أعلنت الحركة الأسيرة داخل سجون الاحتلال، الخميس، رفضهم القاطع لما قامت به بعض البنوك من إغلاقها حساباتهم البنكية، مؤكدين ضرورة مقاطعة تلك البنوك اقتصادياً.
وقالت الحركة الأسيرة في بيان لها، عممه نادي الأسير الفلسطيني على وسائل الإعلام، "نؤكد وحدة الموقف فيما بيننا كأسرى، وأسرى محررين، ومؤسسات رسمية وأهلية عاملة في قضايا الأسرى من رفضنا القاطع لإجراءات البنوك، ونعلن تمسكنا التام بتنظيم الفعاليات والاحتجاجات الجماهيرية، والمقاطعة الاقتصادية لهذه البنوك، ومحاصرتها بكل الوسائل القانونية والشرعية المتاحة".
وأضاف الأسرى: "نحذر مجلس إدارة تلك البنوك من استمرار التعنت في موقفها، في الوقت الذي نراهن فيه على حسن انتماء القائمين عليها والعاملين فيها، باعتبار الشخصية المعنوية للبنك شخصية وطنية، ويقع عليها أيضاً عبء مواجهة الاحتلال ورفض قراراته لا الإذعان لها".
ورأى الأسرى في الموقف الأخير لعدد من البنوك العاملة في فلسطين موقفاً سلبياً ومداناً، مطالبين مجالس إدارتها مراجعة القرار الخاطئ الذي أقدمت عليه بإغلاق حسابات عوائل الشهداء والأسرى، مشددين على أن "الاستجابة المباشرة لمطلب الاحتلال بعيداً عن الالتزام بالمرجعيات الفلسطينية يُعدّ مؤشراً خطيراً للدور الوطني الذي من المفترض أن تؤديه هذه البنوك باعتبارها الذراع الاقتصادية لحماية المشروع الوطني".
وقال الأسرى في بيانهم: "إن مسألة إغلاق الحسابات مسألة سياسية محضة، وتمس بصورة جوهرية شرعية النضال الوطني، لذلك لا يمكن التحايل عليها بواسطة معالجتها من خلال تشكيل لجنة فنية أو غيرها وكأنها قضية إدارية".
ودعا الأسرى رأس المال الوطني من أصحاب المصانع والشركات الكبرى إلى لعب دور حمائي وفعال في الضغط على هذه البنوك لتعديل موقفها الذي سيترتب عليه تبعات خطيرة على المدى البعيد.
كما دعوا الغرف التجارية والصناعية في مختلف المحافظات إلى التداعي السريع لعقد اجتماعات لمجالسها المنتخبة ومساندة قضية الأسرى والضغط على هذه البنوك انطلاقاً من أنها غرف تجارية وطنية وشريكة أساسية في معركة الحرية والاستقلال.
وطالب الأسرى نقابة المحامين الفلسطينيين ببلورة موقف قانوني من هذه القضية بما يستجيب للحقوق الجماعية والفردية للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق عائلة الأسير أو الشهيد أو الجريح بأن تمتلك رقم حساب في أي بنك عامل على الساحة الفلسطينية، ومحاكمة البنوك بناء على ذلك.
كما طالبوا نقابة الصحفيين الفلسطينيين والعاملين في المجالات الإعلامية كافة بتنظيم حملة إعلامية وطنية توضح مخاطر المشروع المنوي تمريره، وضرورة التصدي له على المستويين الرسمي والشعبي.
وقال الأسرى: "إن التفافنا المتين حول موقف الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، ومن خلفه القيادة الفلسطينية بكل مكوناتها، الموقف الداعي إلى التمسك بدفع مخصصات أسر الشهداء والأسرى كحق وواجب غير قابل للانتقاص"، مشددين على أن أي تساوق مع مسألة نزع الشرعية عن النضال الوطني الفلسطيني بقصد أو بغير قصد يمثل اختراقاً مداناً للموقف الفلسطيني ويجب التصدي ومقاومته بكل الطرق والوسائل.
وقال الأسرى في بيانهم: "نطل عليكم عبر هذا البيان من زنازيننا المعتمة، ونحن نطير إليكم أطيب التهاني بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد أعاده الله علينا وعليكم وقد تحققت أمانينا الوطنية بالحرية والاستقلال، داعين العلي القدير إلى أن يمنحكم تمام الصحة والعافية في ظل جائحة كورونا، وأن يحميكم من كل مكروه، قد يلحقه بكم الاحتلال الصهيوني القذر، في ظل تصاعد وتيرة هجماته الوحشية على أبناء شعبنا في كل مكان".
وتابع الأسرى: "لا شك أنّ القضية الفلسطينية تمر بمرحلة صعبة وحرجة نظراً لكل الظروف الإقليمية والدولية والمحلية التي تحيط بها، الأمر الذي شجع الاحتلال وحلفائه بالانقضاض عليها اعتقادا منهم بأن الفرصة باتت مؤاتية لتوجيه ضربة قاضية للفلسطينيين والقضاء عليهم، هذا الاعتقاد الاستعماري الواهم الذي استنسخ نفسه عدة مرات على مدار قرن من الصراع، يؤكد بأن ذاكرة الاستعمار المبنية على الأطماع ذاكرة قصيرة، خاصة عندما تتناسى إرادة الشعب الفلسطيني صاحب الحق التاريخي في وطنه، والقادر على إسقاط أعتى المؤامرات، وعندما تتجاهل أهم درس من دروس التاريخ، بأن الشعوب لا تهزم وأن خسرت بعض معاركها".
