نيويورك تايمز: رسائل بن لادن تكشف عن تحضيره ابنه حمزة لخلافته

السبت 03 أغسطس 2019 08:54 ص / بتوقيت القدس +2GMT
نيويورك تايمز: رسائل بن لادن تكشف عن تحضيره ابنه حمزة لخلافته



وكالات

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن رسائل تظهر كيف قام زعيم “القاعدة” أسامة بن لادن بتحضير ابنه حمزة لقيادة “القاعدة”. وفي تقرير أعدته روكميني كاليماتشي قالت فيه إن بن لادن أمضى وقته في السنوات التي سبقت مقتله عام 2011 خلف جدران المجمع السكني في أبوت أباد بباكستان، يسكنه الخوف على ابنه الذي كان يعيش بعيدا عنه ألاف الأميال.

وكتب الرسالة بعد الأخرى مفصلا فيها المقرر التعليمي الذي يجب أن يمشي عليه حمزة الذي كان عمره في ذلك الوقت 23 عاما. وما يجب عليه دراسته والإجراءات الاحترازية التي يجب عليه اتباعها. وفي واحدة من الرسائل التي كتبها لابنه وكان عمره في ذلك الوقت 13 عاما ونصحه فيها بأن لا يترك بيته. وفي أخرى ناقش فيها إن كان الشاب حمزة سينضم إليه في باكستان ونصحه بالسفر في يوم غائم حيث يصعب على طائرات الدرون ملاحقته. وقام أسامة بن لادن بوضع خطة معقدة وطلب من ابنه تغيير السيارات في داخل نفق للتحايل على كاميرات الرقابة الموضوعة فيه. وتعلق الصحافية أن الاهتمام بسلامة ابنه لا تقتصر فقط على حنان أب على ابنه ولكن لتأمين ميراثه.

ويعتقد المحللون أن “القاعدة” كانت تهيئ حمزة بن لادن لكي يحتل منصب الأمير فيها، وهو تحرك أحبط على ما يبدو بعد إعلان ثلاثة مسؤولين عن مقتله بعد عامين من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مع أن هناك الكثير من الأسئلة لا تزال قائمة مثل مكان ووقت مقتله والطريقة التي قتل فيها والجهة المسؤولة عن قتله. ولو ثبتت صحة التقارير الأمريكية فموته سيكون ضربة قوية لـ “القاعدة”، والتي لم يعد لديها الكثير من قادة الصف الأول بسبب الحرب التي لا ترحم التي خاضتها أمريكا ضدها ولصعود تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي أخذ الأضواء منها. وكافحت “القاعدة” للمنافسة مع تنظيم “الدولة” في جذب الشباب خاصة أن أساليبها الإعلامية لم تتغير وظلت تدور حول أشرطة ومحاضرات مملة يلقيها قادة كبروا في العمر فيما تميز الإنتاج الإعلامي لتنظيم “الدولة” بالإتقان والأشرطة المصورة عبر كاميرات متحركة ومحررة بطريقة جذابة. وكان من المفترض أن يتغلب بن لادن الصغير على عدد من المشاكل الصعبة التي تواجهها “القاعدة”: فلم يكن يتجاوز الثلاثين من العمر، أي أصغر بأربعة أجيال من زعيم “القاعدة” الحالي أيمن الظواهري، الذي قدمه تنظيم “الدولة” كزعيم عجوز فقد الصلة بالواقع. ولأنه كان يحمل اسما مشهورا في الإرهاب فقد كان بن لادن الصغير قادرا على جذب اهتمام الجيل الشاب من الجهاديين الذين لا يزالون يحترمون والده. وكانت “القاعدة” تأمل بأن يعمل حمزة كموحد ليس للجيل الشاب في التنظيم ولكن لمن فقد عندما أعلن تنظيم “الدولة” انفصاله، ومعظمهم اليوم يقفون على مفترق طرق بعد خسارة تنظيم “الدولة” مناطقه في العراق وسوريا. ونقلت الصحيفة عن العميل السابق في مكتب التحقيقات الفدرالي “أف بي أي” علي صوفان “صحيح أنه ميت ولكن “القاعدة” خسرت مستقبلها لأن حمزة كان المستقبل”. وقال “لقد تم تحضيره لكي يقود المنظمة ومن الواضح من بياناته أنه كان يريد إحياء رسالة والده”. وكتب صوفان مقالا مطولا عن حمزة تحت عنون “زعيم القاعدة في الانتظار” إلا أن ظروف مقتله تظل غامضة مثل حياته، فقد  أعلن عن وفاته عندما اعتقدت وحدات نيفي سيل أنه كان مع والده. وقبل عامين حدثت محاولة أخرى فاشلة لقتله حسب ثلاثة مسؤولين عراقيين. ولم تصدر “القاعدة” التي عادة ما تسارع لإصدار بيانات تعلن فيها عن “استشهاد” زعيم من زعمائها بيانا بهذا الشأن. ويعتقد أنه كان يتنقل بين المناطق الحدودية في أفغانستان وباكستان ولكن المسؤولين في البلدين لم يعلقوا على وفاته، كما وعاش سنوات في إيران.

