"شريف سرحان".. فنان من غزة يحوّل مخلفات البيئة إلى أشكال فنية

الأربعاء 12 ديسمبر 2018 09:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT
 "شريف سرحان".. فنان من غزة يحوّل مخلفات البيئة إلى أشكال فنية



قطاع غزة ـ بولس سويلم


بكل جد واجتهاد , يتنقل الفنان التشكيلي الفلسطيني شريف سرحان بين الورش الخاصة، الحديد والالمنيوم والخشب بمدينة غزة, من أجل البحث عن الأصناف التالفة منها, والتي يعمل أصحاب المصانع على التخلص منها بطرق ضارة للبيئة، بهدف أن يقوم بصناعة مجسمات جمالية ذات رونق جمالي وفني .


فداخل ورشته الفنية الصغيرة بمدينة غزة , وعلى طاولة صغيرة تتناثر عليها مجموعة من الالوان وأدوات الطلاء, يمسك الفنان سرحان بألة الحفر الخاصة بمعدن الألمنيوم بين يده، لكي يثقب قطعة الالمنيوم ويعلقها على الحائط، ويقوم بتحويلها إلى مجسم لأحرف اللغة العربية, بعدما انتهي من طلائها إلى ألوان زاهية . 


وتعرف عملية إعادة التدوير بأنها عملية معالجة المواد التي تم استهلاكها, حيث يمكن اعادتها إلى الشكل الاصلي لهذه المادة ,إضافة إلى انها عملية تحويل المورد الطبيعيّ مرّة أُخرى بعد إعادة تصنيعه.


الفنان سرحان من سكان حي الصبرة بمدينة غزة, يبلغ من العمر 40 عاما , له أربعة من الابناء, بدأ العمل في الأعمال الفنية المختلفة, كالرسم والنحت والتصميم والتصوير في العام 1998, لكنه اتجه في منتصف العام 2016 ومازال مستمرا في الاتجاه إلى نوع جديد من الفنون، وهو تحويل المخلفات إلى مجسمات فنية .  


فمخلفات البيئة التي تكون ملقاه بالشوارع أو حتى بالأسواق داخل مدينة غزة لا تعني بالنسبة للفنان التشكيلي سرحان شيئا ضارا , بل هو عكس ذلك , فيقوم بتشكيل هذه المخلفات وتحويلها إلى مجسمات أحرف عربية غير منقوطة, إضافة إلى أنه يقوم بالرسم على القماش رسومات تعبر عن الواقع الفلسطيني 


ويقول سرحان :" استخدم في عملية تحويل المخلفات العديد من المعادن كالألمنيوم والحديد والخشب والقماش، التي لا يستطيع سكان غزة الاستفادة منها لعدم وجود الماكينات والمعدات الخاصة التي تعمل على اصهار هذه المواد بالشكل الملائم, فأقوم بإعادة تشكيلها بشكل مميز ولافت للزوار".


وبين سرحان أنه عضو  في رابطة الفنانين الفلسطينيين , إضافة إلى أنه عضو مؤسس لمجموعة شبابيك , وشارك في العديد من الدورات التدريبية الفنية داخل فلسطين وخارجها . 


وتابع سرحان قائلا :" الأمثلة على أعمالي هي أني اقوم بالرسم على القماش التالف رسومات تعبر عن القضية الفلسطينية, إضافة إلى تجسيد أحرف اللغة العربية والتي تعتبر رمز للفلسطينيين والعرب داخل رسوماتي , إضافة إلى أني قمت برسم مجسم صغير يرمز إلى مدنية غزة ويعبر عن اكتظاظ المدينة التي يعيش أعيش بها, فالفنان الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من الوطن "


وعن أضخم عمل شارك به ، أوضح سرحان أنه قام بالمشاركة بإنشاء "منارة غزة" , بمشاركة العديد من الفنانين المساعدين والمهندسين, حيث تكونت المنارة من مخلفات البيئة، كالخشب والحديد والحجارة .


وتمكن سرحان من تحويل مخلفات البيئة بطريقة جميلة إلى اشكال جمالية ذات رونق خاصة , ليقيم مجموعة من المعارض الخاصة بأعماله داخل قطاع غزة وفي الضفة الغربية, حيث أنشأ معرضا له بمدينة رام الله حمل اسم "حروف ومدينة " ولاقى إعجاب الكثرين من زوار المعرض, فأسعار المنتجات التي يقوم بتصنيعها يبلغ سعرها من 1500 دولار الى 5 الاف دولار .


ويسعى الفنان سرحان إلى إقامة  المزيد من المعارض الخاصة بأعماله الفنية خارج فلسطين من أجل تمثيل فلسطين أفضل تمثيل في المحافل الدولية, ونشر ثقافة فن إعادة التدوير بين الفنانين حول العالم .


ومن جانبه, قال الشاب تامر النفار(12 عاما)، وهو من سكان مدينة غزة ،:" يعتبر تحويل مخلفات البيئة إلى رسومات وأشكال فنية شيء مميز بالنسبة لنا كفلسطينيين, فيمكن التقليل من التلوث البيئي الذي ينتج عن المخلفات الناتجة عن البيئة" . 


وأشار النفار إلى أن الرسومات والمجسمات المختلفة التي يقوم بصناعتها الفنان سرحان تعتبر رائعة جدا, خاصة أنها تعبر عن الواقع الفلسطيني الذي نعيشه .


ويقول المشرف على العديد من ورش العمل المتعلقة بإعادة التدوير, والمختص الفني والتشكيلي الدكتور خالد نصار "للمونيتور ":" تحويل المخلفات البيئية إلى منتجات لها قيمة يعتبر شيئا مفيدا وجيدا للمجتمع , كما يفعل الفنان شريف سرحان بتحويل الحديد والألمونيوم إلى مجسمات جمالية تسر أعين الناظرين، كما قام بصناعة منارة غزة والتي تعتبر أضخم عمل فني في فلسطين".


وأضاف نصار :" تعتبر عملية إعادة تدوير وصياغة المخلفات البيئية الموجود داخل المجتمع كالأخشاب والحديد والالمنيوم والقماش والورق والحجارة وتحويلها إلى أشياء مفيدة للمجتمع تحمل رونق جمالي وفني".  


وأشار نصار إلى أن  إعادة التدوير تتيح للفنان استغلال الأشياء البسيطة والمهملة وتصنيعها إلى  أشياء ذات قيمة عالية, مشيرا إلى أن اعادة التدوير تسهم في حماية البيئة والحفاظ عليها .


وتابع الدكتور نصار قائلا :" هناك العديد من الأسباب التي تدفع الفنانين إلى الاتجاه إلى فن إعادة التدوير,  منها حب البحث وتجريب أشياء جديدة لم تكن موجودة مسبقا, إضافة إلى الابتكار, حيث يمكن وضع المنتجات والمجسمات بعد الانتهاء من تدويرها  داخل البيوت أو بالإمكان العامة أو حتى بالمدارس التعليمة حتى تعطي منظرا رائعة للبيئة" .


وفي نهاية حديثه، نصح نصار أن يتوجه الفنانين داخل قطاع غزة الى فن إعادة تدوير المخلفات من أجل بناء مجتمع بيئي محافظ , أضافة الى تعزيز ثقافة إعادة التدوير التي نحتاجها بشكل كبير