وأضافوا: "إننا في الحركة الفلسطينية الأسيرة، بكل مكونات طيفها السياسي، نجدد لكم بيعة النضال والتضحية على أن نواصل مسيرة العطاء والكفاح حتى نهاية المشوار، فنبع إرادتكم التي لا تنضب هو الذي نستمد منه العزيمة والإصرار، وهو الذي يضيء علينا عتمة الزنازين، رغم مضي أربعة عقود على البعض منا خلف الجدران، ولم يرتعش له جفن أو تهتز له كف، وإنما ازداد صلابة وتمسكاً بحتمية تحقيق الانتصار وإنجاز الاستقلال، لأن ابتسامة طفل وُلد في مخيمات الشتات وهو يحلم بالعودة، ودمعة عجوز تغسل حجارة القدس من دنس المحتل، وصرخة وطن وهوية من على جبال الكرمل حاكتها حنجرة فنانة فلسطينية، وقطرة دم سالت في غزة، وأنبتت بحراً من الأمل بغدٍ مشرق، كل ذلك يجعلنا نقدم أرواحنا وأعمارنا قرباناً على مذبح الحرية بطوعية وبشاشة إسماعيل لأبيه إبراهيم".
وقالت الحركة الأسيرة: "لكي نبدد وإياكم الالتباس المتعمد الذي يحاول الاحتلال وزبانيته الترويج له، لابد من العودة قليلاً إلى الماضي القريب، فالمسائل المادية بالنسبة لنا لم تشكل في يوم من الأيام جزءاً من اهتماماتنا إلا بالقدر الذي يخدم الوطن، ويدافع عن كرامة المواطن، فعندما اخترنا طريق الجهاد والتضحية، اخترنا عن وعي وعن معرفة، ونحن على دراية تامة بما قد تؤول إليه حياتنا، لأن الوطن يحتاج إلى التضحية بالمال والأنفس، فمن يقدم دمه وحياته شهيداً أو جريحاً، ومن يقدم عمره أسيراً للدفاع عن فلسطين وأهلها لا يمكن أن يبخل عليها بالمال، بدليل أن الآلاف من الشهداء والأسرى، منهم من باع مصاغ زوجته لشراء بندقية، ومنهم من باع قطعة أرض، ومنهم من صرف كل ما يملك، ومنهم من هدم بيته ولم يقبض قرشاً واحداً كتعويض عما خسر، لأننا على استعداد أن نخسر أرواحنا ولا نخسر الوطن، نخسر أعمارنا ولا نخسر حجراً من حجارة القدس، نخسر كل أموالنا ولا نخسر روح مواطن فلسطيني واحد، نخسر كل شيء ولا نخسر كرامتنا فلسطين، من أراد أن يعرفنا فهذا هو نحن، هذه ليست شعارات، فالقيد مازال يدمي معاصمنا، والاحتلال مازال جاثماً فوق صدر الوطن!".
وأكد الأسرى: "انطلاقاً من هذا الفهم البسيط لمعادلة الصراع، فإننا لا نرى في الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على مخصصات أسر الشهداء والأسرى سوى محاولة بائسة جديدة لنزع الشرعية عن النضال الوطني الفلسطيني، ودمغه بصفة الإرهاب، وما ذلك إلا إضافة حلقة جديدة لحلقات الأنشوطة التي يسعى الاحتلال إلى إعدام المشروع الوطني الفلسطيني من خلالها، فها هو يسعى إلى تفكيك وكالة الغوث للقضاء على قضية اللاجئين، ويكد ليلاً نهاراً من أجل تهويد القدس على أمل طمس هويتها العربية الإسلامية، ويعمل على مزيد من التوسع الاستيطاني لتثبيت أركانه في كل أرجاء الوطن، لذلك فإن الاحتلال يدرك تمام الإدراك بأن نزع الشرعية عن النضال الوطني الفلسطيني تمثل عقدة الموت الأخيرة في أنشوطته للرواية التاريخية الفلسطينية، فإذا سقطت شرعية النضال، فكيف لنا أن نحارب من أجل فلسطين، والقدس، والعودة، والحدود، والحرية، والاستقلال؟".
وشدد الأسرى على أن "نزع شرعية النضال الوطني سيحيلنا إلى غرباء في وطننا، وهذه الشرعية لا يمكن نزعها بغير الإرادة الفلسطينية، وهذا ما لم ولن يحدث أبداً مادام فينا امرأة واحدة قادرة على الإنجاب".
وقال الأسرى: "إنه يؤسفنا أن نطل عليكم هذه الإطلالة التي فرضتها علينا القرارات الخاطئة التي يسقط في فخها البعض الفلسطيني دون أن يدرك عواقبها، كما أننا نريد التخفيف عليكم، لا أن نثقل كواهلكم بمزيد من همومنا، ومع ذلك ثقتنا الكبيرة بكم هي التي تدفعنا دوماً إلى الاتكاء عليكم كلما أطلَّ الخذلان برأسه، وحتى نلتقي وإياكم أحراراً تحت سماء الحرية فوق ثرى القدس المحررة، لكم منا العهد بأن نبقى الأوفياء لقضيتنا وشعبنا حتى نيل الحرية والاستقلال".