أشادت باحثة إسرائيلية، بخطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدة أن "أبو مازن" يقف أمام "الاختبار الأخير".
وفي تعليقها على قول الرئيس عباس في خطابه في اجتماع مجلس الأمن الثلاثاء الماضي: "نحن لسنا ضد أتباع الديانة اليهودية، المسلم الذي يقول أنا ضد اليهود، فقد كفر وليس مسلما"، اعتبرت الباحثة الإسرائيلية في الشؤون الفلسطينية رونيت مرزان، أنها "جملة شجاعة وبعيدة المدى، ولم يتم سماعها في أي يوم من أي زعيم فلسطيني، ولا حتى من ياسر عرفات الذي وقع على اتفاق أوسلو".
ونوهت في مقال لها بصحيفة "هآرتس" العبرية، إلى أنها "كانت أقوال تلقائية، لم تكون في خطابه المكتوب، وليس مؤكدا أن من قاموا بصياغة الخطاب قد فرحوا من سماعها"، موضحة أن "هذه الجملة يمكن أن تثير انتقاد شديد ضد عباس من قبل المعارضة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، التي تعتبر "صفقة القرن" فرصة لتوحيد الصفوف وجر السلطة لتحطيم الأدوات مع إسرائيل".
ورغم ذلك، فإن "عباس غير قلق مما تفكر فيه المعارضة، والأكثر أهمية بالنسبة له، هو إقناع أعضاء مجلس الأمن ودول الرباعية بأن السلطة، هي العنوان الوحيد لقيادة التسوية السياسية".
ورأت أن "أبو مازن يفضل إدارة صراع دبلوماسي وسياسي ضد صفقة القرن، بدلا من أن يتم ضبطه بعناق الدب الذي تقترحه المعارضة الفلسطينية، والانجرار نحو مواجهة عنيفة مع إسرائيل".
وتابعت: "جملة ليكن ما يكون، نحن لن نتوجه للأعمال الإرهابية؛ دوت في خطابه مرة تلو الأخرى، إضافة لأقواله عن السلام والشراكة، في محاولة يائسة لإقناع مجلس الأمن بأنه قد حان الوقت لمكافأته ومكافأة السلطة على هذا الموقف".
وأشارت مرزان، إلى أنه "من الصعب عدم التأثر من استمرار هذا الشخص الذي يطرق منذ أكثر من عقد باب الأمم المتحدة، لإقناع الدول الأعضاء بمنحه أمل للشعب الفلسطيني، والاعتراف بحقه في إقامة دولته على حدود حزيران 1967 إلى جانب إسرائيل"، منوهة أنه "توسل" في خطابه أمام الأمم المتحدة بقوله: "لا تقوموا بقتل أمل الشعب الفلسطيني".
وألمحت إلى أن عباس رغم تجديد رفضه "صفقة القرن"، إلا أنه ابتعد في خطابه عن الهجوم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقال: "أنا أعرف ترامب، لقد كانت بيننا محادثات جيدة جدا"، منوهة إلى أن "عباس يريد الإقناع، أن خطة أحادية الجانب يتم فرضها على الفلسطينيين لن تصنع السلام، وفي حال فقد الشعب الفلسطيني الأمل، فإن كل شيء سيتفجر".
وأضافت: "يبدو أنه بدأ يفهم، بأنه من أجل التخلص من التأثير السيء للمستشارين الأمريكيين، يجب عليه اقناع الإسرائيليين ودول الرباعية، بأن الطريقة الأفضل للتقدم نحو السلام؛ إجراء مفاوضات مباشرة أو من خلال مؤتمر دولي".
ونبهت إلى أن لقاء عباس مع رئيس الحكومة الأسبق يهود أولمرت، "يعطي إشارات للجمهور الإسرائيلي، أن عباس يريد العودة إلى التفاهمات السابقة مع أولمرت، والتي ربما كانت ستؤدي إلى اتفاق لولا محاكمة وسجن أولمرت".
و "في نهاية حياته السياسية، بدأ يفهم عباس أنه فوت عدد من الفرص لتحقيق حل سياسي، ولا يجدر به أن يضع نفسه في صف واحد مع الحاج أمين الحسيني، وهو بالتأكيد يسمع نصائح السياسيين الفلسطينيين المخضرمين مثل زياد أبو زياد (رئيس الوفد الفلسطيني للتفاوض بعد أوسلو)؛ بأن لا يرفض خطة القرن".
وقالت مرزان: "يوجد لأبو زياد الكثير من الانتقاد للخطة، ولكنه يعتقد بأن الطريقة الأفضل والناجعة لمواجهتها هي الموافقة على الأجزاء الجيدة فيها، والنضال لتحسين الأجزاء السيئة من خلال مؤتمر قمة دولي"، مبينة أن "عباس الذي يعتبر وريث غير ناجح لعرفات، والذي حدث في ولايته الانقسام الأشد إيلاما للشعب الفلسطيني، يقف الآن أمام الاختبار الأخير، وربما الأهم في حياته السياسية".
وقدرت أن "عباس بحاجة إلى واقعية سياسية وذكاء سياسي"، معتبرة أنه في حال "تم التوقيع على هذا الاتفاق، فيمكن أن نسميه "سلام الحكماء"، علما بأن عرفات الذي وقع على اتفاق أوسلو أطلق عليها "سلام الشجعان".