اقتحمت شرطة الاحتلال الإسرائيلي ومخابراته، فجر اليوم، منزل الشيخ الدكتور عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس وخطيب المسجد الأقصى، وسلمته بلاغ استدعاء للتحقيق صباح الأحد في مركز "القشلة" بالبلدة القديمة، وسلمته مخابرات الاحتلال قرارًا بإبعاده عن المسجد الأقصى المبارك لمدة أربعة أشهر من تاريخه.
وقال الشيخ صبري: "هذه خطوة انتقامية هدفها تكتيم الأفواه، فهم لا يريدون أي شخص يعترض انتهاكاتهم وإجراءاتهم المرفوضة في المسجد الأقصى المبارك، وهي ضمن المحاولات للهيمنة على الأقصى وسلب الأوقاف الإسلامية دورها وصلاحياتها".
وكسر الشيخ صبري أمس الجمعة قرار إبعاده عن المسجد الأقصى وأدى صلاة الجمعة فيه، علماً أنه أُبعد لمدة أسبوع انتهى اليوم، وعلى الفور جُدد إبعاده بتسليمه القرار بعد اقتحام منزله.
كما سلمت شرطة الاحتلال، السبت، مدلين عيسى قراراً بإبعادها عن المسجد الأقصى المبارك ومداخله ومحيطه لمدة ثلاثة أشهر، وهي المرة الخامسة.
وتواصل سلطات الاحتلال حملة الاعتقالات والإبعادات بحق المرابطين والمصلين وموظفي الأوقاف والخطباء والحراس والسدنة والمصلين الذين يصرون على الصلاة في باب الرحمة في انتهاك واضح وصريح بحق المقدسيين والمصلين، ومحاولة من سلطات الاحتلال لثنيهم عن المرابطة في المسجد الأقصى، عبر سياستي الاعتقال والإبعاد.
وأكد مقدسيون ضرورة وضع خطة وبرنامج لكسر قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، التي طالت هيئات دينية وموظفين من دائرة الأوقاف الإسلامية ونشطاء مقدسيين وفتية ونسوة.
وأكد المقدسيون خلال وقفة تضامنية أمام منزل الشيخ عكرمة صبري في حي الصوانة بمدينة القدس رفض هذه القرارات غير القانونية.
ورفع المقدسيون خلال الوقفة شعارات: "لا لتكميم أفواه علمائنا وإبعادهم عن مقدساتنا"، "كلنا الشيخ عكرمة"، "عار على قومٍ يُهان عالمهم ولا يغضبون"، لا لإبعاد شيوخ الأقصى".
وقال الشيخ عكرمة صبري قال خلال الوقفة: إن سياسة الإبعاد ظالمة غير قانونية وغير حضارية، فلا توجد دولة في العالم تستخدم هذا الأسلوب وتمنعهم من الذهاب الى أماكن عبادتهم، مضيفاً: "هذا إجراء تعسفي انتقامي يدل على أطماع سلطات الاحتلال في المسجد، مؤكداً أن هذه الإجراءات لن تثنيهم عن الدفاع على الأقصى، ولن يتم التخلي عن المسجد مهما كلف الأمر، رافضاً هذه القرارات والإبعادات.
كما ثمن الشيخ صبري موقف أهالي القدس الذي يدل على حبهم للمسجد الأقصى المبارك.
وأوضح أن "هذا القرار يُدلل على أن حكومة الاحتلال ترمي إلى مخطط مرعب ومخيف، وهو إفراغ المسجد الأقصى من كل شخصية لها تأثير، وهو بمثابة محاربة منبر المسجد الأقصى الذي يصدح بالحق على مستوى العالم الإسلامي وهم لا يريدون أن يبقى منبر المسجد الأقصى فاضحاً لتصرفاتهم العنصرية ومخططاتهم المرعبة، فمنبر المسجد الأقصى لا يتوقف من خلال الخطباء والدروس الدينية عن التحذير مما هو قادم، ولن يستطيعوا إخراس هذا الصوت الإيماني من قلب مدينة القدس".
