ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الخميس، أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (كابينيت) لم يحسم موقفه بعد من "التفاهمات" مع حركة "حماس"، بسبب وجود تباينات في مواقف الوزراء أعضاء المجلس حول التقدم في المباحثات غير المباشرة مع الحركة، وهو ما أرجأ النقاش إلى جلسة لاحقة، من المقرر أن تعقد يوم الأحد المقبل.
ونقلت الصحيفة أن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شابات، يصف نتائج المباحثات مع "حماس" بـ"التفاهمات" وليس بالتسوية، كما استعرض أمام الوزراء البنود التي جرى التوصل إليها. وقالت الصحيفة إن وزير المواصلات اليميني المتطرف، بتسلئيل سموطريتش أبدى معارضته لأي تفاهمات مع "حماس" بشأن غزة، معتبرًا أن ذلك سيعزز من قوة الحركة للسيطرة على الضفة الغربية و"فتح أبواب جهنم علينا"، حسب تعبيره.
إلى ذلك، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الخميس، أن رئيس جهاز الأمن العام (شاباك)، نداف أرغمان، حذر خلال جلسة الكابينيت، أمس، من تحول تعاظم قوة "حماس" إلى قوة شبيهة بـ"حزب الله" اللبناني، إذا لم تنجح إسرائيل في مواجهة تعاظم قوة الحركة من خلال التوصل إلى تفاهمات معها.
وذكر المراسل العسكري في الصحيفة، يوسي يهوشوع، أن أرغمان اقتبس تصريحات مصادر أمنية نشرتها "يديعوت" أمس، حذرت فيها من "الإخفاق"، بحسب الصحيفة، في مواجهة تعاظم قوة "حزب الله" في العقد الأخير، وأن ذلك قد يتكرر في مواجهة تعاظم قوة "حماس".
ولفتت الصحيفة إلى أن أرغمان كرر موقفه الرافض لإضعاف السلطة الفلسطينية في رام الله في موازاة تقوية سلطة "حماس" في غزة، وأنه يعارض قرار وزير الأمن، نفتالي بينيت، باقتطاع 149 مليون شيكل من أموال المقاصة الفلسطينية. وبحسب الصحيفة، فإن أرغمان يعارض فرض إجراءات عقابية على السلطة في رام الله التي تقوم بالتنسيق الأمني في "مواجهة الإرهاب"، وفق "يديعوت"، في موازاة الحديث عن تسهيلات لسكان القطاع التي تسيطر عليه "حماس"، وأن من شأن ذلك أن يمس في التنسيق الأمني بين السلطة في رام الله وإسرائيل.
وقال مصدر عسكري رفيع للصحيفة إن "تعاظم قوة حماس قد يكون خطيرا، لكن الخطر من الشمال أكثر خطورة ويجب التجهز لذلك في كل الأحوال". وأوضح المصدر أن في حال خرقت "حماس" تفاهمات التهدئة مستقبلا، فإن بالإمكان "العودة للحالة القتالية"، حسب تعبيره.
وبحسب الصحيفة، أبدى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، بينيت، دعمهما لـ"تهدئة" في غزة، وأضافت أن المصطلح الذي بات يتداول في الحكومة لوصف الاتفاق بشأن غزة بـ"التهدئة" و"التفاهمات" وليس اتفاق تسوية، وذلك تحسبًا من استغلال هذه التفاهمات ضد نتنياهو خلال الحملة الانتخابية القريبة.
وقال الوزير يؤآف غالانت في أعقاب جلسة "الكابينيت"، إن إسرائيل تواجه عدة تهديدات كبيرة أخطر من "حماس"، ويجب وضع هذه التهديدات في مقدمة سلم الأولويات.
ونقلت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية، أمس، عن وزيرين في الكابينيت قولهما إن أعضاء الكابينيت لم يطالبوا بالتصويت على الموضوع لكن "الاتجاه واضح. التهدئة ستخرج إلى حيز التنفيذ خلال أسابيع، ويمارس المصريون الضغوط من أجل التقدم وليس لدينا شيئا نخسره".
ووصف يهوشواع نتائج المباحثات غير المباشرة مع "حماس"، بأنها "نوع من اتفاق تهدئة غير مكتوب، وغايته السماح بهدوء للجيش في الجبهة الجنوبية من أجل تمكينه من الاستعداد للتهديدات الكبيرة في الشمال، مقابل إيران في سورية، وربما أيضا احتمال توسيع المواجهة إلى حزب الله في لبنان. وهكذا فقط ينبغي النظر إلى تأييد قيادة الجيش لهذه التهدئة". وأضاف أن "هذا الهدوء يفترض أن يكون نوع من تسوية صغيرة، تعيدنا بشكل كهذا أو ذاك إلى الفترة التي أعقبت الجرف الصامد (العدوان على غزة عام 2014) وسبقت بداية مسيرات العودة، في آذار/مارس 2018. وهدف فترة الهدوء هذه ليس حل المشاكل الأساسية لغزة، والثقبين المركزيين سيبقيان: تزايد قوة حماس وقضية الأسرى والمفقودين (الإسرائيليين). ومن شأن التسهيلات للسكان (في القطاع) شراء هدوء وتوجيه التركيز المطلوب إلى الجبهة الشمالية الآخذة بالتطور".
