بوتين في السعودية: النفط والأزمة مع إيران لتعزيز النفوذ الروسي

الإثنين 14 أكتوبر 2019 09:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
بوتين في السعودية: النفط والأزمة مع إيران لتعزيز النفوذ الروسي



الرياض /سما/

وقّعت كل من السعودية وروسيا، الإثنين، على "ميثاق التعاون بين الدول المنتجة للنفط" في منظمة الدول المصدرة "أوبك" وخارجها، وذلك خلال زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للسعودية، وبحضور الملك سلمان بن عبد العزيز، ومسؤولين من البلدين في قطاع الطاقة، ضمن مساعي بوتين لتعزيز نفوذه في الشرق الأوسط، وتوظيف هذا النفوذ لتخفيف حدة التوتر بين السعودية وإيران.

وتعتبر زيارة الرئيس الروسي للسعودية الأولى من نوعها منذ أكثر من 10 سنوات، وتسلط الضوء على نفوذ موسكو المتنامي في الشرق الأوسط، بالاستفادة من المكاسب العسكرية الروسية في سورية، والعلاقات القوية مع إيران خصم الرياض الرئيسي في المنطقة، والتعاون في سياسات الطاقة.

واعتبر وزير الطاقة السعودية ونجل الملك، عبد العزيز بن سلمان، التوقيع على الميثاق "أساسيا لترسيخ التعاون، ودعم استقرار أسواق النفط".

وكان قد تم التوصل للميثاق بين دول منظمة "أوبك" وعددها 14، والدول المنتجة خارجها، بقيادة روسيا، وعددها 10، في تموز/ يوليو الماضي خلال اجتماع في فيينا.

ويعود تاريخ التحالف الذي لم يكن رسميا حتى الآن إلى نهاية عام 2016. ولمواجهة انهيار أسعار النفط الخام حينها، اتّفقت "أوبك" مع مجموعة من المنتجين من خارجها على الحد من المعروض في الأسواق.

وتضخ الدول ال24 المعروفة باسم "أوبك+" نصف النفط الخام في العالم.

وقد وافقت هذه الدول في تموز/ يوليو على أن تمدّد لتسعة أشهر اتفاقا توصّلت إليه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي لتخفيض إجمالي إمدادها بحجم 1.2 مليون برميل يوميا، مقارنة بإنتاجها في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.

ويتزامن التمديد حتى آذار/ مارس 2020 مع بقاء الأسعار عرضة لضغوط قوية بين وفرة الإمداد تغذيها طفرة النفط الخام في الولايات المتحدة، وتراجع الاستهلاك العالمي على خلفية التباطؤ الاقتصادي.

النفط وأزمة السعودية مع إيران على طاولة  المحادثات

حظي الرئيس الروسي باستقبال حار بعد وصوله إلى السعودية في زيارة لإبرام اتفاق بين موسكو والرياض حول النفط، ويسعى فيها أيضا لتوظيف نفوذه للتخفيف من حدة التوتر المتصاعد في المنطقة بين إيران والسعودية.

ويجري بوتين محادثات مع الملك السعودي وبين الوفدين الروسي والسعودي، بالإضافة إلى محادثات تجمع بوتين مع ولي العهد في وقت لاحق، الإثنين. ومن المتوقع أن يهيمن النفط على هذه المباحثات.

وقال الملك سلمان في بدء جلسة المحادثات السعودية- الروسية "نتطلع للعمل دوما في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والسلام ومواجهة التطرف والإرهاب وتعزيز النمو الاقتصادي".

وكان التقارب ملفتا خلال السنوات الأخيرة بين موسكو والرياض، حليفة الولايات المتحدة التقليدية. وزار الملك سلمان روسيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، في زيارة كانت الأولى من نوعها في تاريخ السعودية.

وبعد عام، حين واجه ولي العهد حملة تنديد وانتقادات إثر اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا، اندفع بوتين لمصافحته أمام قادة كبرى دول العالم خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان.

وعشية زيارته، أعلن بوتين في مقابلة أجرتها معه قنوات ناطقة بالعربية بينها قناة "العربية"، وتم بثها الأحد "بالطبع، سنعمل مع السعودية ومع شركائنا وأصدقائنا الآخرين في العالم العربي من أجل تحييد وتقليل محاولات زعزعة استقرار السوق إلى الصفر"، مشيدا بعلاقاته "الطيبة مع الملك ومع ولي العهد".

وتوقع المحلل الروسي فيودور لوكيانوف أن يراهن بوتين على علاقات موسكو الجيدة مع الدول العربية من جهة، وعلى تحالفها من جهة أخرى مع إيران، خصم السعودية في المنطقة، ليحاول "لعب دور صانع السلام" في التوتر الإيراني السعودي في الخليج.

وتفاقم الخلاف بصورة خاصة مع الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية سعودية في أيلول/سبتمبر. وتبنى المتمردون الحوثيون اليمنيون المدعومون من طهران هذه الهجمات. ويخوض الحوثيون حربا ضد تحالف عسكري بقيادة السعودية دعما لحكومة الرئيس اليمني المعترف به عبد ربه منصور هادي.

وكانت قد حمّلت السعودية والولايات المتحدة ثم ألمانيا وبريطانيا وفرنسا إيران مسؤولية الضربات، لكن إيران نفت أي دور لها وحذرت من "حرب شاملة" في حال تعرضت لهجوم على أراضيها.

وتفادت روسيا الوقوف بجانب طرف ضد آخر، بل دعت إلى "عدم الخروج باستنتاجات متسرعة" عارضة على الرياض شراء منظومات روسية للدفاع الجوي بهدف حماية أراضيها.

وقال بوتين في المقابلة التي شاركت فيها قناة "روسيا اليوم" و"سكاي نيوز عربية"، إن "هذه القوة الكبيرة، إيران الموجودة على الأرض منذ آلاف السنين، فالإيرانيون والفرس عاشوا هنا منذ قرون، لا يمكن ألا تكون لديهم مصالحهم الخاصة، ويجب أن يعاملوا باحترام".

وأضاف "أما بالنسبة لروسيا، فسنبذل قصارى جهدنا لخلق الظروف اللازمة لمثل هذه الديناميكية الإيجابية".

ومن شأن الهجوم الذي باشرته تركيا، الأربعاء، ضد المقاتلين الأكراد في شمالي سورية بموازاة سحب الولايات المتحدة قواتها من المنطقة، أن يعيد خلط عدد من الأوراق.

وقال لوكيانوف بهذا الصدد "من المهم بالنسبة لروسيا أن تشارك دولة عربية في التسوية السياسية في سورية"، في حين أن جهود التسوية السياسية تجري حتى الآن بين "ثلاث دول غير عربية حصرا" هي روسيا وإيران، حليفتا دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، ضمن محادثات أستانا.

وأخيرا، من المتوقع أن تشهد الزيارة إبرام حوالي ثلاثين اتفاقا وعقدا، بينها عشرة في قطاعات التكنولوجيا المتطورة ولا سيما الذكاء الاصطناعي والطاقة والبنى التحتية بقيمة تزيد عن ملياري دولار، سيوقعها الصندوق السيادي الروسي.

يذكر أن روسيا والسعودية وقعتا في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 بروتوكول اتفاق يمهد لشراء أنظمة صواريخ روسية مضادة للطيران من طراز إس-400. غير أن الصفقة لم تتم في نهاية المطاف، إذ اختارت المملكة شراء أنظمة صاروخية أميركية.

وبعد السعودية، يتوجه بوتين يوم غد، الثلاثاء، إلى الإمارات العربية المتحدة حيث سيلتقي ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان.