كتب يوسف الشايب:
"خمسينية الثورة الفلسطينية"، هي العنوان الجامع الذي اختارته وزارة الثقافة، ليس فقط لإحياء الذكرى العاشرة لرحيل المخرج مصطفى أبو علي مؤسسها، بل فرصة لإعادة الاعتبار لهذه السينما التي ترافقت فيها الكاميرا والبندقية، وسقط من أجلها الشهداء، عبر عرض عديد الأفلام جلها لمصطفى ورفاقه في مسرح وسينماتك القصبة التي تحتضن فعاليات الأيام الأربعة للحدث.
وأشار وزير الثقافة د. عاطف أبو سيف إلى أن إطلاق "خمسينية سينما الثورة الفلسطينية" يأتي من باب التقدير والعرفان للأدوار الكبيرة لهذه السينما على عدة مستويات، "حين كان حمل البندقية يوازي حمل الكاميرا، وكان للكاميرا دور كبير في تخليد الصورة، خاصة أن الثورة الفلسطينية في ذلك الوقت كانت بحاجة لمن يعبّر عنها، أو ينطق باسمها، عبر نقل الصورة حيّة ومباشرة إلى العالم، فمصطفى أبو علي وهاني جوهرية ورفاقهما من هذا الجيل العظيم من الآباء المؤسسين، أخذوا على عاتقهم نقل الحقيقة، ونقل رسالة الثورة الفلسطينية التي هي رسالة الشعب الفلسطيني عبر الكاميرا والأفلام والمشاركة في المهرجانات العربية والعالمية، ما يتطلب منا ليس فقط استذكارها وتقديرها، بل تعريف الأجيال الناشئة بها".
ولفت أبو سيف إلى أن عرض هذه الأفلام، وبعضها سبق أن جال عدة محافظات، لا يأتي من باب تذكر الماضي، بل من باب تقدير هذا الماضي، والاستفادة من الحكمة الكبيرة التي كانت وراء تأسيس سينما الثورة الفلسطينية، حتى لا ينسى الفنان رسالته، فللفن رسالة خالدة، وفي السياق الفلسطيني، وإلى جانب جماليات هذا الفن وإنسانيته هو قضية وطنية تتطلب من الفنان الفلسطيني العامل في كافة قطاعات الثقافة والفنون الالتزام بقضايا ومطالب شعبه.
وأضاف وزير الثقافة: نتمنى أن نكون أبناء بررة لهذه المدرسة الوطنية الكبيرة التي جعلت من الثقافة ليس إرثاً وليس سداً منيعاً للهوية الفلسطينية فحسب، بل جعلت منها قلعة من قلاعنا الوطنية، حيث كان حملة الكاميرات ومن بينهم مصطفى أبو علي الذي نحيي ذكرى رحيله العاشرة، وكافة رفاقه، مقاتلين إلى جانب دورهم الطليعي في المجال الإبداعي، غير متجاهلين الكاميرا الفلسطينية التي كانت تنقل جرائم الاحتلال في الأراضي المحتلة بالضفة وغزة والقدس، مؤكداً على ضرورة استعادة الفن دوره في الحياة الفلسطينية، وخاصة السينما، معبراً عن طموحه بتحوّل السينما إلى ثقافة وعادة يومية .. علينا تقدير هذا الماضي، والتفكير في ذات الوقت بإعادة مأسسة القطاع السينمائي الفلسطيني.
بدورها أشارت خديجة أبو علي حباشنة، رفيقة درب المخرج الراحل مصطفى أبو علي، إلى أن الفكرة بُنيت على إحساس بغيابٍ كبيرٍ جداً لمجموعة من المناضلين أو فرسان السينما عن ذاكرة الأجيال الشابة والناشئة، وهم من شكلوا أول مجموعة سينمائية تلتحق بحركة تحرر وطني في خضم الكفاح المسلح، حيث تبيّن أن كافة الثورات صنعت سينماها الثورية بعد الانتصار، لدرجة أن "أحد المصورين، ويدعى نبيل، في تلك الحقبة أشار لي بأن المصور هو من كان يعطي شارة البدء للعملية العسكرية أو الفدائية".
وشددت حباشنة على أنها، ولتلك الأسباب، أعدت كتاباً صدر حديثاً حول تلك الفترة، وهذه المجموعة من رواد سينما الثورة الفلسطينية، ذلك الجيل الذي اقتدى بالفدائي، حيث ساد إنكار الذات لديهم، بالإضافة إلى القدرة على العطاء والعمل والمتواصل ومحاولة التعريف بالشعب الفلسطيني عبر رواية فلسطينية نقلتها هذه الأفلام منذ نهاية ستينيات القرن الماضي إلى العالم، إضافة إلى ذلك الطموح الذي كان يتملكهم بأن يكون لديهم لغتهم السينمائية الخاصة، ونجحوا في ذلك إلى درجة كبيرة، وهو ما أسماه العديد من النقاد بالسينما البديلة.
ويعرض لمصطفى أبو علي على مدار الأيام الأربعة في "خمسينية سينما الثورة الفلسطينية" أفلام: "بالروح بالدم" (1971)، و"عدوان صهيوني" (1972)، و"ليس لهم وجود" (1972)، و"مشاهد من الاحتلال في غزة" (1973)، و"فلسطين في العين: هاني جوهرية شهيد السينما النضالية" (1977)، و"تل الزعتر" بالاشتراك مع بينو أدريانو وجان شمعون (1977).
ومن العروض الأخرى في الاحتفالية وجميعها من إنتاجات مؤسسة السينما الفلسطينية وكانت تتبع منظمة التحرير، أفلام: "رؤى فلسطينية"(1977) لعدنان مدانات، و"الحرب في لبنان" (1977) لسمير نمر وبكر الشرقاوي، و"أنشودة الأحرار"(1978) لجان شمعون، و"أطفال ولكن" (1980) لخديجة أبو علي حباشنة، و"تحت الأنقاض" (1982) لجان شمعون ومي مصري.