يقدم ريال مدريد مستوى مميز للغاية منذ نهاية عام 2019 وبداية عام 2020، مع حصوله على بطولة السوبر الإسباني في السعودية، وتحسن النتائج بوضوح سواء في بطولة الدوري أو الكأس، بالإضافة إلى الصلابة الدفاعية الشرسة التي صنعها زيدان بالفترة الأخيرة، ليصبح الميرينجي أقوى فريق في إسبانيا على الصعيد الدفاعي، باستقباله فقط 13 هدف خلال 21 مباراة، متفوقاً على أتليتكو مدريد الذي دخل مرماه 14 هدف في نفس الفترة.
أسباب عديدة وراء قوة ريال مدريد دفاعياً هذا الموسم، أولها بلا شك تكتيك زين الدين زيدان وإصراره على ضبط بوصلته الدفاعية قبل التفكير في الهجوم، جنباً لجنب مع عدة عوامل يجب ذكرها بشكل مفصل، لإيضاح التطور الواضح في مستوى وأرقام النادي الملكي حالياً مقارنة بالمواسم السابقة.
– رباعي دفاعي ثابت في ريال مدريد
لعب زيدان بعدة تشكيلات خلال الموسم الحالي، سواء من أجل المداورة وتجنب الإرهاق، أو لكثرة الإصابات، جنباً لجنب مع التعديلات الخططية وفق ظروف كل لقاء وقدرات الخصم، لذلك شارك في بعض الأحيان بالثنائي هازارد وإيسكو خلف بنزيما، ثم فينسيوس ورودريجو على الأطراف وكريم بالعمق، وفي مباريات أخرى مع رباعي صريح بالمنتصف أمامه ثنائي هجومي متقدم، لذلك استخدم المدرب أكثر من لاعب في منطقة الوسط والهجوم دون ثبات حقيقي، سواء على مستوى الخطة أو الأسماء.
الدفاع فقط هو الاستثناء، لأن الثلاثي كارفخال، راموس، وفاران يلعبون معاً بشكل أساسي كلما كانوا بعيدين عن الإصابة، بالإضافة إلى اختيار ميندي في المباريات البدنية ومارسيلو أمام الفرق التي تدافع من الخلف، لذلك أصبح لزاماً رؤية هذا الرباعي في معظم مباريات الريال، سواء داخل أرضه أو خارجها، في الليجا أو الكأس، شرط تواجدهم في حالة بدنية وصحية جيدة.
يحتاج رباعي الخلف إلى التجانس والتفاهم، لذلك أراد زيدان من تثبيت هذا الخط إلى الحصول على هذه الخلطة المفقودة، بتواجد راموس على يسار الدفاع للتغطية والبناء من الخلف، رفقة كروس ومارسيلو/ ميندي، بينما يتألق فاران بوضوح هذا الموسم سواء في الدفاع أو في تحويل عرضيات كروس إلى أهداف، جنباً لجنب مع القوة البدنية للفرنسي ميندي والتقدم الهجومي المستمر للإسباني كارفخال.
_تيبو كورتوا
تلقى تيبو كورتوا انتقادات مستحقة منذ انضمامه إلى ريال مدريد في صيف 2018، لكنه تحسن بشدة خلال الموسم الحالي، خاصة خلال المباريات الأخيرة في الدوري وبطولة السوبر الإسباني، ليستعيد الحارس مستواه المرتفع مع تشيلسي ومنتخب بلجيكا، ويستطيع حماية عرين الملكي خلف رباعي الدفاع.
رقمياً وإحصائياً، استقبلت شباك الريال هذا الموسم 13 هدف في الليجا، قبل الديربي أمام أتليتكو، لكن وفق نظام نسبة الأهداف المتوقعة، والذي يعتمد على حساب عدد الفرص وحجمها وأماكنها ثم ترجمتها إلى أهداف كانت يجب أن تسجل، فإن الريال كان يمكنه استقبال 19 إلى20 هدف هذا الموسم، وفق الفرص والتسديدات التي وصلته من المنافسين محلياً، لكن مع تألق حارسه في التصدي للانفرادات والهجمات الخطيرة، فإنه استقبل فقط 13 في دلالة واضحة على أهمية كورتوا لإنجاح خطة مدربه.
– خطة رباعي الوسط
لعب الريال في بعض المباريات بالخطة الثانية 4-3-2-1، بتواجد رباعي صريح بالمنتصف، وأمامها بنزيما وإيسكو/ هازارد، فإن هذا الرسم يعطي الفريق كثافة عددية في العمق، ويجعل تحولاته الدفاعية أفضل لوجود لاعب زائد في الوسط أثناء المرتدات، لكن دون فرص حقيقية أمام المرمى، للمبالغة في لعب العرضيات من غير وجود رأس حربة صريح يترجم هذه الفرص إلى أهداف، كما كان يحدث سابقاً مع رونالدو.
صحيح أن فرص الريال قلت بعض الشيء وفق هذا الرسم كما حدث خلال السوبر أمام أتليتكو، لكن هذه الخطة أعطت لزيدان عمق حقيقي أثناء التحولات من الهجوم إلى الدفاع، ليحافظ الفريق على توازنه أثناء المرتدات مقارنة بالسابق، بسبب وجود لاعب إضافي في منطقة الارتكاز، يساعد في عمليات الضغط والافتكاك والعرقلة، لدرجة أن الفريق استقبل بعض الفرص الخطيرة في الشوط الثاني وخلال الإضافيات أمام أتليتكو في السوبر، بعد تحول زيزو إلى 4-3-3 من أجل محاولة حسم المباراة بتواجد ثلاثي صريح بالثلث الأخير بدلاً من إثنين.
– فالفيردي وكاسيميرو
أعطى فيدي فالفيردي ريال مدريد ما ينقصه على الجانب الأيمن من الملعب، فكارفخال ظهير هجومي بامتياز، يصنع ويمرر ويلعب العرضيات، لكنه يعاني دفاعياً بوضوح، جنباً لجنب مع كبر سن الكرواتي لوكا مودريتش وقلة مجهود توني كروس، لذلك تواجد فالفيردي في الملعب جعل الجبهة اليمنى للريال في أمان، سواء من خلاله افتكاكه الكرات في نصف ملعب المنافس، أو عودته السريعة للتغطية خلف وأمام كارفخال، كما حدث نصاً في مباريات عديدة بالليجا ودوري الأبطال.
لاعب آخر جعل الريال أقوى دفاعياً، هو البرازيلي كاسيميرو بلا شك، كاسحة الألغام التي تركض بلا توقف، يقوم بالعرقلة المشروعة والقطع السريع للكرات، ويتواجد كحائط صد أمام رباعي الخلف، مما جعل زيدان يصل بأفكاره إلى بر الأمان حتى الآن، مع إستراتيجية واضحة تعتمد على حماية مرماه أولاً، ومن ثم البحث عن الأهداف فيما بعد.