تستعد إسرائيل لاستمرار انتشار فيروس كورونا في الضفة الغربية، ويخططون لاحتمالية انتشار هذا المرض في قطاع غزة.
تناقش إسرائيل إذا ما كانت تسمح للمريض الأول الذي سيتم اكتشافه في القطاع بالحصول على العلاج في إسرائيل رغم نقص الأسرة، أم ستخاطر بأن يسبب العدوى لمواطنين آخرين في القطاع.
مصدر في إسرائيل تحدث مع الصحيفة، قال إن إسرائيل تتخوف من أن يتسبب المريض الأول في القطاع بعدوى جماعية ثم بعبء كبير جداً على جهاز الصحة هناك.
حتى الآن، حسب هذا المصدر، لم تتحدث إسرائيل عن استيعاب مرضى الكورونا الذين تم تشخيصهم في الضفة، ضمن أمور أخرى، بسبب الخوف من أن لا يكون لدى جهاز الصحة الإسرائيلي ما يكفي من الأسرة لاستيعاب جميع المرضى الإسرائيليين في حالة تفشي الفيروس.
وأضاف هذا المصدر بأن لإسرائيل والسلطة الفلسطينية إجراءات مشتركة للتعامل مع الكوارث الطبيعية. ولكن لا يوجد أي إجراء لوضع مشابه حدث بسبب أزمة كورونا. “في حالة الكوارث الطبيعية، أنت تعتمد على مساعدة دول العالم، أو تعتمد على أن إسرائيل قوية بما فيه الكفاية لمعالجة جارتها أيضاً”، قال المصدر، وأضاف: “لكننا نعرف أن الوضع مختلف بالحديث عن الكورونا”.
عدد المصابين بالفيروس في الضفة حتى الآن هو 35 شخصاً. وفي هذه الأثناء لم يتم تشخيص أي مصابين بالفيروس في قطاع غزة. ولكن هناك في إسرائيل ومناطق السلطة من يستعدون لتأزم الوضع وازدياد عدد المصابين. في قطاع غزة هناك مصابان وضعا في الحجر بعد عودتهما من رفح، ولكن لا تظهر عليهما علامات المرض في هذه المرحلة. وهناك 1400 شخص من سكان القطاع في الحجر البيتي.
أمس، أجرى مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق لقاء لتقييم الوضع مع ممثلين من منظمات دولية ودول أجنبية برئاسة رئيس القسم المدني في مكتب منسق أعمال الحكومة، العقيد شارون بيتون، الذي قال في ختام اللقاء بأن “مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق يقوم بالتنسيق الوثيق والفعال مع السلطة الفلسطينية حول مواجهة الفيروس”. وأضاف بأن “هذه الخطوات بالتنسيق مع المجتمع الدولي حيوية في إطار حالة الطوارئ وضمان سلامة الجمهور في مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل”.
الأموال القطرية
في اللقاء تم اتخاذ قرار بأن يقف جيمي ماك غولدرك على رأس طاقم التنسيق لجهود منع انتشار الفيروس، وجيمي هو منسق الشؤون الإنسانية في مناطق السلطة الفلسطينية الذي سيقوم بالتنسيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وحماس.
وحسب مصدر مطلع في إسرائيل، تعهدت قطر بتقديم مساعدة تبلغ 10 ملايين دولار، وقام البنك الدولي بتحويل مساعدة بمبلغ 7 ملايين دولار من أجل علاج أزمة كورونا في السلطة الفلسطينية، المخصصة للقطاع والضفة الغربية. مصدر مطلع في إسرائيل على الموضوع أوضح بأن النقص الأساسي في الضفة وغزة هو في معدات حماية الطواقم الطبية في المستشفيات، ونقص وحدات الفحص.
قبل أسبوعين حولت إسرائيل للسلطة الفلسطينية 2500 وحدة فحص. وفي القريب ستصل إرسالية أخرى بنفس الحجم من منظمة الصحة العالمية، وإذا ما كانت الفحوصات إيجابية سيتم تحويلها للفحص في مستشفى “تل هشومير”. إضافة إلى ذلك، حولت إسرائيل أمس للمرة الأولى 200 وحدة فحص إلى القطاع. والنقص الشديد حسب تقدير جهات مهنية هو في الطواقم الطبية في قطاع غزة.
