مصادر في الجيش اليمني تكشف المستور

"ميدل ايست افيرز" تكشف خفايا الازمة بين الإمارات وحكومة هادي

الأحد 01 سبتمبر 2019 03:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
"ميدل ايست افيرز" تكشف خفايا الازمة بين الإمارات وحكومة هادي



ميدل ايست افيرز / وكالات/

 

تتطور الأحداث في اليمن بشكل متسارع، في ظل عملية خلط غير مسبوقة للأوراق حيث اتخذت الأوضاع منحنى ملتبسا بعدما تعرضت القوات الاماراتية المشاركة في عاصفة الامل، الى اكثر من هجوم مسلح، كان مصدره مجموعات تابعة لتنظيم الاخوان المسلمين في عدن فيما يجزم الإماراتيون ان هذه العمليات تمت بغطاء من بعض القادة العسكريين التابعين للحكومة الشرعية.

ويوجه المسؤولون الإماراتيون الذين تحدث معهم " ميدل ايست افيرز" أصابع الاتهام الى انقرة والدوحة بشكل خاص،حيث أكدوا  امتلاكهم معلومات موثقة حول ضلوع تركيا وقطر بتنظيم وإدارة العمليات العسكرية ضد التحالف، و التي تقوم بها مجموعات ارهابية اخوانية وأخرى تابعة للقاعدة.

وقد انكر مسؤولون اتراك وقطريون اي علاقة عسكرية مباشرة لهم بالجماعات الاسلامية. الا ان مسؤولا قطريا رفيعا  اكد لنا انهم يدعمون سياسيا حزب الإصلاح، كما انهم لم يعودو على عداوة مع جماعة الحوثي منذ خروجهم من الحرب في اليمن.

وأشار المسؤول القطري، الذي رفض الكشف عن هويته، الى ان علاقتهم المميزة مع الإصلاح وتطبيع العلاقات مع الحوثي، تستفز السعودية والامارات، واضاف: "هذا شأنهم ومشكلتهم وليست مشكلة قطر".

وبعد بحث وتحريات امتدت لفترة طويلة، تمكنا من التواصل مع عدد من القيادات العسكرية الميدانية التابعة للحكومة الشرعية، وبعض قادة المقاومة الجنوبية. ومن خلال مقاطعة المعلومات توصلنا الى معرفة النقاط الأساسية التي اثارت ريبة السعودية والامارات، تجاه حلفائهم اليمنيين، والمعطيات والظروف التي أوصلت الإماراتيين الى شن الغارات الحوية الاخيرة على مناطق وقطاعات خاضعة لنفوذ "الشرعية".

وتعود جذور الازمة حسب المصادر الى العام ٢٠١٥، فبعد اقل من شهر على بدء عملية عاصفة الحزم العسكرية، التي اطلقها التحالف العربي بقيادة السعودية. قدم حزب الإصلاح الذي يمثل حركة الاخوان المسلمين في اليمن، خطة لمواجهة الحوثي، من خلال ثلاث شخصيات قيادية في ثلاث محافظات، وهم سلطان العرادة في مأرب، نايف البكري في عدن، وحمود المخلافي في تعز .

 وتؤكد المصادر ان "التحالف العربي قدم دعما تجاوز  العشرة مليار ريال، اضافة الى غطاء جوي ومساندة عسكرية ميدانية كبيرة ومع ذلك لم يفلح القادة الثلاثة ومن خلفهم حزب الإصلاح بتحقيق اي إنجاز ميداني بل تدهورت الأوضاع وصولا الى سيطرة قوات الحوثيين على معظم المواقع في مأرب وتعز ، وكادت تسقط عدن لولا تدخل المقاومة الجنوبية وحسم المعركة، من دون اي مشاركة للإصلاح، الذي اتخذ خطوات معادية للحراك الجنوبي، صبت بمعظمها في مصلحة قوات التمرد الحوثي".

وتابعت المصادر "بعدما حررت القوات الشرعية الجنوبية مدعومة من التحالف العربي مدينة عدن من مليشيات الحوثي بدأت تنتشر في المدينة جماعات مناطقية وجهوية اقدمت على بترهيب الأهالي والاشتباك مع القوات اليمنية الشرعية ومع قوات التحالف، وكادت تتحول عدن الى مرتع خصب للارهاب، الا ان قوات الشرعية حسمت مجددا الأمر ميدانيا وأحكمت قبضتها على المدينة بشكل كامل" .

واوضحت المصادر "كان موقف الاصلاحيون واضحا ورفضوا بشكل معلن الحرب التي شنتها الشرعية والتحالف في الجنوب، كون معظم الجماعات التي تم القضاء عليها وطردها كانت اما تابعة بشكل مباشر، او ترتبط، بحركة الإصلاح". 

 وتؤكد المصادر ان تطورا مفصليا حصل في قيادة التحالف تمثل بعزل قطر ،والذي ترافق مع تحرير الجنوب بشكل كامل، الأمر الذي ادخل الإصلاح وكل الجماعات الاسلامية التي تدور في الفلك القطري، في مرحلة جديدة لجهة التعاطي مع الشرعية والتحالف".