وقال: "إن خطب الجمعة تجمعهم والدروس الدينية، وتوافد المرابطين والمصلين من كل أنخاء فلسطين في صلاة الفجر قد صدمهم، فالحشود الإيمانية في صلاتَي الفجر والجمعة وباقي الصلوات أصابت المؤسسة الأمنية والسياسية في دولة الاحتلال بحالة هستيرية جنونية، فكل إجراءاتهم على مدى سنوات الاحتلال باءت بالفشل الذريع، وأجيال القدس انتفضت لنصرة الأقصى كما كان في معركة البوابات وفتح باب مبنى الرحمة، فكان الانتقام من كل من ساهم في هذه الهبة، سواء من شخصيات دينية أو من طاقم الحراسة والموظفين أو من المصلين والوافدين".
من جانبه، قال الشيخ ناجح بكيرات، نائب مدير أوقاف القدس: "نحن أمام محنة وسياسة واضحة كبيرة تهدف إلى تجفيف الوجود في الأقصى"، مؤكداً أنه لا مكان للاحتلال في المقدسات ولا في الأقصى ولا عند علمائنا.
وأضاف الشيخ بكيرات: "نريد كسر قرارات الإبعاد عن الأقصى، فقد ذقنا مرارتها طويلاً، وكسرُها يحتاج إلى جهود وحاضنة، ونحن اليوم أمام معركة لكسر الإبعاد، والشيخ عكرمة صبري هو البداية، وهو رمز الأُمة، ويمثل الوجود الثابت لها".
وقال بكيرات، المبعد عن المسجد الأقصى وصدرت بحقه قرارت إبعاد وصلت إلى 21 قراراً: "الإبعاد صنيعة مخابراتية أمنية بحق المقدسيين، وبالرغم من عدم جدواها على صعيد المبعدين الذين يعودون بعد قرار الإبعاد مباشرة إلى المسجد الأقصى، فإن عنجهية الاحتلال تريد أن تثبت أنها صاحبة الكلمة الأولى في القدس، خصوصاً المسجد الأقصى، بعد أن نجحت جهود المقدسيين في الميدان، وكان هذا محركاً لقادة دولة الاحتلال إلى زيادة وتيرة الانتقام والإجراءات الجائرة، وقرارات الإبعاد لم تنجح في إرهاب الفلسطينيين، فكل من يتم إبعاده يحل محله العشرات، بل المئات، فالمسجد الأقصى ليس وحيداً، وعلى الجهات التي تدعي أنها تدافع عن حرية العبادة توثيق ما يجري في المسجد الأقصى من محاربة المصلين بقرارات جائرة، وهذا لا يحدث إلا في هذه البقعة من العالم، فالمسجد الأقصى أصبح ثكنة عسكرية عل مدار الساعة، وهذا لا يوجد مثيل له في العالم".
ووصف الشيخ عبد الله علقم قرار الشيخ عكرمة صبري يوم الجمعة كسر قرار إبعاده عن الأقصى بالخطوة الشجاعة، مؤكداً أن الشيخ صبري لا يتقيّد بقرارات شرطة ومحاكم الاحتلال، فهو إمام وخطيب الأقصى، وقال :"نعلن وقوف عشائر فلسطين والقدس والفعاليات والمؤسسات معك، وهي شريكة بموقفك الشجاع، ونؤكد أن الاحتلال هو المتهم".
وقال الشيخ علقم: "كل المقدسيين يقفون خلفك مدافعين عن الأقصى المبارك بأكمله".
كما دعا الشيخ رائد دعنا أهالي القدس إلى نصرة المسجد الأقصى وعدم تركه وحيداً، فهو آية العقيدة ورمزها، مشدداً على ضرورة وضع برامج مكثفة تفضح الحقد الأعمى للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وتتصدى لها.
وشارك في الوقفة وفد من الداخل، حيث أكد الوفد وقوف كافة أهالي الداخل بجانب الشيخ عكرمة صبري.
وقال الوفد: "إننا لن نقبل بإبعاد الشيخ صبري عن الأقصى، فهو جزء من الأقصى، وقرار إبعاده لا يستهدفه وحده فقط، بل يستهدف كل مسلم على وجه الأرض، فالقرار الذي صدر بحق الشيخ يراد من خلاله أن يطال حق المسلمين في الأقصى المبارك".