قال عضو البرلمان الأردني، النائب غازي الهواملة، للإذاعة العامة الإسرائيلية "كان" اليوم، الثلاثاء، إنه "إذا لم تُلغ الحكومة الأردنية اتفاق الغاز الإسرائيلي، فسوف نسقطها. ومقارنتكم بشأن مواد أخرى نستوردها لا صلة لها بالواقع، مثل موضوع المياه. ونحن نتحدث عن الطاقة كمصدر رئيسي وسيادة دولة. ولا يمكن مقارنة المياه بالغاز".
وأضاف الهواملة أن الأردن ليس بحاجة إلى إسرائيل للحصول على الغاز. "لدينا بدائل محلية للغاز وأيضا بدائل في دول مجاورة، تسمح لنا بعدم الاعتماد على إسرائيل. ويوجد بينكم وبيننا حاجز نفسي، حتى لو اعتقدتم أنه يوجد سلام. والكيان الصهيوني لا يعرف معنى اتفاق. وهي (إسرائيل) تعمل من أجل نفسها بواسطة إراقة دماء وموت وقتل الآخرين". وصادق البرلمان الأردني، أول من أمس، على مشروع قانون يمنع استيراد الغاز الإسرائيلي.
من جهة ثانية، انتقد مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي أداء السياسيين الإسرائيليين تجاه الأردن والعلاقات بين الجانبين، وطالبوا بإبداء حساسية عالية تجاه الأردن، لأن المس بكرامته وإقصائه من قضايا متعلقة بالقدس المحتلة تسبب تصدعا في التنسيق الأمني والتعاون بين الدولتين، حسبما ذكر تقرير نشره موقع "واللا" الإلكتروني اليوم، الثلاثاء.
ويعتبر المسؤولون الأمنيون أن نشر إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لخطة "صفقة القرن" سيشكل اختبارا للعلاقات بين الأردن وإسرائيل، وربما قبل ذلك في حال انفجار الوضع في المسجد الأقصى، وهذه قضية تُشغل كافة أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وفيما تصاعدت اقتحامات المستوطنين و"حركات الهيكل" الاستفزازية للمسجد الأقصى، حمّل المسؤولون الأمنيون حركة حماس المسؤولية عن تصعيد محتمل، بادعاء أن "حماس وجهات تحريضية أخرى" تتهم إسرائيل بأنها تُغيّر الستاتيكو في الحرم القدسي، معتبرين أنه لهذا السبب استؤنفت مؤخرا المواجهات في الحرم. وحسب التقرير، فإن "التخوف في جهاز الأمن الإسرائيلي هو من حدث واحد يقود إلى تصعيد في جبل الهيكل ويؤدي إلى إشعال الضفة الغربية كلها".
ونقل التقرير عن ضباط في قيادتي الجبهتين الوسطة والجنوبية في الجيش الإسرائيلي، قولهم إنه "تسود علاقات رائعة" بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الأردني عند الحدود بين الجانبين، التي يبلغ طولها 370 كلم. "كما أن المزارعين الإسرائيليين يشهدون على واقع هادئ، باستثناء أحداث موضعية يتم خلالها تهريب أسلحة ومخدرات أو تسلل طالبي عمل من تركيا وجورجيا. والمنطقة مستقرة وهادئة في هذه الأثناء، والجيش الإسرائيلي يفضل في هذه المرحلة الاستثمار بكتائب مختلطة عند الحدود، وليس بناء جدار جديد بتكلفة مليارات الشواقل".
وأشار ضباط إسرائيليون إلى أن "مستوى انضباط قوات الأمن الأردنية مرتفع، ويتم التعامل بجدية مع أي حدث استثنائي، والتعامل مع عبور غير قانوني بين جانبي الحدود سريع للغاية. كذلك فإن العلاقات بين المسؤولين الأمنيين من الجانبين محترمة ومهنية. ودليل على ذلك العلاقات الرائعة بين رئيس الشاباك، ناداف أرغمان، ونظيره الأردني، والتي ساعدت أكثر من مرة في حل أزمات من وراء الكواليس".