تحذيرات من الجبهة الشمالية
وجدد الجيش الإسرائيلي، مؤخرا، تحذيراته من نتائج مواجهة محتملة في المستقبل مع "حزب الله"، وعبر عن ذلك رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، الأسبوع الماضي، حول "تنسيق التوقعات" بين الجيش والجمهور الإسرائيلي بشأن حرب قادمة مع حزب الله، ولا يخلو ذلك من مخاوف إسرائيلية.
وكتب المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الأربعاء، أنه "بما يتعلق بتنسيق التوقعات مقابل المواطنين بكل ما يتعلق بحرب في الشمال، فإن الجيش بدأ هذه العملية، لكن لا يزال من الواضح للجميع في هيئة الأركان العامة أن أغلبية الجمهور لا تعي شدة الضربة التي ستتلقاها الجبهة الداخلية (الإسرائيلية)".
وتحدث كوخافي، الأسبوع الماضي، عن احتمال مواجهة مع إيران والاستعداد للمخاطرة لدرجة حرب مع حزب الله، بادعاء منع تزود الحزب بصواريخ دقيقة. "لكن من الواضح الآن"، حسب يهوشواع، "أن الجيش ودولة إسرائيل لن يتمكنا من التهرب من معالجة الإرهاب القادم من غزة. وحتى لو جلبت التسهيلات الإنسانية هدوءا، فإن حماس لن تتحول إلى حركة شبيبة".
وأضاف أنه "ينبغي الأخذ بالحسبان أن تهدئة كهذه، إذا خرجت إلى حيز التنفيذ، لا تضمن هدوءا في حال فتح جبهة شمالية. بل على العكس، فالأرجح هو الاعتقاد أن الجهاد الإسلامي في غزة على الأقل ستتمكن إيران من استخدامه بشكل متوازي في الجنوب أيضا، وهكذا فإن الطريق نحو تدهور في هذه الجبهة أيضا قصيرة جدا.
ووصف يهوشواع بـ"إخفاق لا يمكن استيعابه" بتحول حزب الله إلى "وحش يهدد إسرائيل بهذا الشكل، وبحوزته 150 ألف قذيفة صاروخية. وهذا عدد غير مسبوق لمنظمة إرهابية، ستتمكن من إطلاق حوالي 1500 قذيفة صاروخية يوميا وأكثر من ذلك أيضا. وقد يسبب دمارا هائلا، وحتى احتلال بلدات في الشمال بسهولة".
ونقل يهوشواع عن قائد سلاح الجو الإسرائيلي، عميرام نوركين، قوله خلال مؤتمر صحيفة "كلكليست" الاقتصادية، أمس، إنه "نحن موجودون الآن في فترة تغيرات عميقة جدا. وهذه فترة بدأت بتغيرات عالمية في السياق الأمني، إلى جانب توتر متزايد في مناطق كثيرة في العالم، مع ارتفاع ميزانيات الأمن في دول عديدة ونابع بالأساس من الإرهاب الذي يميز السنوات الأخيرة وهذا ينعكس ويؤثر على الجيش الإسرائيلي. والحل بنظري لنجاحنا هو التفوق الجوي. هو مفتاح الاستقرار الغقليمي. وعلينا أن نعكس بواسطته قوة وردع وتوجيه ضربات دقيقة، والدفاع أمام القذائف الصاروخية وتمكين الجيش الإسرائيلي من تحقيق غاياته".
وعلق يهوشواع على ذلك بأنه على الرغم من أن "الضربة التي سيوجهها الجيش الإسرائيلي لحزب الله ولبنان ستكون هائلة، إلا أن هذه لن تغير صورة الانتصار. ويتعين على إسرائيل أن تعيد النظر بالتسلح والجهوزية، في بداية عقد جديد. ففي نهاية الأمر، ترميم الاقتصاد من الدمار (في إسرائيل) بعد حرب كهذه سيكون مكلفا أكثر بعشرات المرات من المال المطلوب الآن (لميزانية الأمن)".
وفيما يدعو ضباط حاليون وسابقون في الجيش الإسرائيلي إلى توجيه "ضربة استباقية" ضد لبنان، أفاد يهوشواع بأن "آخرين يعتقدون أنه ليس صائبا استهداف دولة لبنان في الحرب القادمة لأنه لن يكون بعدها من يمكن إدارة ’اليوم التالي’ معه، والتخوف هو أن تدخل إيران إلى هذا الفراغ أيضا".