خاسر واحد ورابحون من دخان أرامكو!

الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 04:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
خاسر واحد ورابحون من دخان أرامكو!



لم تعد تغريدات وتصريحات ترامب العجيبة، تثير الدهشة، أو ترفع درجات الانفعال. فساكن البيت الأبيض صار مضربا لأطرف الأمثال.

بيد أن تغريدات الرئيس الأمريكي، وتصريحاته على تعرض مصافي أرامكو السعودية إلى هجوم أوقف نصف إنتاج المملكة من النفط، تثير التساؤلات فيما إذا كان دونالد ترامب، وأجهزته، وإدارته انتظروا تلك الهجمات المدمرة.

الرئيس الأمريكي، أعلن بأريحية أن بلاده مستعدة لفتح خزانات الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب الأسود، لتعويض نفوط السعودية. فيما العالم يراقب ارتفاعا متسارعا للأسعار قد يصل إلى معدلات قياسية في حال لم يتم تشغيل المصافي بكامل طاقتها في وقت قريب.

وللتذكير فإن فكرة الخزين الاستراتيجي الأمريكي، انبثقت، حين قطع الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود، امدادات النفط، عقابا لواشنطن على وقوفها بلا حدود مع اسرائيل وعدواناتها المتلاحقة على الفلسطينيين والعرب.

والحاصل فإن ترامب السمسار، يريد أن يقول للرياض إننا نعيد لكم ما سعيتم لأن يستخدم ضدنا في عقود سابقة، وإن الولايات المتحدة لن تتأثر بمصيبة السعوديين، ولن تخسر جراء غياب نصف الصادرات السعودية النفطية من الأسواق، بل ستربح.

وتصل الفجاجة بترامب، لأن يطالب الجهات السعودية، تحديد الجهة التي انطلقت منها المسيرات أو الصواريخ، وكأن ناسا الأمريكية، كانت زرقاء اليمامة حين رصدت حرائق أرامكو، ونشرت صورا بعد الهجوم، لكنها كانت مغمضة العيون حين انهالت  الصواريخ والمسيّرات على 19 هدفا. 

أما الحوثيون، فإنهم إما أخطأوا الحساب، بالحديث عن عشر مسيرات، ثم عادوا للقول بإنها صواريخ نفاثة، أو أن الهجمات التي أصابت 19 هدفا، لم تنطلق من اليمن. وهي فرضية أطلقها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وهدد بالويل والثبور لإيران باعتبارها وراء الهجوم.

ويلوح أن "أنصار الله" باتوا، صوتا إعلاميا مدويا، في لعبة إقليمية، متعددة الرؤوس، ومتشعبة الغايات، تشارك فيها حكومات وأحزاب وميليشيات، كل له هدفه.

ستربح الولايات المتحدة من الخسائر السعودية، التي قد تعوضها الرياض بعض الشيء في حال واصلت أسعار النفط بالارتفاع. لتضاف الزيادة على عوائد الخمسة ملايين برميل التي ستواصل أرامكو تصديرها لحين إصلاح الأضرار والعودة إلى معدل العشرة ملايين برميل قبل الهجمات.

وربح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من الضربة، لأن احتمال لقاء

(الصدفة) بين ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني، على السلالم المتحركة في المبنى الزجاجي للأمم المتحدة، بات مستبعدا.

 كما قد تستبعد من الأجندة، استعداد فرنسا ماكرون إطلاق 15 مليار دولار إيرانية محتجزة بفعل العقوبات، لأن الرئيس الفرنسي لن يغرد خارج السرب فيما لو نعقت غربان الحرب.

ويقع العراق بين الدول المنتجة للنفط المستفيدة من هجمات أرامكو، من منطلق مصائب قوم عند قوم فوائد. وستدخل الخزينة العراقية مليارات إضافية بسبب ارتفاع سعر برميل النفط.

ولكن ليس معروفا من سيستفيد من الفائض، الدولة العراقية المتعثرة، أم جماعات النفوذ المسلحة التي تشير بعض المصادر، ومنها مسؤول رفيع في الاستخبارات العراقية، وفقا لوسائل الإعلام الأجنبية، إلى إن الصواريخ أو المسيرات انطلقت من أرض عراقية انتقاما من السعودية التي مولت هجمات على مقار للحشد الشعبي في وقت ليس بالبعيد.

أما إيران المتهمة خليجيا وأمريكيا واسرائيليا، على طول الخط، بارتكاب شتى الموبقات، فأنها، تستفيد من الهزة العنيفة للمنظومة الأمنية والدفاعية الهشة للملكة العربية السعودية.

فقد وصلت إلى الرياض رسالة ملتهبة، تقول لا فرار من التفاوض مع إيران، وعلى السعودية، طي صفحة حلف يلوح ترامب بتشكيله ضد ايران في منطقة الخليج لكنه يترك الحليف، يختنق بدخان حرائق النفط، ويهرع لعرض بضاعته، منتشيا بالربح القادم!

سلام مسافر