كشفت مصادر سياسيّة رفيعة وواسعة الاطلاع في تل أبيب عن أنّ حدثيْن إستراتيجيين مُهّميْن للغاية عاشتهما وما زالت تشهدهما منطقة الشرق الأوسط، ولكن بسبب الاهتمام الإعلاميّ المُكثّف بجائحة الـ”كورونا” المتفشيّة لم يتّم إعطائهما حقهمّا في وسائل الإعلام على مختلف مشاربها، وفي وسائط التواصل الاجتماعيّ، وتابعت المصادر قائلةً، كما أكّدت مساء أمس الجمعة، مُحلِّلة الشؤون السياسيّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، دانا فايس، تابعت قائلةً إنّه خلال الاهتمام بتطورّات فيروس الـ”كورونا” الفتّاك، زادت الدولة العبريّة من هجماتها ضدّ الأهداف الإيرانيّة في سوريّة، وهو الأمر الذي دفع وزير الحرب في كيان الاحتلال، نفتالي بينيت، إلى القول إنّ إسرائيل تقوم بعملياتٍ كثيفةٍ جدًا لمنع إيران من التمركز في سوريّة، فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيليّة أخرى عن مصادر في دوائر صنع القرار السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب قولها إنّ إيران “تنازلت” عن تمركزها في بلاد الشام، وأنّها بصدد الانسحاب الكامل من سوريّة، على حدّ تعبيرها.
وفي السياق عينه، نقل محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان،عن مصادر رفيعةٍ في المؤسسة الأمنيّة قولها إنّ الوزير بينيت، وجّه رسالةً حادّةً كالموس إلى الهيئة العامّة لقيادة أركان الجيش الإسرائيليّ مفادها أنّ السياسة في عهده تغيّرت، وأنّه انتقل عمليًا من سياسة الردّ على الاستفزازات الإيرانيّة في سوريّة، إلى سياسة المبادرة وتوجيه الضربات للأهداف الإيرانيّة المُنتشرة على الأراضي السوريّ، وأنّ هذه الهجمات ستكون مُكثفّةً جدًا، طبقًا للمصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب.
أمّا الحدث الثاني، الذي عاشته منطقة الشرق الأوسط وما زالت ارتداداته تُلقي بثقلها على مجريات الأحداث في إيران وإسرائيل فكان إطلاق إيران صاروخًا جديدًا، حيثُ قال المُراسِل السياسيّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، إيتمار أيخنر، قال نقلاً عن مصادر رفيعةٍ في تل أبيب إنّ إيران أطلقت لأول مرة قمرًا اصطناعيًا عُرّف رسميًا بأنّه عسكريّ من طرف الحرس الثوريّ واسمه بالعربيّة (نور)، وكشفت في أثناء ذلك عن منصّةٍ جديدةٍ لإطلاق الأقمار الاصطناعيّة، وعن تدشين موقع جديد لإطلاقها، مُضيفًا أنّ هذه الخطوات تُعطي انطباعًا بأنّه على الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بإيران جرّاء فيروس الـ”كورونا”، فإنّها لا تهمل جهوزيتها العسكريّة.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، كشفت القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ أمس الجمعة النقاب عن أنّ المجلس الوزاريّ المُصغَّر للشؤون الأمنيّة والسياسيّة عقد مساء أوّل من أمس الخميس وُصِفت بأنّها سرية للغاية، حيث أمر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، جميع الوزراء الذين شاركوا في الجلسة بعدم نقل أيّ معلومةٍ عمّا جرى في الاجتماع، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه، على ما يبدو، يقوم صُنّاع القرار في المنطقة وخارجها بـ”طبخ” حدثٍ إستراتيجيٍّ كبيرٍ يغير وجه المنطقة ، في إشارةٍ واضحةٍ لعمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ إيران وحزب الله وسوريّة، على حدّ تعبيرها.
وشدّدّت مُحلِّلة الشؤون السياسيّة بالتلفزيون العبريّ على أنّ وزير الخارجية الأمريكيّ مايك بومبيو، سيزور إسرائيل في الـ13 من الشهر الجاري، وهو اليوم الذي ستؤدي فيه الحكومة الإسرائيليّة الجديدة القسم، ليكون بذلك واحدًا من بين أوائل المسؤولين الدوليين الذين يستأنفون جولاتهم الخارجية برغم تفشي وباء الـ”كورونا” في جميع أنحاء العالم تقريبًا.
وقال بيان لوزارة الخارجية الأمريكية إنّ بومبيو سيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الكنيست بيني غانتس في القدس من أجل التباحث في الجهود الأمريكيّة والإسرائيلية لمكافحة الوباء ومسائل الأمن الإقليميّ ذات الصلة بتأثير إيران السلبيّ، كما قال البيان>
وتابع التلفزيون العبريّ أنّ نتنياهو قد يؤجّل جلسة القسم للحكومة الخامسة برئاسته بسبب زيارة بومبيو، مُضيفةً في الوقت عينه إلى أنّه كان لافتًا للغاية الإعلان الإسرائيليّ الرسميّ الصادر من ديوان رئيس الوزراء نتنياهو حول الاتصال الذي أجراه أمس الجمعة مع الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتن، وهنأه بمُناسبة الذكرى الـ75 للانتصار على النازيّة في نهاية الحرب العالميّة الثانيّة، مؤكِّدةً إنّ هذا الاتصال بين بوتن ونتنياهو تناول، وفق المصادر في إسرائيل، قضية الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وتأثيرها الذي وصفته بالتخريبيّ في المنطقة، كما قالت، وخلُصت المُحلِّلة إلى القول، نقلاً عن المصادر الرفيعة في تل أبيب، إنّ الأحداث الأخيرة لا تأتي من باب الصدفة، مُشيرةً إلى وجود تنسيقٍ بين تل أبيب وواشنطن من ناحيّة، وبين موسكو والدولة العبريّة من الناحيّة الأخرى.