فتح مابين الثورة والدولة .. اياد جوده

الأحد 29 ديسمبر 2019 09:24 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فتح مابين الثورة والدولة .. اياد جوده



صاحبة المشروع الوطني الفلسطيني عملت دائما وبكل جد ووطنية على تعزيز صمود أبناء شعبنا والسعي دائما إلى تحقيق آماله وطموحاته، إنها لم تلقي سلاحها كما اتهمها الكثيرون ولم تنسى أهدافها وأحلام شعبها وعملت على كل الصعد ويشهد التاريخ الفلسطيني منذ إقامتها وحتى الآن على نضالها العسكري المميز وعلى نضالها السياسي الذي أعاد فلسطين إلى فلسطين .

إنها لا تمثل نفسها بل تمثل الملايين في كل بقاع الأرض ربما لا تمثلهم بشكل رسمي كونهم أعضاء في الحركة ولكنها تمثل أحلامهم وتناضل من اجل تحقيقها منذ عام 1965 وحتى اليوم لقد غيرت التاريخ، فهي صاحبة الرصاصة الأولى وهي مفجرة الثورة المعاصرة. رفعت شعار التحرير ومرت بالعديد من التجارب النضالية الناجحة حيث مثلث كل تجربة مفترق طرق فكان بالنهاية تعزيز الوجود وتقويته والاقتراب أكثر فأكثر إلى الحلم الفلسطيني المتمثل بإقامة الدولة وعاصمتها القدس .

لاشك إن هذه السنوات الطويلة من عمر الحركة وتداخل الكثير من الأيدولوجيات فيها أضاف لهذه الحركة نكهة خاصة لا يعيها إلا من ينتمي لها ، بالتأكيد مرت فتح في مراحلها المختلفة بالعديد من الصعاب والمفترقات ،وفي ظل صراع الأفكار نحفظ لهذه الحركة حرصها بعدم تغيير بوصلتها باتجاه الدولة والقدس .

كان العالم كله بدأ ينظر إلى شعبنا على انه مجموعات مهجرة ومشردة ليس لها حق .وراهن الاستعمار على النسيان والذوبان ولكن نسى هذا المحتل ونسي من يقف ورائه إن هناك رجال آمنوا بربهم وبعدالة قضيتهم وبحق شعبهم بان يكون مثل باقي الشعوب . فجاءت فتح فأعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية بثورتها وعززت وجوده بسياستها والتي كان لدبلوماسيتها وبدملوماسية القيادة الاثر الواضح في تحقيق اختراقات دولية والحصول على العديد من المكاسب السياسية الدولية . كثيرة هي تلك المكتسبات التي حققها النظام السياسي الفلسطيني ممثلا بـ م.ت.ف التي كان ولا زال يمثل نضالها ويعطيها العنفوان حركة فتح .

لم تمر الحالة الفلسطينية بطريق سهل ولم تمر فتح قائدة النضال الوطني ومفجرة الثورة المعاصرة بطريق مفروش بالورود من الاردن الى لبنان الى تونس حلقات لا يمكن سردها من الثورة والمعاناة والاصرار ، في كل محطة من المحطات قصص عطاء وبطولة وفداء وأعمال لا يمكن ان ينكرها الى جاهل او حاقد في ترسيخ فلسطينية الهوية والقرار . لم تكن السلطة الوطنية الفلسطينية وسيلة من وسائل تعزيز الوجود السياسي على الارض وترسيخ مبدأ اقامة الدولة الفلسطينية التي أجمع عليها الجميع من خلال البرامج التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني بداية من النقاط العشر وحتى العودة مرورا بإعلان وثيقة الاستقلال .

لا يمكن ذكر هذا كله دون ان تجد فتح حاضرة ومبادرة . لم تكن تلك السنوات من عمل السلطة سنوات سهلة لقد عاد ياسر عرفات ورفاقه الى ارض الوطن ووجدوا انفسهم امام الكل المعارض من الفصائل الفلسطينية المختلفة فانعكس هذا بشدة على عمل فتح فكان أبناء التنظيم الواحد يصارعون انفسهم بسبب وظائفهم فهم المشرعون وهم حماة الامن وهم القضاء وهم السلطة التنفيذية ولك ان تتخيل عزيزي القارئ ماذا يمكن ان يحدث عندما ما يحاول كل واحد في مكانه ان يقوم بعمله على وجه صحيح وعندما ما يشتبكون مع بعضهم لأجل الوطن وهم ابناء تنظيم واحد مطلوب منهم ان لا يختلفوا .

ولكنها الاقدار التي جعلت العامل في التنظيم هو أيضا جزء من سياسة الانتقاد ضد السياسة العامة التي تقودها فتح . انها حالة غريبة من العمل لم يسبق لاحد ان مر بها، وبإمكان الجميع التأكد من هذا لو قرر النظر والبحث في تجارب الاخرين .

هنا لا يسعني الاستمرار في ذكر امجادنا ولا يمكن ان اجمع كل انجازاتنا منذ الانطلاقة حتى اليوم او الغد . انما هي اشارات الى بعض المنعطفات الخطيرة والمهمة في تاريخنا العظيم والذي دفعت فيه فتح ثمنا باهظا على مستواها الشعبي الا ان كل هذا لم يمنع الالتفاف حولها والاصرار على مؤازرتها لانها الحقيقة والواقع . انني ادعو كل متنفذ وصاحب قرار ورأي في فتح الى ضرورة العمل على اعادة صياغة العلاقة الداخلية الفتحاوية والالتفات الى ما يجري داخل الاقاليم والمناطق التي يغيب عنها العمل المنظم والمخطط والتي تحول العمل داخلها الى الشخصنة بدلا من البرنامج والاقتتال بين الافراد قائم على اساس من معي ومن ضدي وليس على ما انجز وما لم ينجز .

ان الحقيقة التي لا حياد عنها ان صاحبة الثورة المعاصرة هي الاقدر على اكمال المشوار فهي كما قلت الحقيقة وهي الواقعية صاحبة الرصاصة الاولى مفجرة الثورة التي لم ولن تحيد عن طريقها . وانها لثورة حتى النصر