قال جنرال إسرائيلي إن "إسرائيل تخوض في السنوات الأخيرة عهدا جديدا من حروب الإعلام والشبكات العنكبوتية، التي يكمن دورها الكبير في التأثير على العدو، وبدا واضحا أنه في العقد الأخير، لاسيما بعد حرب الجرف الصامد في غزة خلال صيف 2014، حين خضنا مع حماس مواجهة من نوع جديد، أقل من حرب حركية، وأكثر من حرب عملياتية واستخبارية سرية".
وأضاف رونين مانليس المتحدث العسكري السابق باسم الجيش الإسرائيلي في لقاء مطول مع مجلة يسرائيل ديفينس للعلوم العسكرية، ترجمتها "عربي21" أن "ذروة المواجهة الجديدة مع حماس وصلت مع قرار المستوى السياسي الإسرائيلي بتوصية من الجيش وأجهزة الأمن بإقامة نشاطات وفعاليات أكثر اتساعا، تتزامن مع العمليات العسكرية، وهذه النوعية من المواجهات أسماها الجيش "المعركة بين الحروب".
المعركة بين الحروب
وأكد أن "إسرائيل نفذت في السنوات الأخيرة العديد من هذه المعارك بين الحروب في عدة جبهات، أهمها سوريا ولبنان وقطاع غزة، وبالتزامن مع تنفيذ هذه العمليات تقرر استخدام سلسلة من الأدوات ذات العلاقة، بعضها علنية والأخرى سرية، بما فيها تكثيف نشاط مكتب الناطق العسكري كجهاز إعلامي للجيش، وجاء القرار بتوسيع رقعة عمله من إصدار البيانات العسكرية فقط إلى محاولة التأثير في جبهة العدو".
وأشار أن "هذه القفزة في عمل مكتب الناطق العسكري لم تكن اختيارية أو طوعية، بل مسألة اضطرارية حتمية، لابد منها، وجاء هذا الجهد بتوصية قائدي الجيش، السابق غادي آيزنكوت والحالي افيف كوخافي، بسبب الحاجة العملياتية له، وكذلك بسبب نشاط العدو في شبكات الانترنيت، والتغيرات الكبيرة التي حصلت في هذا المجال".
وكشف النقاب أن "السنوات الأخيرة شهدت هدوءا من الخارج، لكنها في الوقت ذاته عاشت عمليات مكثفة كبيرة، لا يشعر بها الجمهور، وفي كل الأحوال كانت مهمة الجيش الإسرائيلي تحسين الوضع الأمني والاستراتيجي لإسرائيل، دون الوصول لمرحلة الحرب، وخلال عامين وزيادة نفذنا هذه المهمة".
وأوضح أنه "في هذه المرحلة طرحت علينا أسئلة كثيرة حول مهمة الناطق العسكري بمثل هذه الظروف، مع أنها مرحلة كانت مثالية لاستخدام أدوات ووسائل تأثيرية في الرأي العام والإعلام والدعاية من أجل خدمة العمليات الميدانية، وفي ذات السياق ظهر أداء متزايد لشبكات التواصل الاجتماعي، كماً ونوعاً، مما أدى لحصول تغير في النظرة العسكرية".
شبكات التواصل
وأكد أنه "بات مطلوبا الشروع بالحرب بالتزامن مع استعداد هذه الأدوات، وجاهزيتها، لإحداث التأثير على مختلف الجبهات، وباستخدام الآيباد والهاتف والحاسوب، وباتت الأدوات المؤثرة برسائلنا الإعلامية هي جمع الإعجابات على المنشورات، ومشاركاتها، والتصريحات، حيث استغل العدو هذه المساحة أفضل بكثير منا في سنوات طويلة".
وأضاف أنني "لا زلت أذكر حالة الخوف التي تنتاب الجمهور الإسرائيلي عند كل خطاب يلقيه أعداؤنا على التلفاز، ويتحول عناوين رئيسية في وسائلنا الإعلامية، مما يؤكد أن حماس وحزب الله استثمرا أموالا كثيرة في هذا الجانب".
وأشار إلى أن "إسرائيل خاضت حروبا سرية للتأثير على الرأي العام دون أن يظهر ذلك على هيئة نشاطات علنية، وتهدف للتأثير على صناع القرار في الجانب الآخر من المعركة، أي أعداؤنا، ولذلك فإننا في المرحلة الماضية لم ننشغل كثيرا بالتأثير على الجمهور الفلسطيني بقدر التأثير على قيادته".
وكشف النقاب أن "مشروعي القادم هو إنشاء وكالة أنباء ديجيتال من الإعلام الجديد، وتشكيل غرفة عمليات تشرف على كل المنصات الإعلامية في آن واحد، لأن حربا جديدة تحصل على شبكة الانترنيت، وفي هذه الحرب أعداؤنا ناشطون بقوة، من أجل ذلك يتم تفعيل عمل أفيخاي أدرعي الناطق باسم الجيش باللغة العربية، بحيث تصل منشوراته لـ24 مليون عربي، وهذا يكفيني".
ساعة الصفر
وأشار أننا "نكلف متحدثينا الإسرائيليين بالتعليق على منشورات أعدائنا في شبكات التواصل، دون أن يكون مقصودا إجراء مفاوضات معهم، لكن يجب أن تكون روايتنا حاضرة على منصات أعدائنا، وفي الوقت ذاته فإن المسلحين الفلسطينيين باتوا يضطرون لتغيير سلوكياتهم الأمنية بعد أن كشفنا عن بعض هوياتهم وأسمائهم عبر شبكات التواصل".
وأكد أنه "طالما أننا لا نخوض حربا عملياتية على أرض الواقع، فهذا وقت الإعلام والدعاية، فإذا حانت ساعة الحرب نكون في أكمل جاهزية لنا مطلوبة، الكل يكون مشغولا آنذاك بالتفجيرات، مما يتطلب الاستعداد قبل ساعة الصفر".
وأوضح أن "مكتب الناطق العسكري الإسرائيلي يضطر أحيانا لمنح الإعلام الأجنبي سبقا صحفيا يخص العلاقة مع العدو، حزب الله وحماس، لأنني معني بمنح سي إن إن هذه الأفضلية، حتى لو انزعج الإعلام الإسرائيلي، أريد أن يتابعني كل العالم من الولايات المتحدة إلى الصين، لأن الرسالة الإعلامية بالنهاية تخدم العمليات التنفيذية على الأرض".
مهاجمة غزة
وأشار أن "الجيش الإسرائيلي حين يقصف في غزة، فهو لا يطلق قذائفه على كثبان رملية، قبل مجيئي لمكتب الناطق العسكري كنت ضابط استخبارات، وفي الماضي الأبعد كنت ضابط أهداف، ليس هناك في الجيش شيء اسمه مهاجمة كثبان رملية، أو أهداف فارغة، الجيش يهاجم في غزة أهدافا يحددها جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ويعتبرها أهدافا مشروعة، قد يكون مبنى، طابق، مخزن، ولكن في كل الأحوال ليس رمالا".
وختم بالقول أنني "لست متفائلا كثيرا بالنسبة للوضع القائم في غزة، لكن وضعنا الاستراتيجي تحسن منذ الجرف الصامد 2014، فقد أسفرت الحرب عن هدوء لفترة زمنية طويلة، واستغل الجيش هذه الفترة للعثور على المزيد من الأنفاق، واستكمال بناء الجدار الحدودي، والتصدي لتهديدات مختلفة قادمة من غزة وجبهات أخرى".