دعت شبكة المنظمات الأهلية الى مراجعة شاملة لبرامج التشغيل المؤقت في قطاع غزة وضمان ربطها بإطار تنموي تمكيني للفئات المستهدفة والهيئات المشغلة لها بما يخفف من حدة البطالة والفقر والنهوض بالواقع الاقتصادي.
جاء ذلك في ورقة حقائق حول "برامج التشغيل المؤقت في قطاع غزة" أصدرتها شبكة المنظمات الأهلية اليوم مستندة فيها إلى عدد من مشاريع وبرامج التشغيل المؤقت منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية حتى الوقت الحاضر والتجارب الدولية في هذا الصدد.
واشارت الورقة الى أنه على الرغم من أهمية ما وفرته هذه البرامج من فرص عمل مؤقتة للمتعطلين عن العمل بكلفة عشرات ملايين الدولارات إلا أنه لم يطرأ أي تغيير حقيقي على مستويات الفقر والبطالة في قطاع غزة. كما أن المواطن الفلسطيني أو المستفيد من المشروع لم يشعر بالأثر التنموي على المستوى الشخصي في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي. وهذا ما ينعكس على استمرار المشكلات الاقتصادية والاجتماعية واستمرار ارتفاع نسب الفقر والبطالة مما أدى إلى الاعتمادية على المساعدات الخارجية حيث لا يزال حوالي 80% من سكان قطاع غزة بحاجة الى المساعدات الانسانية بشكل أو بآخر.
واوضخت الورقة أهمية برامج التشغيل وضرورة تصميمها في إطار تنموي تمكيني وبالذات لفئات الشباب والخريجين مؤكدة أن غياب السياسات الناظمة وضعف التنسيق وعدم إشراك منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وبعض القطاعات الإنتاجية المهمة في التخطيط كانت أحد الأسباب في ضعف هذه البرامج على إحداث تغيير ملموس في مستويات الفقر وبالبطالة.
كما اشارت الورقة إلى بعض الأرقام والإحصاءات التي صدرت مؤخرا من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن البطالة حيث أن فئة الشباب (19- 29 سنة) هم الأكثر معاناة من البطالة، فقد بلغ معدل البطالة بينهم حوالي 44% (27% في الضفة الغربية و69% في قطاع غزة)، كما أن الشباب الخريجين الذين لديهم مؤهل علمي دبلوم متوسط فأعلى هم الأكثر معاناة من البطالة حيث بلغ معدل البطالة بينهم 58% (40% في الضفة الغربية و78% في قطاع غزة).
وتوجز الورقة بعض التحديات المصاحبة للنهوض بقطاع التشغيل وأوردت بعض التجارب الدولية التي نجحت في تخطي مشاكل البطالة والفقر، فمن ضمن التحديات ما هو قابل للتغلب عليه بالتنسيق والعمل الجاد بين القطاعات المختلفة لوضع استراتيجيات واضحة لربط برامج التشغيل بالخريجين والجامعات بسوق العمل إضافة إلى دعم القطاع الخاص.
وفي ختام الورقة خلصت الشبكة إلى بعض التوصيات للارتقاء ببرامج التشغيل المؤقت والاستفادة منها في إطار تنموي تمكيني حيث أوصت بضرورة الاستثمار في البرامج التنموية الهادفة إلى تمكين المجتمع الفلسطيني اقتصاديا واجتماعيا لتقويته وتمكينه بهدف الوصول إلى الاعتماد على الذات في جميع القطاعات وعدم الاكتفاء فقط بتمويل مشاريع الطوارئ.
وأوصت الورقة بوضع خطة وطنية تكاملية تشاركية من السلطة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص بهدف إيجاد فرص عمل ذات بعد تنموي وإنتاجي، وتحسين التنسيق بين سياسات التشغيل العامة وقطاعات التشغيل، مع ضرورة صياغة خطة طوارئ وطنية للحد من معدلات البطالة في قطاع غزة، وإلى استصدار قوانين للحماية الاجتماعية والتأمين ضد البطالة.
كما أوصت الورقة إلى إجراء دراسات تحليلية للمشاريع المقترحة وحاجات المؤسسات والمنشآت من العمالة قبل البدء بأي من مشاريع التشغيل لضمان مساهمة المشروع في الأهداف التنموية وتعزيز الاقتصاد المحلي والحد من البطالة، بالإضافة إلى العمل على التوزيع العادل لبرامج التشغيل على القطاعات الإنتاجية المختلفة، وإنشاء قاعدة بيانات مركزية لمتابعة برامج التشغيل والمستفيدين منها وتسهيل التسجيل والمتابعة بحيث يتم وضع معايير موحدة للاستفادة من المشاريع الممولة من أجل تأكيد الشفافية في اختيار المستفيدين حسب الفئات العمرية المختلفة والجنس والمنطقة.
وفي هذا الإطار رحبت الشبكة بقرار الحكومة الفلسطينية في اجتماعها الأخير تشكيل فريق فني يمثل الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل للحد من البطالة والفقر، مؤكدة على ضرورة ضمان المشاركة الفاعلة لمؤسسات المجتمع المدني في هذا الفريق وبخاصة من قطاع غزة.
وعلى صعيد التوصيات الخاصة بالمانحين أكدت الشبكة على ضرورة العمل على رفع الحصار والحظر المفروض من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على حركة الأفراد والبضائع وإدخال المواد الخام الخاصة بالمشاريع والسماح بتصدير المنتجات المحلية للخارج والعمل على توفير اللازم لهذه البرامج التمكينية للشباب.
كما أوصت الورقة بالعمل على إعداد برامج تشغيل تتناسب مع المراحل المتجددة ونتائج الدراسات المستقلة وبما يتطابق مع أهداف التنمية المستدامة لتعزيز النمو الاقتصادي المطرد، وتوفير العمل اللائق للجميع والاستثمار في نظم معلومات سوق العمل وعمل دراسات للسوق لتحديد القطاعات الأكثر احتياجا للعمال.