معركة ادلب المنتظرة… هل توقف تركيا دعمها للفصائل الجهادية؟عمر الردّاد

الأحد 22 ديسمبر 2019 02:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
معركة ادلب المنتظرة… هل توقف تركيا دعمها للفصائل الجهادية؟عمر الردّاد



رغم مظاهر التصعيد الذي تشهده أرياف ادلب وريف حلب الغربي،باستئناف العمليات العسكرية والضربات التي تشنها القوات الروسية بالتعاون مع الجيش السوري ضد الجماعات المسلحة في هذه الأرياف، والاستعدادات التي تجري على قدم وساق من قبل تلك الجماعات المدعومة من قبل تركيا،إلا أن معطيات كثيرة تشير الى أن ما يجري في ادلب ربما لا يتعدى محاولة لتحريك الأوضاع”الراكدة” فيها، استعدادا للمعارك البرية الحاسمة التي يبدو ان السياقات الموضوعية لم تنضج بعد للبدء بها،ودون ان يخفي هذا التصعيد ان هدف روسيا ومعها الحكومة السورية إنهاء الأوضاع في ادلب بصورتها القائمة،بوصفها “وكرا” للجماعات الإرهابية المسلحة،وأنها المنطقة الوحيدة التي لم تتم استعادتها لسيادة الدولة السورية.

وبوصفها اخر المعارك العسكرية الكبرى في سوريا،وتؤسس للعناوين الكبيرة التي ستكون عليها سوريا الجديدة، بما في ذلك مواقف الأطراف الفاعلة في الملف السوري،فان معركة “تحرير” ادلب لن تكون قرارا فرديا يتخذه تحالف”روسيا،إيران وسوريا”،دون الطرف التركي”الحليف العدو” لهذا التحالف، إضافة للولايات المتحدة والقوى التابعة لها، وعلى غرار العمليات التي تمت شرق الفرات “نبع السلام التركية”،التي ما كانت لترى النور لولا اتفاقا “صفقة” بين الرؤساء الثلاثة”ترامب،بوتين واردوغان”،تبعها تسليم قواعد أمريكية لروسيا في شمال شرق سوريا،والسماح لتركيا بإقامة المنطقة الآمنة، وتسليم رأس البغدادي للرئيس الأمريكي، بمساهمة من تركيا.
مسارات ادلب مرتبطة بتطورات الملف السوري في اطره الثلاثة”المحلية،الإقليمية والدولية”بما في ذلك تداعيات عملية نبع السلام شرق الفرات، واللجنة الدستورية،وتجدد قضيتي المساعدات الإنسانية وتوطين اللاجئين السوريين في المنطقة التي أعلنت عنها تركيا بعد عملية نبع السلام، واتجاهات العلاقات الروسية مع الولايات المتحدة،وعنوانها الجديد”قانون قيصر” الأمريكي من جهة، وبين الحليفين السوري والإيراني” مؤشرات على حالة من عدم الرضا الروسية على الرئيس بشار الأسد ،ومخاوف إيرانية من توسع نطاقات التنسيق الروسي مع إسرائيل وامريكا”.
ربما لا نبالغ اذا قلنا انه رغم تعقيدات مشهد ادلب وارتباطاته وأبعاده الدولية والإقليمية، الا انه سيبقى أسيرا لمقاربتين،الأولى: اندفاعة روسية وسورية لتحرير ادلب لاستكمال السيطرة على مناطق الدولة السورية والقضاء على الإرهاب،والثانية: ما يرجح انها تعهدات تركية قدمت للحليف الروسي وبمعرفة أمريكية،على هامش الحوارات التي سبقت نبع السلام التركية، يعززها رغبة تركية ب”دحر” جبهة النصرة المتمردة على أنقرة، وبشواهد وحيثيات قدمت تركيا خلالها معلومات مهمة لأمريكا، أسهمت في توجيه ضربات موجعة للنصرة وفصائل جهادية متمردة أخرى”حراس الدين”،في بداية أيلول الماضي، وهو ما يعزز فرضيات ترجح أن تركيا ستتخذ مواقف جديدة في معركة ادلب القادمة،عنوانها التعاون المباشر مع روسيا وغير المباشر مع سوريا،وبتنسيق كامل مع الولايات المتحدة، بما في ذلك الاستثمار التركي لعمليات اللجوء المتوقعة من ادلب،والتي بدا الرئيس اردوغان يتحدث عنها مجددا،في إطار إستراتيجية تركية قوامها استثمار اللاجئين في تحقيق التغيير الديمغرافي في سوريا، وكونها ورقة يمكن ابتزاز يمكن رفعها بوجه أوروبا باية لحظة،خاصة وان أعداد اللاجئين السورين” حوالي أربعة ملايين” توفر للرئيس اردوغان إمكانية الاستخدام المزدوج للاجئين.
 ان انشغالات الرئيس اردوغان بملفات إقليمية ضاغطة،أبرزها العلاقة المتوترة مع أوروبا ،وفي أكثر من ملف بما فيها الخلافات على مناطق التنقيب عن الغاز والنفط،والتدخل العسكري في ليبيا، إضافة لمناكفة المملكة العربية السعودية ومصر،خلال القمة الإسلامية في ماليزيا وبمشاركة إيرانية،لنزع الزعامة الإسلامية عن السعودية،ستدفعه لاتخاذ مواقف أكثر ليونة في ملف ادلب، حفاظا على الحليف الروسي،الذي لا يثق بشكل كاف بنوايا الرئيس اردوغان، وحقيقة انه يستخدم علاقاته مع الرئيس بوتين لمواجهة الضغوط الأمريكية،وانه في حال قدم الأمريكان له ما يمكن ان يحقق بعض أهدافه فسيتخلى بين عشية وضحاها عن تحالفه مع روسيا.
وبالخلاصة،فانه على وقع الحسابات الإقليمية والدولية لكافة الأطراف،تجري الاستعدادات لمعركة ادلب القادمة،ومن الواضح ان كافة الأطراف تحصي حجم مكاسبها وخسائرها من مالأت ادلب، وانه لم يتوصل لاتفاقات”صفقات” حاسمة حتى تاريخه بين الفاعلين في الملف السوري،وهو ما يفسر العمليات المحدودة من القصف الجوي واستعدادات الفصائل المسلحة لسيناريو عمليات واسعة في ادلب، في إطار تبادل الرسائل المشفرة، وإظهار كل طرف لقوته وقدراته التي يمكن ان يستخدمها في معركة لم يعد وقوعها بالصورة التي يتم التحذير منها امرا مؤكدا،خاصة وان ما يميزها هذه المرة” إذا وقعت” أنها ستكون بموقف تركي جديد،عنوانه تخلي تركيا عن دعمها للفصائل الجهادية.
كاتب اردني.
oaalraddad@gmail.com