حث مجلس الأمن القومي الإسرائيلي خلال مداولات حول مواجهة انتشار فيروس كورونا، احتمال اندلاع عصيان مدني في البلاد، على خلفية تفاقم الأوضاع الاقتصادية والنفسية والصحية بين المواطنين. وحسب وثيقة أعدها المجلس لمداولات حول عصيان مدني، عُقدت قبل أسبوعين، وكشفت صحيفة "هآرتس" عنها اليوم، الأربعاء، استعرض المشاركون فيها أسبابا محتملة لاندلاع عصيان مدني ضد السلطات وطرقا ممكنة لمواجهته.
واستعرض المشاركون في المداولات، وهم مندوبون عن مجلس الأمن القومي والجيش الإسرائيلي وطاقم خبراء عينهم المجلس ويضم قرابة 30 مندوبا عن الأكاديميا وجهاز الأمن والشرطة والوزارات، سيناريوهين شملتهما الوثيقة. "عصيان مدني" أو "انعدام نظام مدني بحجم كبير"، مقابل "شعور بالضائقة قد يسبب غضب لدى الجمهور".
واعتبرت الوثيقة أن السيناريو الأول سيكون وضعا يكمن فيه "احتمال ضرر للأمد البعيد للديمقراطية والمجتمع الإسرائيلي". وقالت الوثيقة حول الاحتمال الثاني إن "الضائقة والغضب وحدهما لن يتسببا بظواهر اجتماعية بحجم واسع، على الأقل في الأمد الزمني القصير".
واستند واضعو الوثيقة إلى استطلاع أجرته قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي بواسطة شبكة الإنترنت، في نهاية آذار/مارس الماضي، وظهر فيه أن 88% من المستطلعين أفادوا بأن أزمة كورونا أثّرت على حياته بشكل كبير أو كبير جدا. وقال 75% إنهم يخرجون من البيت إذا كانوا مرغمين على ذلك فقط، بينما قال 19% إنهم لا يخرجون من البيت إطلاقا.
واستعرضت الوثيقة أسبابا لاندلاع عصيان مدني، بينها فقدان السلطات للسيطرة؛ فقدان الثقة بالمؤسسة السياسية؛ وفقدان الثقة بالمعطيات والتعليمات التي تصدرها السلطات. وتولي الوثيقة أهمية مركزية للضائقة الاقتصادية، وخاصة فقدان القدرة على تسديد إجار الشقة، قرض الإسكان، حسابات جارية أو شراء مواد غذائية، إضافة إلى نقص السيولة المالية.
وذكرت الوثيقة أن بين أسباب اندلاع عصيان، ترسيخ "كبش فداء" في الأزمة، مثل الحريديين والعرب والأجانب؛ شعور لدى فئات سكانية معينة بأن السلطات تهملهم، تراجع الأمن الشخصي، وتنفيذ مجموعات أو أفراد القانون بأنفسهم. وأضافت الوثيقة أن هذه الأسباب قد تدفع الجمهور إلى الاحتجاج ضد مؤسسات الدولة بشكل يشكل خطرا على "الديمقراطية والمجتمع الإسرائيلي" لأمد طويل.
وتابعت الوثيقة أن "روتين الحياة كله – العمل،ن الترفيه، الحياة الاجتماعية – توقفت فجأة بالنسبة للغالبية العظمة من الجمهور. ونهاية فترة الإقامة ليست معروفة، والجمهور يطّلع على تقديرات تتراوح ما بين عدة أسابيع وحتى أشهر طويلة"، الأمر الذي من شأنه التأثير على مدى الانصياع للتعليمات وسلطة القانون.
ويعترف واضعو الوثيقة بأنه في المرحلة الأولى من الإغلاق "تمت وضع اعتبار رفاهية الجمهور جانبا بسبب ضرورة لجم انتشار الفيروس"، وأنه بعد "إطالة مدة الإقامة في عزلة اجتماعية، فإن المطلوب لفت الانتباه ورصد موارد من أجل معالجة أسباب الضائقة لصالح الجمهور"، ومن دون ذلك، وفقا للوثيقة، فإن المواطنين سيصلون إلى ضائقة وعصيان مدني أو إلى حالة غضب عام عارم.
وبين الحلول التي تطرحها الوثيقة، تجنيد آلاف الشبان والشابات من كافة الفئات السكانية للمستشفيات، وتنفيذ أعمال لا تحتاج إلى تأهيل مهني معقد؛ التجنيد للحرس المدني لتنفيذ مهمات "أمن مجتمعي"، وبضمن ذلك دوريات ليلية وتزويد مواد غذائية وأعمال بنى تحتية؛ تشكيل فرق طوارئ اجتماعية، كتلك التي تعمل في بلدات "غلاف غزة".
ودعت الوثيقة الجيش الإسرائيلي إلى العمل في "المجال الإدراكي" من أجل خفض الغليان بين الجمهور، كما دعت الشرطة إلى تغيير التعامل مع المواطنين من خلال "تغيير إدراكي بين أجهزة تطبيق القانون" وتحت شعار "سلاح أقل رأفة أكثر"، من خلال زيارة مسنين وحيدين وإمدادهم بالطعام، وإمداد عائلات عربية بالطعام خلال شهر رمضان.