تنسحب إسرائيل عند الساعة الخامسة من مساء اليوم، الخميس، من جيب الغمر الواقع جنوبي البحر الميت إلى الأردن، بعد أن كانت قد سلّمت منطقة الباقورة إلى الأردن، في 9 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. واستخدم مزارعون إسرائيليون منطقتي باقورة والغمر للزراعة، في أعقاب توقيع اتفاقية "وادي عربة" للسلام بين الجانبين، عام 1994، وامتدت فترة استئجار المنطقتين 25 عاما.
وكانت الحكومة الأردنية أعلنت، في نهاية العام 2018، أنها لن تمدد عقد تأجير المنطقتين لـ25 عاما، وذلك بموجب الاتفاقية التي نصت على وجوب الإعلان قبل سنة من انتهاء الاتفاقية عن عدم تمديدها لـ25 عاما آخر.
وجاء قرار الحكومة الأردنية على خلفية التوتر في أعقاب سلسلة أزمات في العلاقات بين الجانبين، بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وضغوط الشارع الأردني إثر ذلك على الحكومة، التي وصلت إلى حد المطالبة، مرارا وتكرارا، بطرد السفير الإسرائيلي من عمان.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، أن المزارعين الإسرائيليين استخدموا أراضي الغمر منذ 36 عاما، وأنه "يتعين على المزارعين، الآن، خوض نضال بيروقراطي ضد الحكومة الإسرائيلية، التي حوّلت إليهم جزء من الميزانية التي تعهدت بها، وليس المبلغ المطلوب، بقيمة 20 مليون شيكل، من أجل بناء دفيئات زراعية جديدة داخل إسرائيل".
ويلقي المزارعون باللائمة على الحكومة الإسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن رئيس المجلس الإقليمي "العربة الوسطى"، أيال بلوم، قوله إن "إخلاء منطقة زراعية عملت لسنوات طويلة هو أمر مؤلم جدا. والحكومة ساعدتنا في دفع ميزانية من أجل تجهيز منطقة بديلة، وأتوجه مرة أخرى داعيا رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) ومدير عام مكتبه بتحويل الميزانية لانتقال المزارعين بشكل سريع".
وأضاف بلوم أنه "يجب أن نتذكر أن الدولة هي التي أرسلت مزارعينا إلى فلاحة منطقة الجيب (الغمر) في الأردن. والآن بقيت عائلات كثيرة من دون مصدر رزق. والدولة ملزمة بإحضار ميزانيات أخرى وعدم التخلي عن المزارعين الذين تم إخلائهم من المنطقة الأردنية".
وقال إيرز غيبوري، وهو أحد المزارعين الذين تم إخلائهم من الغمر، إن "هذا أمر صعب بالنسبة لنا، لأن الأسباب ليست مبررة بشكل كاف. فقد كان بإمكان إسرائيل التغلب على هذه الأزمة. ويبدو أن هذا لم يكن مهما بالدرجة الكافية بالنسبة لصناع القرار، لأنه لو كان هاما لكان بالإمكان التغلب على ذلك".
وواصل غيبوري انتقاد حكومة بلاده، قائلا إن "المزارعين كانوا ورقة مساومة بين الدولة وكيرن كييمت ليسرائيل (الصندوق الدائم لإسرائيل، الذي يدير الأراضي). والعام الزراعي 2021 ضائع بالنسبة لنا". ويطالب المزارعون بتعويضات كي لا يكون 2022 "عاما ضائعا" أيضا.
ووفقا لغيبوري، فإن "مكتب رئيس الحكومة بذل الكثير من أجل مساعدتنا. وكيرن كييمت هو الذي عرقل العمل من أجل تجهيز الأرض انطلاقا من دوافع خبيثة، وبسبب مشاكل سياسية مقابل الحكومة الإسرائيلية. ونحن كنا رهائن، من أجل مطالبة الحكومة بأمور ليست مرتبطة بنا".
وقال مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية معقبا، إنه بلور خطة وصادق على ميزانية خاصة من وزارة الزراعة من أجل تجهيز أراض بديلة للمزارعين.
وفي إطار تبادل الاتهامات، قال "كيرن كييمت" معقبا، أن "المسؤولة عن أنه لا يمكن لكيرن كييمت تنفيذ العمل في الأراضي (البديلة) هي وزارة المالية، التي تسببت قراراتها بتجميد الوضع… ونحن مقتنعون بأن الحكومة الجديدة ستغير القرار الخاطئ وتسمح لكيرن كييمت بالعودة إلى تنفيذ أعمال هامة من هذا القبيل".