أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ نافذ عزام، أن صناعة النصر على الأعداء، تتطلبُ نهوضاً من كل مكونات الأمة، التي يندى لحالها الجبين.
وتساءل الشيخ عزام بمرارة، في ذكرى معركة بدر: لماذا تعجزُ الأمةَ اليومَ عن صناعة بدر أخرى؟! ..لماذا لا تستفيد الأمة من ذلك الإرث المبارك في تعديل أوضاعها، والنهوض من جديد؟!.
وأضاف "إنه السؤال الموجع، والأمر يتعلق بنا نحن بالأمة، وحكامها، وقادتها، وكل فئاتها، ومكوناتها، فوعد المولى قائم، "يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً، ويكفر عنكم سيئاتكم، ويغفر لكم، والله ذو الفضل العظيم"..
وأوضح الشيخ عزام أن "الفرقان نصنعه نحن.. تصنعه الأمةُ وطلائعها إن التزمت بتقوى الله"، مبيناً أن هذا هو شرطُ الآية الأساسي.. شرطُ النصر وصناعة فرقان جديد كيوم الفرقان الأول..
وشدد على أن "هذا وعدٌ يجب أن تحمله الأمة وتتحرك به لتهزمَ الباطل والشر، وتستعيد فلسطين، ومعها تستعيد دورها العظيم".
واستعرض الشيخ عزام وقائع المشهد يوم بدر، وأبرز العوامل الذي حققت ذلك النصر المؤزر، وبعض الدروس المستقاة منه.
ولفت إلى أن السابع عشر من رمضان، ارتبط بواحد من أهم الانجازات والانتصارات في تاريخ الأمة.. انتصار بدر، الذي وصفه الحق تبارك وتعالى بالفرقان.. وأنزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.. واستحق فيه المسلمون أن تتنزل الملائكة لتقاتل معهم، وأن يُسخر الله عز وجلّ آيات الكون لتكون مع المسلمين وفي خدمتهم.
ونوه إلى أنه في بدرٍ كانت كل الحساباتُ تشير لغلبة معسكر الشر.. كانت موازينُ القوى تميلُ بشكلٍ صارخٍ لصالحِ قريش.. ٣١٤ من المؤمنين أمام ٩٥٠ مشركاً.. ٧٠ من الإبل في مواجهة ٧٠٠.. فرَسَان ضد ١٠٠ فرس.. هكذا كانت الصورةُ يوم الجمعة السابع عشر من رمضان، من العام الثاني الهجري، وأكثر من ذلك كانت الدولةُ الفتيةُ الناشئة تقف في مواجهة قريش صاحبة السمعة والصيت والهيبة في كل جزيرة العرب.
وبحسبه فقد "كان الثلاثمائة والأربعة عشر يُمثلون خلاصةَ الخير، بل كل الخير على وجه الأرض، كما عبّر الرسولُ الكريم في دعائه وضراعته قبل المعركة "اللهم إن تُهلِك هذه العصابة لن تُعبد في الأرض".. في هذه الأجواء جرت المعركة، وحقق المسلمون أهم وأكبر انتصار في تاريخ الإسلام كله".
وبيِّن عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن هذا الانتصار تحقق بفضل الله أولاً، وبعد ذلك بسبب وجود القيادة الحكيمة الراشدة، متمثلةً في شخص النبي (صلى الله عليه وسلم)، وثانياً بسبب التعبئة الصادقة والفعّالة، وثالثاً بسبب تحديد هدف واضح لتلك الحرب، وهو الحفاظ على منهج الخير، وقيم الخير، فالجميعُ كان يعرفُ، وفي المعسكرين أن هزيمة المسلمين تعني نهاية الدين الجديد، وتعزيز سطوة الباطل والشر.
ولم يغفل الشيخ عزام أهمية الشورى في تحقيق ذلك النصر بشكلٍ عملي، واحترام النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه وجنوده والاستجابة لآرائهم، حتى لو خالفت رأيه، مستشهداً بما حصل مع الحباب بن المنذر، أحد أفراد ذلك الجيش، والذي اعترض على المكان الذي اختاره النبي للمعركة، ونزل النبي عند رأي الحباب.
وعقب الشيخ عزام على هذا الأمر قائلاً :"كان من الطبيعي أن ينتصر الجيشُ الذي تُحركه الدوافع النبيلة، والذي يسعى أفراده لبناء عالم أخلاقي ومؤمن ومتوازن، وكان من الطبيعي أن تحِلَّ الهزيمةُ بالجيش الآخر الذي أصرّ على عدم الرجوع كما قال قائده الأحمق والغبي أبوجهل، حتى يَرِدَ بدراً فيُقيمَ ثلاثاً يشربُ الخمر، وينحر الإبل، وتعزف المغاني، ويظن أن تلك الأشياء ستفرض سطوته على العرب إلى الأبد"، منوهاً في السياق إلى أن هذا الموقف الذي كان عليه أبا جهل يُحاكي عالم اليوم، عندما تغيبُ الدوافع، ويغيبُ العقل، وتتسع دائرةُ الفاحشة، هي نفس صفات معسكر أبي جهل، وعتبة، وأمية بن خلف، فما الذي يؤخر إذاً جيش سعد بن معاذ، والمقداد، والحبّاب، وأبي بكر وعلي وعمر؟!!..