خلال سنوات تنقلي الطويلة في اماكن كثيرة من العالم ندر لقائي بأي اجنبي يعمل في بلد غير بلده الام لا يجيد هو او ابناؤه لغتهم الام بطلاقة، بمعنى اني لم ارى طفلا اسبانيا يعيش خارج بلده ولا يتكلم الاسبانية، ولا طفلا روسيا يعمل والديه خارج روسيا يفقد مفردات لغته الام.
الا العرب وأبناؤهم، على اختلاف دولهم ومشاربهم، ينتقل احدهم للخارج بهدف كسب الرزق وايجاد فرصة افضل لاطفاله. وبعد عدة اعوام او اقل، لا يعرف الكثير منهم معنى اسمه في لغته، لا يدرك حدود بلده الام، لا يقرأ في تاريخه ولا يعي شيئا عن بلده. فينمو الصغير تائها لا يتقبله المجتمع المضيف بشكل كامل، ويشعر باغتراب حين العودة حتى المحدودة الى بلده.
لماذا لا نحرص على ان يتكلم ابناؤنا لغتهم العربية بطلاقة فهي جزء من هويتهم وتكوينهم وليست علامة من علامات الفقر والتخلف كما يراها محدثي النعم قصيري الرؤية وعديمي الفهم.
قد يقول احدهم بأن اللغة العربية لم تعد مجدية في الكثير من ميادين العلم والمعرفة لعدم مرونتها وقدرتها على استيعاب الكم الهائل من التطور التكنلوجي وثورة المصطلحات المتزامنة وعصرنا الحديث. ولهؤلاء اقول، الحق معكم، لكن اللغة اداة نطوعها واللغات كالكائنات ركودها يعني الموت وعدم رفدها بما هو جديد وتطويعها للتماشي مع متطلبات العصر يعني ان تدهورها نحو الهاوية هو مسألة وقت لا اكثر.
من القاهرة، دمتم بخير.
ميسا جيوسي