وسط حالة تفاؤل حذر بإمكانية التوصل قريبا لعقد صفقة تهدئة متعددة المراحل، تنهي الحرب الإسرائيلية الدامية ضد قطاع غزة، كشفت مصادر مطلعة لـ “القدس العربي” أن الأمر مرده التوافق مع الطواقم الفنية الإسرائيلية خلال الأيام الماضية، على جملة من نقاط الخلاف، تشمل مواقع انسحابات جيش الاحتلال من غزة ومناطق إعادة الانتشار، فيما بقي بعض منها بانتظار حله قريبا، وفي مقدمتها طرق إطلاق سراح أسرى صفقة التبادل وأعدادهم.
ووفق ما يتوفر من معلومات، فقد جرى الاتفاق برعاية الوسطاء، ومن خلال التفاوض غير المباشر بين حركة حماس والوفد الفني الإسرائيلي، على نقاط الانسحاب الإسرائيلي في غزة، في المرحلتين الأولى والثانية، بعد أن قُدمت لحماس ضمانات عبر الوسيط الأمريكي، بألا تعود إسرائيل للحرب من جديد ضد غزة، بعد انتهاء مراحل التهدئة المتعددة، حيث يشمل الانسحاب الكثير من المواقع في منطقة “محور نتساريم”، الذي يقسم قطاع غزة إلى قسم في الشمال وآخر في الجنوب، ومن “محور فيلادلفيا” الفاصل بين جنوب قطاع غزة ومصر.
علمت “القدس العربي” من مسؤول يعمل في منظمة دولية، لها تحركات ما بين مناطق شمال وجنوب القطاع، أن الجيش الإسرائيلي كان قد فكك بعض المباني والمنشآت التي وضعها في منطقة “محور نتساريم”
وعلمت “القدس العربي” من مسؤول يعمل في منظمة دولية، لها تحركات ما بين مناطق شمال وجنوب القطاع، أن الجيش الإسرائيلي كان قد فكك بعض المباني والمنشآت التي وضعها في منطقة “محور نتساريم”، من الجهة الغربية، القريبة من شارع الرشيد الساحلي.
وذكر هذا المسؤول أن المشاركين في قوافل المساعدات الإنسانية التي تتنقل بين الحين والآخر بين شمال وجنوب القطاع، من تلك المنطقة، لاحظت أن هناك تفكيكا للعديد من المنشآت من تلك المنطقة، بعد فشل مشروع “الميناء العائم” الذي أشرفت أمريكا على إنشائه على ساحل تلك المنطقة، وهو ميناء لم ينجح في إدخال المساعدات المطلوبة لسكان غزة، قبل أن تجرفه الأمواج وتؤدي إلى تفككه.
وحسب ما يتوفر من معلومات فإن جيش الاحتلال سينهي تواجده في تلك المنطقة، وصولا إلى ما بعد شارع صلاح الدين من الجهة الشرقية لمسافة محددة في المرحلة الأولى، على أن تتسع مسافة الانسحاب في المرحلة الثانية، إلى مقربة من الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وعلمت “القدس العربي” أن الوفد الإسرائيلي في المفاوضات الأخيرة في الدوحة، قدم خطة الوجود العسكري في مرحلة التهدئة، والمراحل اللاحقة لها، حيث جدد الطلب بأن تكون هناك مسافة ميل كامل على طول حدود غزة، تخضع للسيطرة الإسرائيلية، بعد أن كانت قبل الحرب مسافة تقدر بـ 300 متر فقط، تعتبر منطقة عازلة، لا تتواجد فيها سيطرة للآليات العسكرية على الأرض، لكنها كانت تعتبر مرمى نيران للقوات الإسرائيلية، تستهدف كل من يدخلها.
الوفد الإسرائيلي قدم خطة الوجود العسكري في مرحلة التهدئة، والمراحل اللاحقة لها، حيث جدد الطلب بأن تكون هناك مسافة ميل كامل على طول حدود غزة، تخضع للسيطرة الإسرائيلية
ويدور الحديث أنه في الوقت الذي تلقت فيه حماس ضمانات بانتهاء الحرب وعدم عودة التصعيد الإسرائيلي بعد عقد صفقات التبادل، تشددت إسرائيل بطلب عدم إبقاء حكم حماس في غزة بعد انتهاء الحرب، كشرط لسير تطبيق باقي البنود وعدم العودة لأي عمل عسكري من جديد.
إدارة غزة
وقد جرى دراسة عدة صيغ خلال الفترة الأولى من التهدئة، لحين الاتفاق على إدارة القطاع في المرحلة القادمة، تشمل إيكال مهمة إدارة ملف المساعدات الإنسانية والطارئة للمنظمات الأممية المختصة، والتي ستتعاون مع مؤسسات محلية وجمعيات إنسانية مستقلة بالكامل، وأن تكون إدارة ملفات الخدمات من قبل السلطات المحلية (البلديات والصحة).
كما اشتملت التفاهمات التي بنى عليها الأمريكيون اعتقادهم بقرب الصفقة، أن يجري الانتهاء من عمليات تبادل الأسرى في المرحلتين الأولى والثانية، وألا يؤجل شيء للمرحلة الثالثة، حيث قطعت المفاوضات شوطا كبيرا، جرى خلاله التوافق على أعداد الأسرى الفلسطينيين، الذين سيطلق سراحهم مقابل الأسرى الإسرائيليين بمن فيهم الجنود والضباط.