الافتراض هو أنه في حالة انتشار الفيروس في غزة، ولأن جهاز الصحة هناك في وضع بائس، فستكون حاجة إلى إعلان الحجر المنزلي العام على سكان القطاع. وحسب أقوال مصدر مطلع، فإنهم في غزة يفحصون استخدام المستشفى التركي الذي أقيم في القطاع قبل سنتين كمستشفى للكورونا، رغم أنه لم يعمل حتى الآن ولم يتم تعيين تجنيد طواقم له من قبل. إضافة إلى ذلك، تمت إقامة مستشفى ميداني في حاجز “إيرز” بتمويل من منظمة أمريكية، لكن لم يتم ربطه بالبنى التحتية حتى الآن، ومن المتوقع أن يكون فيه أيضاً نقص في الطواقم الطبية. على خلفية هذه الأمور، أشارت هذه المصادر إلى توقف التمويل الأمريكي لمنظمة الدول المتقدمة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كعامل يضعف الجهاز الصحي الفلسطيني.
من أجل علاج المصابين بكورونا ستضطر غزة إلى استخدام منتوجات تحظر إسرائيل دخولها الآن إلى القطاع. وحسب أقوال أحد المصادر حتى الآن، لم يطلب من إسرائيل تخفيف وتليين سياسة دخول هذه المنتوجات. وحسب المصدر، ربما تكون حاجة إلى فحص هل سيسمح بدخول بضائع “ثنائية الاستخدام”، التي تحظر إسرائيل دخولها إلى القطاع بسبب الاستخدام العسكري الذي يمكن أن يتم اسغلالها لأجله، مثل مياه الأوكسجين التي تستخدم كمادة مطهرة والتي يمكن استخدامها أيضاً لإنتاج المواد المتفجرة بدرجة تركيز معينة.
التقليص بدل الإغلاق
مسألة أخرى يجب على إسرائيل البت فيها وهي دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل. الخميس الماضي، انتهى الإغلاق الذي فرض في "عيد المساخر"، الذي لم يسمح في إطاره بدخول الفلسطينيين من الضفة والقطاع إلى إسرائيل باستثناء الحالات الإنسانية، مثلما حدث في الأعياد الأخرى خلال السنة، مثل "عيد الفصح وعيد يوم الغفران". وعند الانتهاء، قررت إسرائيل تمديد الإغلاق على القطاع، وتقليص عدد الفلسطينيين الذين سيسمح لهم بدخول إسرائيل من الضفة الغربية.
المبدأ الذي يقف وراء هذا التقليص بدلاً من الإغلاق الكامل هو إحصائي، مثلما يمكن ملاحظته في معظم جهود منع انتشار كورونا.
في هذه المرحلة تستمر إسرائيل في منع دخول العمال الفلسطينيين من بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا. في حين أنه في الظروف العادية، حسب التقدير، 8700 عامل فلسطيني من بيت لحم يعملون في إسرائيل. إضافة إلى ذلك، قررت إسرائيل السماح بدخول عمال فلسطينيين تحت عمر 50 سنة.
وحسب المصدر، فإن قرار منع دخول الأشخاص الذين أعمارهم فوق الخمسين سنة نبع من الرغبة في تقليص عدد الفلسطينيين ولأنهم من الشريحة التي تشكل إصابتها بالفيروس خطراً. ومن الخطوات المستقبلية التي يتم فحصها تقليص حركة العمال، مثلاً بواسطة المبيت في إسرائيل من الأحد حتى الخميس، أو تقليص الفروع التي تسمح بدخول العمال إليها مثل عمال الفنادق والزراعة والبناء. وأشار المصدر إلى أن الكثير من الفلسطينيين الذين يعملون في المستشفيات والعيادات، هم حيويون لا سيما في هذه المرحلة.
في هذه المرحلة، لا تمنع إسرائيل عمل الفلسطينيين في المستوطنات. وجهاز الأمن يدرك أنه سيكون من الصعب، وحتى المستحيل، الفصل بين السكان الفلسطينيين والسكان في المستوطنات التي في الضفة، لأنهم يتقاسمون فضاءات مشتركة مثل محطات الوقود والتجمعات التجارية في عدة مناطق في الضفة. ولأن المستوطنين يتنقلون بحرية إلى داخل إسرائيل ويتم علاجهم في المستشفيات داخل الخط الأخضر. لذلك، يقدّر جهاز الأمن بأن الاعتماد المتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية لن يسمح بفرض الإغلاق الشامل.