى الاتفاق الائتلافي بين حزب نتنياهو، “الليكود”، وحزب وزير الأمن بيني غانتس، “أزرق أبيض”، الذي يسمح للحكومة الجديدة بضمّ مناطق مخصصة لإسرائيل بموجب خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام اعتبارًا من الفاتِح من شهر تموز (يوليو)، ويوم الأربعاء أعرب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن أمله باستمرار التعاون الأمنيّ، وقال بومبيو خلال مؤتمر صحافي عُقد في وزارة الخارجية الأمريكية: نأمل بأنْ تظل الترتيبات الأمنية قائمة، وبأنْ يستمر العمل الذي يتم على الأرض للحفاظ على سلامة الناس في إسرائيل والفلسطينيين، مُضيفًا أنّه ليس متأكِّدًا تمامًا من كيفية تفسير إعلان عباس بأن السلطة الفلسطينية ستنهي جميع الاتفاقيات مع سعي إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، على حدّ قوله.
جديرٌ بالذكر أنّ الفلسطينيين، الذين يقاطعون إدارة ترامب منذ اعترافها بالقدس عاصمةً لإسرائيل في العام 2017، رفضوا رفضًا قاطعًا خطة ترامب للسلام التي باتت تُعرَف إعلاميًا بـ”صفقة القرن”. وكان عباس قد هدد في مناسبات عدة في السابق بإبطال جميع الاتفاقيات مع إسرائيل، ومن غير الواضح ما إذا كان سيكون لإعلانه يوم الثلاثاء أيّ أثرٍ عمليٍّ، على حدّ قول المصادر الرفيعة بتل أبيب.