ويدور الحديث بأنه جرى بحث أماكن إطلاق سراح الأسرى من ذوي المحكوميات العالية، حيث سيجري إطلاق سراح عدد منهم إلى خارج المناطق الفلسطينية، على غرار ما جرى في آخر صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس في العام 2011، إلى جانب بحث أسماء ونوعية أسرى المؤبدات الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم في هذه الصفقات.
وقد أصدر بنيامين نتنياهو مساء السبت تعليماته لرئيس “الموساد” ديفيد برنياع، و”الشاباك” رونين بار، واللواء (احتياط) نيتسان ألون، والمستشار السياسي أوفير فالك، بالسفر إلى الدوحة، بهدف مواصلة الجهود للتوصل إلى التهدئة، وذلك في نهاية مناقشة لتقييم الوضع بشأن هذه القضية، حضرها وزير الجيش يسرائيل كاتس، ورؤساء المؤسسة الأمنية، ووسطاء أمريكيون من إدارة الرئيس جو بايدن، وآخرون يعملون ضمن فريق الرئيس القادم دونالد ترامب.
وفي وقت سابق الأحد، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن “وفدا إسرائيليا يضم رئيس الموساد ديفيد برنياع، ورئيس الشاباك رونين بار، وصل إلى قطر اليوم، وسيبدأ قريبا جولة من المحادثات بهدف التوصل إلى صفقة”.
وأوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن ممثلين عن إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سيشاركون في الاجتماعات في الدوحة، بقيادة المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الأحد، إن الأيام الجارية “حاسمة” فيما يتعلق بإطلاق سراح مواطنيه الأسرى في قطاع غزة، معربا عن أمله في التوصل إلى صفقة مع حركة حماس “قريبا”.
جاء ذلك في تدوينة على حساب هرتسوغ بمنصة “إكس”، قال فيها: “هذه أيام حاسمة للإفراج عن المختطفين. وأشد على أيادي المشاركين في أعمال التفاوض وآمل أن يتوصلوا إلى اتفاق قريبا”.
ومضى بقوله: “علينا أن نتحرك بكل قوتنا، في كافة الجوانب والساحات، حتى يعود المختطفون”.
وأضاف هرتسوغ: “لن نرتاح ولن نهدأ ولن نكتمل حتى يعود الجميع إلى وطنهم، بعضهم إلى إعادة التأهيل وبيته والبعض إلى الدفن في إسرائيل”.والجدير ذكره أن هناك أنباء أشارت إلى إبداء حركة حماس “مرونة” في مفاوضات الدوحة الأخيرة، لها علاقة بملف صفقة التبادل، وكذلك طرق عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى مناطق الشمال، وبقاء قوات للجيش الإسرائيلي في القطاع خلال المرحلة الأولى، بما فيها تلك الموجودة على “محور نتساريم”، والتي ستكون على مقربة من منطقة عودة النازحين.
صفقة الأسرى
ويدور الحديث أن المرحلة الأولى لصفقة التبادل ستستمر وفقا لما تعرف بـ “خطة بايدن” التي طرحت في نهايات مايو من العام الماضي، لمدة تتراوح من ستة إلى ثمانية أسابيع، على أن يجري حل خلافات المرحلة الثانية التي جرى التوافق على شكلها الأساسي، خلال تلك المدة التي سينعم فيها قطاع غزة بالهدوء، والتي سيكون من بين أهم نقاطها أسماء أسرى الدفعة الثانية الذين سيطلق سراحهم، مقابل الجنود والضباط الإسرائيليين.
المرحلة الأولى لصفقة التبادل ستستمر، وفقا لما تعرف بـ “خطة بايدن” التي طرحت في نهايات مايو من العام الماضي، لمدة تتراوح من ستة إلى ثمانية أسابيع
وفي هذا السياق، كشف قدورة فارس رئيس هيئة شؤون الأسرى، عن تفاصيل جديدة حول المرحلة الأولى من الصفقة، ونقلت عنه وكالة “معا” المحلية القول إن المرحلة الأولى ستشمل الإفراج عن 25 أسيرا إسرائيليًا في قطاع غزة، مقابل تحرير 48 أسيرًا من محرري صفقة شاليط وإعادتهم إلى منازلهم، بالإضافة إلى 200 أسير محكوم عليهم بالمؤبد، وألف أسير آخر، بينهم جميع الأطفال والنساء والمرضى في سجون الاحتلال، لافتا إلى أن التقديرات تشير إلى الإفراج عن أكثر من 3000 أسير فلسطيني خلال هذه المرحلة، بعد إضافة 9 أسرى إسرائيليين.
وأشار فارس إلى أن جميع الفئات المذكورة سيعودون إلى منازلهم في القدس وغزة والضفة الغربية، باستثناء الأسرى المحكوم عليهم بالمؤبد، الذين سيُبعدون على الأرجح إلى ثلاث دول هي: قطر، مصر، وتركيا، مؤكدا أن “هذا الخيار قد يكون اضطرارياً وحكيماً لتجنب تهديدات الاحتلال باغتيال الأسرى المحررين”.
وأشار إلى أن الاحتلال أصرّ على زيادة عدد الأسرى الإسرائيليين المُفرج عنهم في المرحلة الأولى، بإضافة تسعة آخرين، بينهم جنود جرحى، مقابل ثمن إضافي يتم التفاوض عليه حاليًا، ويتضمن تحرير مزيد من أسرى المؤبدات.