ولعبت أمريكا دورا في عملية قتله، مع أن الرئيس دونالد ترامب رفض التعليق عندما سئل عنه. وبحسب محافظ ولاية وانت ويغال الجبلية في شرق أفغانستان محمد إسماعيل “كشفت معلوماتنا الأمنية أن حمزة كان هنا ولكننا لسنا متأكدين” و “اعتقد البعض أنه كان باكستانياً وأخرون بأنه عربي”. وبحسب الرسائل التي أخذتها وحدات نيفي سيل من بيت والده في أبوب أباد فقد كان حمزة في إيران ما بين 2009 -2010. وقال مسؤول إيراني إنه كان يعتقد وجود حمزة مع عائلته في حي راق بطهران، فيما قال آخر أنه كان يحضر ويغيب ولم يعش أبدا في إيران. ولم يكن حمزة بن لادن مراوغا في بياناته بل ودعا بعد مقتل والده إلى الانتقام  والقيام بعمليات ضد الولايات المتحدة. وفي تسجيل صوتي عام 2015 دعا للإطاحة بالنظام السعودي ووحدة المقاتلين السوريين لتوحيد فلسطين. وفي آخر دعا الباحثين عن الجهاد اتباع خطوات طلاب الشهادة. وكان عمر حمزة 23  عاما عندما مشى وأخيه مع والدهما إلى القاعدة الجبلية وودعهما. وكان هذا في عام  2001 في أفغانستان. وكان بن لادن يعرف أن انتقام أمريكا على هجمات 9/11 قادم ولهذا قام بترتيب نقل أولاده. وفي تلك المناسبة اعطى بن لادن لحمزة وشقيقه مسابح لتذكيرهم بالعبادة. وفي رسالة كتبها حمزة “لوالدي الحبيب” قال فيها “لقد ودعتنا وذهبت وكأننا نزعنا أكبادنا وتركناها هناك”. ومع أن الهدية لولديه كانت متشابهة إلا أن العلاقة مع حمزة كانت واضحة، خاصة أنه الابن الوحيد لخيرية صبار، زوجته السعودية المتعلمة. وكانا قد تزوجها عندما كانت في منتصف الثلاثينات وحاولت الإنجاب وعانت من حالات إسقاط متعددة قبل أن تلد حمزة في عام 1989. ويعتقد ان حمزة ولد في جدة بالسعودية وهو واحد من 23 ولدا لـ بن لادن. وأصبحت والدته شريكة في مشروع زوجها الجهادي العالمي وساعدته على كتابة مسودات خطته في الذكرى العاشرة عل هجمات 9/11.  ويقول لورنس رايت الذي كتب “البرج الذي يلوح بالأفق” إن حمزة كانت تقف وراءه أمه و “كانت والدته  هي المفضلة عند والده وكانت ذكية ومتعلمة وتزعم النسب للنبي محمد”.

ويرى رايت أن نسب حمزة أصبح مهما بعد إعلان التنظيم عن الخلافةـ وفقط كان هو الشخص الذي يمكنه زعم تولي منصب الخليفة لأن أمه تنتسب إلى النبي. وعندما كان عمر حمزة عامين انتقل والده من أفغانستان إلى السودان، وبعد طرده من هناك بسبب الضغط الدولي عادت العائلة إلى أفغانستان حيث عاشت في مجمع يفتقد المواد الأساسية وحتى الأبواب. وبعد هجمات 9/11 نقل مع والدته وبقية أبناء بن لادن عبر الباكستان إلى إيران حيث عاشوا هناك. واعتقلته السلطات الإيرانية ووالدته في قاعدة عسكرية. وكلما كبر لم يبحث حمزة عن معاملة خاصة لكونه ابن زعيم “القاعدة”، كما ورد في رسالة تعود إلى عام 2010  كتبها مساعد لوالده. وتزوج حمزة ابنة عبدالله أحمد عبدالله، أحد قادة “القاعدة”. وكتب طموحاته لوالده في رسالة عام  2009  “والدي الحبيب لقد انفصلت عنك عندما كنت صغيرا ولم أبلغ 13 عاما ولكنني كبرت الآن ووصلت سن الرجولة”و “ما يجعلني أشعر بالحزن وهو ان فيلق المجاهدين قد زحف ولست معهم”.