قال وزير المالية شكري بشارة، اليوم الاحد، إن انخفاضا حادا طرأ على ايرادات الحكومة بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، متوقعا أن يصل التراجع في هذه الايرادات إلى 60-70%.
وأكد بشارة، في لقاء مع صحافيين، عبر الانترنت، أن الحكومة ستبذل كل جهدها للحفاظ على صرف رواتب موظفيها كاملة، "حيث أثبتت أزمة المقاصة في 2019 أن الرواتب تشكل المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي"، و"سنعمل كل جهدنا على صرف الرواتب كاملة وفقا لما يتوفر لنا من امكانيات".
وكشف بشارة عن مباحثات مع إسرائيل لضمان تحويل مبلغ شهري يعادل المعدل المعتاد لعائدات المقاصة (500 مليون شيقل) على مدى الأشهر الستة المقبلة، وهي الفترة المحددة لموازنة الطوارئ.
وكان الرئيس محمود عباس صادق قبل أيام على موازنة طوارئ تقشفية لستة أشهر، بعجز يتجاوز 5 مليارات شيقل.
وقال بشارة: "نتوقع انخفاضا في الايرادات المحلية بمقدار الثلثلين، كما نتوقع انخفاضا حادا في ايرادات المقاصة، وبالمجمل نتوقع انخفاضا في كامل الايرادات بما لا يقل عما حدث إبان أزمة حجز عائدات المقاصة من قبل إسرائيل العام الماضي أي 60-70%".
ويبلغ معدل الايرادات المحلية حوالي 350 مليون شيقل شهريا، وصافي ايرادات المقاصة (بعد الاقتطاعات الاسرائيلية) حوالي 500 مليون شيقل.
ويبلغ معدل الانفاق الحكومي 1-1.2 مليار شيقل شهريا، منها حوالي 850 مليون شيقل فاتورة الرواتب.
وقال بشارة: "ما نتوقعه حاليا من ايرادات: حوالي 100 مليون شيقل شهريا فقط جباية محلية، و500 مليون شيقل من المقاصة في حال تم التوصل إلى اتفاق بهذا الخصوص مع الجانب الاسرائيلي، وحوالي 200 مليون شيقل دعم خارجي للموازنة، إضافة إلى حوالي 200 مليون شيقل قرض شهري من البنوك على مدى الاشهر الستة المقبلة".
وردا على سؤال حول ما إذا فشلت المحادثات مع إسرائيل بشأن تحويل المقاصة بمعدلها المعتاد، قال بشارة "هناك مؤشرات ايجابية، وفي حال لم يوافقوا (الاسرائيليون) نتوقع ألا تزيد ايرادات المقاصة بسبب تراجع الاستيراد والاستهلاك عن 250 مليون شيقل، وسنكون مضطرين لتدبر أمورنا بما يردنا من ايرادات".
وحدد بشارة ثلاث أولويات رئيسية في الانفاق بموجب موازنة الطوارئ، على رأسها القطاع الصحي، لافتا إلى تخصيص موازنة لهذا الموضوع منذ اليوم الاول لبدء الأزمة بمقدار 120 مليون دولار "ونحن نصرف كل ما تحتاجه الصحة والقطاعات المساندة كالأمن والمحافظين بشكل فوري ودون تأخير".
أما الاولوية الثانية، فهي بناء شبكة أمان للأسر المحتاجة وذوي الدخل المحدود، والثالثة "ضخ سيولة لموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص حسب الامكانات المتاحة، "وتجنب أية تراكمات في هذه المستحقات"، مؤكدا أن "إدارة الازمة ماليا يحتاج الى تقشف في جميع بنود الانفاق".
وقال بشارة "دخلنا في هذه الازمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا ولم تمض اشهر قليلة على خروجنا من أزمة احتجاز عائدات المقاصة معظم أشهر السنة الماضية، وكنا أعددنا موازنة عادية تعكس الاهداف التنموية للحكومة، خصصنا فيها حوالي 660 مليون دولار للمشاريع التطويرية".
