في الأراضي الفلسطينية، يقود رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بحضوره القوي وصوته الجهوري وحركته التي لا تهدأ وتحليلاته العميقة حملة مواجهة فيروس كورونا المستجد.
وبات إشتيه مطروحا في نظر كثيرين على أنه الخليفة المحتمل لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (84 عاما).
ويرى محللون إن أشتية يظهر متحكمًا في تفاصيل انتشار الوباء وقد اتخذ إجراءات سريعة حدت حتى الآن من عدد الإصابات بمرض كوفيد-19 التي بلغت 250 في الضفة الغربية المحتلة، بينها وفاة واحدة، بحسب أرقام رسمية.
وأظهرت استطلاعات الرأي وجود دعم كبير للحكومة برئاسة اشتية. وكلف عباس هذا الأخير منذ بدياة آذار/مارس تشكيل لجنة طوارىء مع صلاحيات تسمح لها بالتعامل مع الأزمة، بهدف تجنب الطريق البيروقراطي الطويل.
ويقول المحلل الإسرائيلي عوفر زالزبرغ من مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية "من الواضح أن اشتية ظهر أنه أبرز السياسيين الفلسطينيين" منذ تفشي فيروس كورونا، من بين مجموعة سياسيين يحتلون الواجهة السياسية منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات في التسعينات.
محمد اشتية (62 عاما) سياسي وخبير اقتصادي وُلد في قرية تل في شمال الضفة الغربية. انتخب عضوًا للجنة المركزية لحركة فتح عام 2009 وأعيد انتخابه في المؤتمر السابع عام 2016. شغل مناصب وزارية عدة ويحمل شهادة دكتوراه في التنمية الاقتصادية من بريطانيا، وعمل أستاذًا وعميدًا في جامعة بيرزيت وله العديد من المؤلفات في الاقتصاد والسياسة.
ويؤكد زالزبرغ "أن رئيس الوزراء أظهر كفاءة ومهنية ويدرك الفلسطينيون ذلك".
- إجراءات سريعة ومتقدمة -
ومع ظهور أول حالات الفيروس في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية في الخامس من آذار/مارس، حلت لجنة الطوارئ التي شكلها اشتية محل الوزارات، وأغلقت مدينة بيت لحم وأعلنت حالة الطوارئ في الضفة الغربية، وأقفلت المدارس ومنعت التجول...
وأكد مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في فلسطين جيرالد روكنشواب "أن الحكومة الفلسطينية اتخذت إجراءات متقدمة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وتقوم الحكومة ووزارة الصحة بإجراءات تفوق ما هو موصى به دولياً"، مضيفا "لقد تحركوا بسرعة كبيرة وتعاملوا مع الأزمة بجدية كبيرة".
وساعدت الإجراءات على الحد من انتشار الفيروس وتأثيره على البنية التحتية الصحية الضعيفة للفلسطينيين.
وتحتل اسرائيل منذ عقود الضفة الغربية التي تتمتع بحكم ذاتي محدود تديره السلطة الفلسطينية من مقرها في رام الله .
ويبدو محمود عباس الذي مضى على توليه السلطة 15 عاما غائبا الى حد بعيد في هذه الأزمة. وينتمي اشتية الى حركة فتح التي يتزعمها عباس.
ومنذ الانتخابات الرئاسية الفلسطينية في عام 2005 التي فاز بها عباس، لم تجر انتخابات رئاسية، وسط انقسام بين فتح وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
وعانى عباس من مشاكل صحية في السنوات الأخيرة، وانسحب إلى حد كبير من الحياة العامة منذ تفشي الوباء، وترددت شائعات كثيرة حول صحته.
وردّ أمين سرّ منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في تغريدة على تويتر في نهاية آذار/مارس على الشائعات بالقول "إن صحة الرئيس ممتازة وأنباء دخوله المستشفى مزيفة وباطلة".
في الوقت نفسه، كان اشتية يعقد مؤتمرات صحافية منتظمة وظهر عند نقاط تفتيش تابعة للشرطة.
ويقول مسؤولو المساعدات الدولية إن وزيرة الصحة مي كيله واشتيه يتواصلان بشكل منتظم، مشيرين الى أنهما "واضحان مع المانحين الدوليين بشأن الاستراتيجية لمكافحة فيروس الكورونا المستجد".
- "أزمة لم تنته" -
وكان آخر ظهور لعباس في العلن في الثالث من الشهر الجاري وقد ألقى خطابًا مسجلاً مدته أربع دقائق تم تفسيره على نطاق واسع أنه بهدف تأكيد أنه في صحة جيدة. بعد ساعة من الخطاب، عقد اشتية مؤتمرا صحافيا مدته 40 دقيقة للإجابة على أسئلة مفصلة حول مواجهة الفيروس.
وتقول المحللة السياسية الفلسطينية نور عودة عن اشتية "إنه شاب ديناميكي، ولديه طاقة. الجميع ممتن للغاية لأن هذا حدث في عهده".
وتضيف إنه مع وزراء مثل كيله التي تحمل شهادة دكتوراه في الإدارة الصحية، "فإن جيل الشباب من القادة الفلسطينيين يتولون المسؤولية ويظهرون أنهم يستطيعون القيام بعمل ممتاز".
وتشير إلى نقاط التفتيش الفلسطينية الخاصة بمتابعة تطبيق التدابير التي اتخذتها الحكومة والتي أقيمت في كل أنحاء الضفة الغربية، وهي حواجز مؤقتة يطلق عليها المسؤولون اسم "حواجز محبة".
وأظهر استطلاع للرأي أجراه فلسطينيون في الضفة الغربية نشر هذا الأسبوع الى أن 96% يثقون في تعامل الحكومة مع الأزمة. ومع صعود نجم اشتية، تحول الحديث إلى ما إذا كان بإمكانه في النهاية الحلول محل عباس.
ويقول زالزبرغ "إنها المرة الأولى التي يحصل فيها اشتية على مثل هذا الدعم بين الشعب الفلسطيني على أنه خليفة محتمل" للرئيس، مضيفا "لكن الأزمة لم تنته، وإذا تغيرت الأمور الى الأسوأ، قد يخسر كل شيء".