كتبَت رئيسة الصحة الجماهيريّة العالمية في جامعة إدنبرة، ديفي سريدهار في صحيفة "ذي غارديان" مقالة تبيّن فيها الأربعة سيناريوهات المُمكنة للحدّ من تفشي فيروس كورونا، واستئصالهِ.
وأوضحَ انتشار فيروس كورونا بالسرعةِ الكبيرة بين المجتمعات، تخبطات الحكومات وعدم القدرة عند غالبيّتها التعاطي مع الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي نتجت إثر تفشي فيروس كورونا عالميًا.
وأشارت سريدهار إلى أنهُ كان من الممكن استئصال الفيروس منذ البداية، في حالِ أنه "حدّدت الصين العامل المُمْرِض، وأغلقت حدودها، وأطلقت حملة غير مسبوقة للقضاء على الفيروس، وتضمن خروج عدد قليل جدًا من الحالات المصابة من البلاد."
وتابعت أن "الدول المجاورة كانَ عليها أن تبلّغ عن الحالات، مثل كوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ وسنغافورة، وتحدد بسرعة المصابين، وتتبع الأشخاص الذين كانوا بالقرب منهم، وتعزل حاملي الفيروس وتحتوي على انتشاره. من خلال هذه الاستراتيجية الثلاثية - الاختبار والتتبع والعزلة - ينجح الاستئصال".
وسجّل العالم حتى الآن أكثر من مليون حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا. وتجاوزت الولايات المتحدة الصين، بأكثر من 400 ألف حالة وتقترب من 13000 حالة وفاة. ونصف الحالات المؤكدة موجودة الآن في أوروبا.
بالمُقابل، تجهلُ الدول النسبة الحقيقيّة للمصابين بالفيروس بسبب عدم وجودِ إمكانيّة تحديد عدد الأشخاص الذين يحملون الفيروس ولا تظهر عليهم أعراض الفيروس. كما أن دور الأطفال في انتقال العدوى غير واضح؛ الأطفال ليسوا محصنين ولا يبدو أنهم يتأثرون بشدة.
وذكرت سريدهار أنه "بناءً على ما نراهُ من المعلومات المؤكدة، وردود الدول إزاء تفشي الفيروس؛ هناك أربعة سيناريوهات محتملة لكيفية إنهاء ذلك".
واعتبرت أن السيناريو الأول متعلّق باتفاقٍ بين الحكومات، وتُحاول دول في العالم أن تُجمع على خطة استئصال واحدة، تعتمد على تشخيص سريع ورخيص أيضًا، لنقاط الرعاية. وتغلق جميع الدول حدودها في وقتٍ واحد لفترة زمنية متفق عليها، وتشن حملة قوية لتحديد حاملي الفيروس ومنع انتقالهِ.
وتجدُ سريدهار أن انتشار الفيروس بقوةٍ وبسرعةٍ كبيرة، وامتناع بعض الدول عن التعاون فيما بينها. يقلّل إمكانيّة العمل وفق السيناريو الأول.
وتقدّر سريدهار أن السيناريو الثاني، أكثر ممكنًا إلى حد ما. بسبب التجارب الواعدة للقاحات المبكرة، وتحاول الدول أثناء انتظار اللقاح، الحدّ من انتشار الفيروس خلال فترة 12-18 شهرًا القادمة، عبر عمليات الإغلاق المتقطعة.
وتعملُ الدول على تجهيز قطاعها الصحي، في هذهِ الفترة، وإثر ذلك من الممكن تغيير تدابير الحجر والعزل المنزلي. بالمقابل، ستبقى أنظمة الصحّة متوترة، والتكاليف الاقتصاديّة للإغلاق ستكون مرتفعة، ومن الممكن أن تؤدي إلى بطالةٍ جماعيّة، علمًا أن الناس في البلدان الفقيرة ستتعرّض للموت جرّاء الإغلاق من سوء التغذية أو الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.
وتبيّن سريدهار أن السيناريو الثالث تتبعهُ حاليًا كوريا الجنوبية أثناء انتظارها لقاحًا، من خلال زيادة الاختبارات لتحديد جميع حاملي الفيروس، وتتبع الأشخاص الذي كانوا بالقرب منهم في العائلة والعمل والدراسة، و تصل مدّة الحجر الصحي إلى ثلاثة أسابيع.
ويتضمن ذلك تخطيطًا واسع النطاق، والتطوير السريع لتطبيق تتبع جهات الاتصال، وآلاف المتطوعين للمساعدة في المسح، ومعالجة النتائج، ومراقبة الحجر الصحي.
وأشارت سريدهار إلى أنه في حالة عدم وجود لقاح قابل للتطبيق في المستقبل المنظور، يتوجّب على الدول ضمن السيناريو النهائي، إدارة الفيروس عن طريق علاج أعراضه بدلاً من سببه.
ويهتمّ الأطباء والممرضين ضمن هذا السيناريو، إدارة العلاجات المضادة للفيروسات التي تمنع المرضى من التدهور إلى النقطة التي يحتاجون فيها للعناية المركزة، أو منعهم من الموت عندما يصلون إلى مرحلة حرجة.
وتجد سريدهار أن استخدام العلاج الوقائي لمنع ظهور أعراض الفيروس، بالاشتراك مع الاختبارات التشخيصية السريعة لتحديد المصابين سيكون علاجًا جيدًا، في البلدان ذات الموارد، ولكن بالنسبة للبلدان الفقيرة، سيكون هذا النهج صعبًا.
ويشهد العالم حاليًا تحدّيات إجراء توازنات بين مصالح الصحة العامة والمجتمع والاقتصاد، وإمكانيّة اعتماد الحكومات على بعضها البعض أكثر من أي وقت مضى. بينما ستكون نصف المعركة في الأقسام الصحيّ والمختبرات من أجل توفير أدوات طبية وتطوير علاج الفيروس.