يديعوت احرنوت - بقلم غيورا آيلند: "نشأ في العشرين سنة الأخيرة فهم بأنه لا يوجد إلا حل واحد للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني وهو حل الدولتين. يقوم هذا الحل على خمس فرضيات: أولاً، سيحل النزاع جغرافياً في المجال الذي بين النهر والبحر؛ ثانياً، واجب أن تقوم دولة فلسطينية سيادية؛ ثالثاً، غزة والضفة الغربية يجب أن تكونا جزءاً من كيان سياسي واحد؛ رابعاً، الحدود بين إسرائيل وفلسطين ستقوم على أساس خطوط 67؛ وخامساً، لن تبقى مستوطنات إسرائيلية في داخل أراضي الدولة الفلسطينية. هذه الفرضيات الخمس خلقت صفر مرونة. كل خطة يحاول أحد ما أن يعرضها كانت مماثلة تقريباً لسابقتها. وفي هذا الوضع نشأت قطبية واضحة بين اليسار الإسرائيلي الذي تبنى مبادئ فكرة الدولتين (والفرضيات الخمس) وبين اليمين الذي عارض".
خطة ترامب تحرر فرضيتين وتضع ثالثة في الشك أيضاً؛ فهي تنقطع عن الالتزام بخطوط 67 كأساس للحدود، كما تلغي الفرضية التي تقول لن تكون مستوطنات إسرائيلية داخل المجال الفلسطيني. وبعملها هذا، فإنها تلغي أيضاً فرضية أن الحل يجب أن يتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ومن أجل أن تكون الدولة سيادية بالفعل، حتى لو كانت صغيرة ومجردة، فإنها بحاجة إلى كتلة حرجة من القدرة على الحكم. خطة ترامب كما تعرض، لا تسمح بقدرة حكم بسبب الربط بين ميزتين: من جهة الدولة الفلسطينية، ذاك الجزء الأساس من يهودا والسامرة، سيكون عملياً، سبب السيادة الإسرائيلية في الغور "جزيرة" فلسطينية محوطة بإسرائيل. الميزة الثانية هي تلك الـ 15 مستوطنة إسرائيلية المنعزلة التي ستبقى في السيادة الإسرائيلية في المجال الذي كان يفترض أن يكون ذات مرة دولة فلسطينية. وبفضل هاتين الميزتين لم تتمكن الدولة الفلسطينية من أن تقوم في أي مرة من المرات، ليس لأن الفلسطينيين سيعارضون، بل لأن الأمر موضوع متعذر. هكذا يدعي، وعن حق، الناس الذين يعيشون في تلك المستوطنات أيضاً. واستنتاجهم هو أنه محظور أن تقوم أي دولة فلسطينية. ولكن الاستنتاج يمكن أن يكون معاكساً، وبموجبه فإن إقامة دولة فلسطينية تستوجب إخلاء تلك المستوطنات. وبخلاف الميزة الأخرى، فكون الدولة محوطة من كل جوانبها بإسرائيل والتي لهذا الموضوع -أي للسيادة الإسرائيلية في الغور- سبب أمني واضح، فلا يوجد أي مبرر أمني يمكن أن يبرر استمرار وجود الـ 15 مستوطنة تلك. العكس هو الصحيح، وجود مستوطنة يهودية منعزلة في داخل جيب، محوط بأرض سيادية فلسطينية، حيث طريق واحد ضيق فقط يؤدي إليها، هو وصفة مؤكدة لاحتكاك سيؤدي إلى أزمات أمنية لا تتوقف. السكان في" يتسهار" لا يقبلون إمرة الجيش الاسرائيلي، فكيف سيقبلون إمرة الشرطة الفلسطينية حين سيواصلون الرحلات الاستفزازية الى داخل القرى الفلسطينية المجاورة؟
إن المسألة التي أطرحها ليست ذات صلة بالوضع اليوم حيث تعرض معارضة فلسطينية (وأردنية) مطلقة لـ "صفقة القرن". ظاهراً، هذا وضع مريح يسمح لنا بأن نرفض من طرف واحد ما يروق لنا، ولكن يجدر ألا ننسى أمرين: هذا الوضع يخلد الاحتلال، وفقاً لمعظم دول العالم، ولكن ليس احتلال الأرض، فهذا لا يعني أحداً، بل حقيقة أن الشعب الفلسطيني هو تحت احتلال الشعب الإسرائيلي. الأمر الثاني، إذا رغب أحد ما مستقبلاً في محاولة إقناع الفلسطينيين بالموافقة على الخطة فسيتعين عليه أيضاً أن يوافق على إخلاء تلك المستوطنات الـ15. هذا سيكون عادلاً حكيماً، بل وحيوياً من ناحية أمنية. من يصدم من فكرة إخلاء المستوطنات ينبغي له أن يشرح كيف (وفقاً لخريطة الخطة) نوافق نحن على إخلاء بلدات في غربي النقب.