وأضاف: كان العجز المتوقع وفقا للموازنة العادية حوالي 850 مليون دولار، كنا متفائلين بتغطيته بارتفاع في الايرادات بنسبة 9% نتيجة تحسن الاقتصاد وفقا لمؤشرات الربع الرابع من العام الماضي وأول شهرين من العام الحالي، واصلاحات جوهرية على رأسها معالجة الملفات العالقة مع اسرائيل وحجمها يصل حوالي 4 مليارات شيقل، إضافة إلى توسيع القاعدة الضريبية أفقيا (زيادة عدد المكلفين الملتزمين) وتقليصها عموديا (خفض شرائح الضريبة)، وأيضا معالجة ملف صافي الاقراض (المبالغ التي تقتطعها اسرائيل من اموال المقاصة لتسديد اثمان الخدمات وخصوصا الكهرباء المستحقة على شركات التوزيع والهيئات المحلية)"، موضحا ان اقتطاعات الكهرباء وحدها تبلغ حوالي 85 مليون شيقل شهريا (35 مليون شيقل عن الضفة و50 مليونا عن قطاع غزة).
وأضاف: "كنا متفائلين، فقد استفدنا عدة دروس من ازمة العام 2019، لكن مع ازمة كورونا، وجدنا انفسنا مضطرين للانتقال من الموازنة العادية الى موازنة طوارئ مبنية على الظروف الاستثنائية التي نمر بها، والتي نتوقع ان تترك أثرا عميقا ومباشرا على النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن التنبؤ بحجم الايرادات بات صعبا للغاية في ظل هذه الظروف".
وأكد بشارة انه في ظل موازنة الطوارئ "سيكون التركيز على مواجهة الوباء باسناد جهود وزارة الصحة والاجهزة الامنية والمحافظين، وتبني سياسة مالية ونقدية تدار يوما بيوم لتجنب اضرار لا يمكن اصلاحها لاحقا".
وتوقع وزير المالية استمرار الازمة لاشهر، وفقا للمؤشرات العالمية حول الوباء، "وستترك اثرا سلبيا بالغا على الاقتصاد، ونتوقع المزيد من التراجع في الاستثمار والاستهلاك والتحويلات من الخارج، وتوقف تام لقطاع السياحة"، متوقعا انكماشا شهريا في الاقتصاد بنسبة 1.5%، وهي قريبة من نتائج دراسة للجهاز المركزي للاحصاء بانكماش تراكمي هذا العام بنسبة 14%.
وردا على سؤال ان كانت الحكومة ستلجأ الى معادلة 2019 في صرف الرواتب (60% بحد ادنى 2000 شيقل) او معادلة شبيهة، قال بشارة: خلال ازمة 2019 ثبت ان الرواتب هي المحرك الاساسي للنمو، إذ انكمش الاقتصاد في الربعين الثاني والثالث من العام الماضي بنسبة 1.25%، وهي نسبة توازي تقريبا نسبة الخصم من الرواتب، فيما سجل الاقتصاد نموا بنسبة 1.7% في الربع الاخير نتيجة لاستئناف صرف الرواتب كاملة وسداد متأخرات الاشهر السابقة".
وأضاف: لهذا سنبذل جهدنا للحفاظ على صرف الرواتب كاملة، وتجنب ان تصبح الازمة كأحجار الدومينو، واذا حصل تخيفض فسيكون بسيطا للغاية".
واستدرك: "لا أحد يستطيع التكهن الى اين تسير الامور، ما نراه انخفاضا عموديا في كل مستويات الاقتصاد في العالم".
وأكد بشارة أن ما يتحصل من ايرادات يجري صرفه وفق أولويات عادلة تحدد شهريا من قبل مجلس الوزراء.
وردا على سؤال بشأن اجراءات تحفيزية للقطاع الخاص، قال بشارة إن "فلسطين تفتقر الى الادوات المالية المتوفرة في الدول الاخرى، إذ لا يوجد عملة تتيح طبع المزيد من النقود، كما لا يوجد سندات، ومحرومون من استغلال مواردنا، لهذا فإننا نعتمد على الاقتراض المباشر من البنوك، وهو نموذج فريد بين الدول".
وأضاف: "الحوافز للقطاع الخاص بحاجة الى نقاش طويل، أدوات التحفيز المتوفرة في الدول الاخرى غير متوفرة لدينا، وبدأنا من نقطة ضعيفة للغاية".
وتابع: "نسعى لوضع أسس لمساعدة الشركات الصغيرة، هناك أشكال عديدة يجري نقاشها ونأمل ان تتبلور بوضوح خلال شهر".
وبخصوص مستحقات القطاع الخاص، قال بشارة ان وزارة المالية كانت اعتمدت اواخر العام الماضي "وتيرة سداد متسارعة حتى شهر آذار الماضي، وخلال ايام سنتبنى نظاما للتعامل هذه المستحقات"، مؤكدا ان الحكومة "ستحافظ على تسديد هذه المستحقات ولو بالحد الادنى".