وتابعت "ادرك الاصلاحيون ان الأوضاع تتجه الى عزلهم عن مواقع القرار، من خلال خروجهم من مجال التأثير العسكري، فلجأوا الى اعادة تعويم ذراعهم العسكرية التي اطلق عليها تسمية الجيش الوطني وتمكن الاصلاحيون مجددا من تقديم الجيش الوطني كحالة يمنية وطنية قادرة بالتعاون مع الشرعية والتحالف، على تقويض نفوذ الحوثي، والإمساك بالأرض" و يقول قيادي كبير في التحالف عن تلك المرحلة: "لقد تعاونا كتحالف على قاعدة الضرورة والحاجة، مع الاصلاحيين".

واكد مسؤول اماراتي في التحالف لـ"ميدل ايست افيرز" ان  "الإمارات كانت تتعاطى بريبة كبيرة مع الجيش الوطني بسبب خلفيته الإخوانية، اضافة الى التجربة المريرة مع الإصلاح وقياداته وأذرعه العسكرية التي استنزفت الكثير من مقدرات التحالف، ولم تقدم سوى مزيد من الانتصارات للحوثي" موضحا "جاءت بعد ذلك المحطة الأبرز ، التي تمثلت في انعقاد مجلس النواب اليمني في مدينة سيئون، حيث انطلق اخوان اليمن على اثره بموقف موحد، واسسوأ مع بقية القوى الشمالية  تحالف وطني".

 ويضيف المسؤول الاماراتي: "تأكدت شكوكنا وشكوك الأخوة في السعودية بشكل اكبر، بعدما ظهر نوع من التحالف والتكاتف الضمني بين الجيش الوطني و جماعة الحوثي، وظهر الأمر بشكل اوضح من خلال تسليم الجيش الوطني عددا كبيرا من المواقع الشمالية على الحدود مع الجنوب للحوثيين بشكل طوعي، وفق صفقة جرت خارج حدود اليمن". 

 وتابع "ما لبثت ان شنت جماعتي الحوثي والإخوان، بشكل متزامن، هجوما على الجنوب من جبهة الضالع فيما شكلت الشرعية سياجا حدوديا في الضالع مرورا بالمسيمير وصولا الى ابين، وتم التصدي وافشال تقدم الحوثيين والاخوان عبر الحدود الجنوبية" .

من جهته اكد لنا قيادي عسكري كبير في الحيش اليمني، ان "الجيش الوطني اقدم على عدد من الخطوات التي أثبتت تورطه في مخطط خارجي يهدف الى تقويض الشرعية، وخدمة التمرد الحوثي، ومنها:

1-  وجود ادلة دامغة على تهريب طائرات مسيرة وصواريخ باليسيتة الى الحوثيين عن طريق خط الغيضه _ وادي حضرموت_ مأرب _ صرواح _  صنعاء.

2-  تسليم  الحوثيين معسكر  في العود وآخر في قطبة بكامل معداتهما وتجهيزاتهما من دون اي مقاومة. 

3- الانسحاب من مواقع في جنوب صنعاء في نهم وشمال مأرب في صرواح وتسليمها للحوثيين، من دون حدوث اي معركة.

وتابعت المصادر "عندما اصدر هادي قرارا بنقل قوات الحيش الوطني لكسر الحصار عن حجور، رفض الاصلاحيون الأمر، فسقطت جحور بيد الحوثيين الذين ارتكبوا فظاعات بحق القبائل ". 

واوضحت المصادر انه "قبل ذلك كله ثمة حادثة مهمة رواها لنا القيادي في الجيش اليمني، الذي اشار الى انه بعد قيام القائد العسكري الإسلامي ابو العباس بتحرير نصف مدينة تعز ، قام الجيش الشعبي، باطلاق عملية عسكرية واسعة ضد ابو العباس، ما ادى الى تقهقره" موضحا " المفارقة الغريبة وذات الدلالات المهمة، ان العملية انتهت بسيطرة مليشيات الحوثي على كل المواقع التي انسحب منها ابو العباس في تعز".

وتابعت "هذه المعطيات اضافة الى بعض المعلومات الاستخباراتية التي وصلت الى التحالف، حسمت الموقف من جماعة الإصلاح، التي تمكنت بدورها من اختراق حكومة هادي بشكل كبير، كما اخترقت صفوف جيش الشرعية وعدد من قياداته" مؤكدة "بدأت بعد ذلك عمليات استهداف القوات الاماراتية في محاولة لشق صفوف تحالف دعم الشرعية وبالفعل نجح الاصلاحيون بجر الإمارات الى ردود فعل عسكرية على مواقع خاضعة شكليا لسيطرة الشرعية".

وعقب تلك التطورات دخل المشهد اليمني في تعقيد جديد، عنوانه الصراع العسكري والسياسي المفتوح بين الإمارات والحكومة الشرعية اليمنية. فلم تتوانى حكومة هادي عن شن حجوم سياسي واعلامي عنيف على الإمارات، لم يشن مثله على قطر يوم خرجت من التحالف.

والغريب حسب نفس المصادر ان هجوم الحكومة اليمنية على الإمارات ينطلق من الرياض، التي تحافظ قيادتها على خطاب التهدئة المصحوب بدعوة جميع أطراف الصراع في عدن الى حوار في السعودية.

وتؤكد المصادر ان "هذا المشهد الشديد الالتباس يدفع الى التساؤل عن مصير التحالف السعودي الاماراتي الذي يقف وحيدا، في ظل منطقة تتصارع بين ثلاثة مشاريع كبرى تخوضها اسرائيل وإيران وتركيا، لتقاسم النفوذ في عالم عربي منهك بالصراعات والحروب والخلافات التاريخية".