لكن الأمور مختلفة في المستوى السياسي، وفقا للتقرير، "فالأردن يعاني من مشاكل اقتصادية شديدة، مؤخرا، والملك عبد الله يحاول إجراء توازنات وكوابح من أجل منع أزمة خطيرة وانتقادات شديدة في الشارع الأردني، التي يمكن أن تشعل مظاهرات كبيرة".
وأضاف التقرير أن الحكومة الإسرائيلية تعتبر أن العديد من التقارير الإعلامية "التي تصدر عن القصر أو البرلمان الأردنيين بمثابة وضع ’اصبع بالعين’" وذلك في ظل احتجاجات أردنية مناهضة لاستيراد الغاز الإسرائيلي.
وقال ضباط إسرائيليون، حسب التقرير، إن على السياسيين الإسرائيليين أن "يقرأوا ما بين السطور، وعدم إطلاق تصريحات منفلتة بعد أي تصريح يصدر من الأردن، الذي غالبية رعاياه فلسطينيون. وعلى سبيل المثال، عندما يُبرز مسؤولون سياسيون كبار (بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو)، في هذه الفترة، صفقة الغاز مع الأردن، ويصفون إسرائيل كدولة غاز عظمى، يشعر الأردنيون بالإذلال".
وأضاف التقرير أن التقديرات في جهاز الأمن الإسرائيلي تشير إلى أن تفاصيل "صفقة القرن" لن تُنشر قريبا، لأن من شأن ذلك أن يشكل تدخلا في انتخابات الكنيست القريبة، إلا أن جميع الأطراف، وبينها الأردن، تستعد ليوم نشرها. وحسب معظم التقديرات، لن يتمكن الملك من المصادقة على صفقة كهذه، ومن أجل الهروب منها سيُدحرج المسؤولية إلى السلطة الفلسطينية، ويمرر رسالة مفادها أنه ’إذا صادقت السلطة الفلسطينية على الاتفاق (صفقة القرن) فإنني سأؤيد أيضا’، لكن احتمال حدوث ذلك ضئيل، والاحتكاك السياسي سيتناسب مع ذلك".
وحسب التقرير، فإن المواجهات التي دارت في الحرم القدسي، في الفترة الأخيرة، "هي نتيجة تحريض مصدره ليس في قطاع غزة والضفة الغربية فقط، وإنما في الأردن أيضا. وفي جهاز الأمن الإسرائيلي يحذرون من أن أحداثا غير مألوفة حول جبل الهيكل (الحرم القدسي) ستؤثر على الشرق الأوسط كله، ومن أجل أن نكون مستعدين لأزمة، على الحكومة الإسرائيلية الحفاظ على استقرار العلاقات السياسية والأمنية مع الأردن".
وأشار التقرير إلى تحولات في الأردن، من أبرزها دخول اللاجئين السوريين. "رغم أن غالبيتهم مركزة في منطقة الحدود، إلا أن قسما كبيرا منهم نجحوا بالتسلل إلى داخل الأردن ويعملون من أماكن عديدة، في الصناعة والمطاعم، بدلا من أبناء المملكة".
وقال مسؤول أمني إسرائيلي "إنهم مجتهدون جدا، أذكياء ويدركون أن هذا بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت، ولذلك يوافقون على تلقي أجورا متدنية. ومن الجهة الأخرى، يجعلون رجال الأعمال يطردون الأردنيين من العمل لأنهم يكلفونهم ثلاثة أضعاف، وهكذا ترتفع نسبة البطالة. ولا يوجد حل الآن".
وأشار التقرير إلى قرار الأردن بإعادة فتح مكاتب قناة الجزيرة في عمان، الذي تم إغلاقه في أعقاب قطع السعودية ومصر والإمارات العلاقات مع قطر. "من السابق لأوانه تفسير ما يختبئ وراء قرار الملك وما إذا كانت هذه خطوة إستراتيجية تدل على تقارب بين الدولتين، وبحيث سنشهد لاحقا دعما ماليا قطريا، في الوقت الذي أغلقت فيه السعودية الحنفية. وفي جميع الأحوال، استقرار العلاقات مع الأردن غاية إستراتيجية بالنسبة لإسرائيل".