تل ابيب : تسوية في الجنوب مع حماس تخلد الانقسام بين غزة والضفة

الخميس 12 ديسمبر 2019 12:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
تل ابيب : تسوية في الجنوب مع حماس تخلد الانقسام بين غزة والضفة



أطلس للدراسات / سما/ شلمو الدار/

في زيارته للبرتغال، الأسبوع الماضي، أكد نتنياهو على أن اتفاق التسوية مع حماس أصبح وشيكًا. "هناك احتمال، وربما فرصة لتعزيز التسوية. هذا لا يعني أنهم سيعترفون بنا ونحن سنعترف بهم، لكن أعتقد بأنه يُمكن التوصل لتسوية. نحن نعمل من أجل هذا الأمر في هذا الوقت بالتحديد" هذا الأمر لقى إعجابًا من قبل رؤساء البلديات في غلاف غزة، الذين التقوا في نفس اليوم مع رئيس الأركان أفيف كوخافي، على خلفية استمرار إطلاق الصواريخ نحو مستوطنات غلاف غزة، والصمت السياسي في إسرائيل. بعد اللقاء، قالوا بأنهم فهموا أن اتجاه التسوية مع حماس "إيجابي".

جاء حديث نتنياهو ورئيس الأركان في نفس الوقت الذي تجري فيه محادثات في القاهرة، بمشاركة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ومسؤولين في الجهاد الإسلامي برئاسة الأمين العام زياد النخالة. لقد تحول الجهاد الإسلامي نوعًا ما لـ "شريك في السيادة"، أي أن حماس ليست المسيطر الوحيد في القطاع الذي يتخذ قرارات جيدة أو سيئة، كما أن رؤساء الجهاد الاسلامي لديهم مطالب وشروط للتسوية.

هذا ونقلت أخبار القناة الـ 13، الاثنين الماضي، أن الجهاد الإسلامي رفض تثبيت تهدئة طويلة الأمد في غزة، لكن النخالة تعهد شفهيًا بالحفاظ على التهدئة طالما التزمت إسرائيل بها. يومًا ما ستندم حماس على الشراكة التي فرضت عليها بسبب رغبتهم بإرضاء طهران، لكن الآن هذا هو الواقع، وكذلك إسرائيل ومصر يقبلون بذلك. من كان يصدق؟

خصم نتنياهو السياسي في "الليكود"، عضو الكنيست جدعون ساعر، هاجم إجراءات التسوية، مدعيًا بأن "تسوية تسمح باستمرار بناء القوة والتسلح لحماس والجهاد الإسلامي في غزة هي خطأ استراتيجي صعب"، وأضاف أن هذا "يمثل بناء نموذج لحزب الله 2 في الجنوب. عندما تحين وقت المواجهة، في الوقت المناسب لهم أو للقادة في طهران؛ ستدفع إسرائيل أثمانًا باهظة جدًا".

إن ساعر بالفعل محق، فحماس استغلت كل هدوء مؤقت أو هدنة طويلة الأمد في السابق من أجل الاستعداد للمعركة المقبلة مع إسرائيل، مع استخلاص العبر. هذه الحقائق معروفة بالنسبة للمنظومة الأمنية ولنتنياهو، لكن ليس هناك أيّ رغبة منهم للعمل من أجل إسقاط حكم حماس، ربما خوفًا من سيطرة تنظيمات أكثر تطرفًا على القطاع والثمن الذي سيسقط على أكتاف إسرائيل، التسوية هي الخيار الافتراضي لحكومة نتنياهو.

لكن التسوية معناها أيضًا فهم للواقع. اتفاق مع حماس (التي ما زالت إسرائيل تُصر على تسميتها "تنظيمًا إرهابيًا" - سيسمح لها بتعزيز وتقوية حكمها في غزة. وقد قال نتنياهو في مؤتمر صحفي "هذا لا يعني أننا نعترف بهم وأنهم يعترفون بنا"، لكن في الحقيقة هي فقط كلمات الهدف منها صد الانتقادات ضده بسبب قراره بالتوصل لاتفاق مع "تنظيم إرهابي"، هذا هو التناقض، لا يمكن تنفيذ صفقات أو التوصل لاتفاقيات مع أيّ "تنظيم إرهابي"، وفي اللحظة التي تصل معهم لتفاهمات - أيّ كانت، فإن هذا اعتراف فعلي به وبقيادته. وهذا ما حدث مع حماس ومع الجهاد الإسلامي.

كما أن هناك جانب آخر لاتفاق التسوية، في حال تحقق: تخليد الانقسام بين غزة ورام الله. أحد أهداف التسوية هو أن حماس والجهاد الإسلامي يسيطرون على غزة، بينما تضطر السلطة الفلسطينية للتنازل عن حلم توحيد الضفة مع غزة. في حال قامت في المستقبل دولة فلسطينية في اتفاق سياسي، فمن المتوقع أن تكون حدودها في نطاق الضفة فقط؛ كيانان منفصلان لشعب فلسطيني واحد.

مسؤول أمني إسرائيل قال بأن اتفاق التسوية - في حال تحقق - وعلى فرض أن يلتزم بهِ الطرفان، سيكون له تداعيات اقتصادية، وطنية واجتماعية. في الوقت الذي تزدهر فيه الضفة الغربية وتشهد تطورًا اقتصاديًا رغم كل الصعوبات، إلا أن غزة دائمًا بحاجة لمساعدة إنسانية. التسوية مع إسرائيل لن تقود لازدهار اقتصادي في القطاع، بل في جميع الأحوال لظروف أكثر ملاءمة للبقاء على قيد الحياة؛ هكذا تبتعد الضفة عن غزة. كيانان فلسطينيان منفصلان يتشكلان أمام أعيننا، ليس فقط بسبب الانفصال الجغرافي.