ينبغي أن تعلم كل زوجة اختلاف طبيعة البشر، فهم ليسوا سواء من حيث الخلُق والدين والعقل والتصرفات، وينبغي عليكِ - كذلك - مراعاة من كان كبيراً في السنِّ فإن عقله يضعف ويعود صغيراً في كثيرٍ من تصرفاته، وعليكِ – أيضاً – مراعاة أنكِ تتعاملين مع أم زوجكِ، وغالب هؤلاء الأمهات تدب فيهن الغيرة من زوجات أبنائهنَّ. إن التعامل مع الحماة الشديدة والتى تسبب المشاكل مع الزوج يحتاج قدرا من الحكمة والواقعية لذلك نقول لكل زوجة عليكِ:
1. أن تحتملي أذى أم زوجك وأن تصبري على ما ابتليتِ به إكراماً لزوجك وأداء لحسن العشرة معه، قال تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران/ 133 ، 134 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
" وصف المتقين وأعمالهم ( والكاظمين الغيظ ) أي : إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم - وهو امتلاء قلوبهم من الحنق الموجب للانتقام بالقول والفعل - هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم
( والعافين عن الناس ) يدخل في العفو عن الناس العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل ، والعفو أبلغ من الكظم ؛ لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء ، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة وتخلى عن الأخلاق الرذيلة ، وممن تاجر مع الله وعفا عن عباد الله رحمة بهم ، وإحساناً إليهم ، وكراهة لحصول الشر عليهم ، وليعفو الله عنه ويكون أجره على ربه الكريم لا على العبد الفقير ، كما قال تعالى : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) " انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 148 ) .
فالصبر على الأذى وكظم الغيظ ثم العفو عن المسيء والإحسان إليه هذه أخلاق الصالحين .
2. أن تصفحي عنها؛ امتثالا لوصية الله تعالى في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) آل عمران/ 199، وهذه الآية جامعة لمحاسن الأخلاق، وإن أم زوجك قد بلغت من العمر ما بلغت وربما تجلس قليلا ثم تفارق الدنيا فراقاً لا لقاء بعده إلا في الآخرة، فاعفي واصفحي واطلبي أجر ذلك وثوابه من الكريم الجليل – سبحانه - .
3. ابتعدي عن كل ما يثيرها ويزعجها، وأقلِّي من الخلطة معها إلا لإيصال الخير إليها، كما قال تعالى: ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )
4. أن تكثري من الدعاء لها بالهداية والصلاح؛ فإن الدعاء أثره عظيم على الداعي والمدعو له، وإن الالتجاء إلى الله لا ينتج عنه إلا الخير
5. ا تدعي النصح لها وابذلي القول والفعل الحسن لها، منك ومن غيرك ممن تظنين أن كلامهم مسموع لديها، وربما زوجك يكون له أثر كبير إذا وعظها وأرشدها، أو من خلال كتاب أو برنامج تليفزيوني لشيخ تثق به وتستمع له .
6. استشعري الأجر على كل ما سبق ذكره، واعلمي أن المحن تأتي بالمنح، فَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ لِى قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ " فَقَالَ: ( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ) رواه مسلم ( 2558 )
ومعنى تسفهم المل : تطعمهم الرماد الحار .
• فإذا ضاق صبرك عن أن تحتملي هذا الوضع ، فليس إلا أن تفترقي مع زوجك في مسكن خاص، ومع أن هذا حق لك، لا شك فيه، إلا أن المتعين على المرأة العاقلة قبل أن تفكر في حقها الخالص، أن تنظر في ظروف زوجها، والظروف المحيطة بكم؛ وتتريثي في طلب ذلك الحق، إلى أن تجدي من زوجك القدرة على تنفيذه.
فإذا راعيتِ كل ما سبق وفطنتِ له فإنه تهون عليك مشاكلك وتفرَّج همومك، فما تعانين منه تعاني منه كثيرات، وهو يحتاج لأمرين مهمين: الصبر والحكمة.
فاصبري على ما ترينه وتسمعينه من أهل زوجك، وكوني حكيمة في تعاملك معهم، وبخاصة أم زوجك؛ فإنه بحكمتك تستطيعين تجنب كثير من المشاكل، وتفوزين برضاهم أو على الأقل كف شرهم عنكِ، وتفوزين بقلب زوجك ورضاه عنكِ.
•والحكمة في تعاملك مع أم زوجكِ تقتضي منكِ إسماعها الكلام الحسن، والثناء عليها، والدعاء لها، وتلبية طلباتها، وأن تكوني أحرص منها على نفسها إن كانت تتناول دواء – مثلاً – أو لها موعد زيارة طبيبة.
•كما أن للهدية دوراً كبيراً في ترقيق قلبها وتغيير معاملتها تجاهك.