منذ بدأت الهجمة الصهيونية مدعومة من الغرب الرأسمالي في مطلع القرن العشرين الماضي وحتى يوم الدنيا هذا في الألفية الثالثة (نهاية عام 2018) ومخطط التهجبير والطرد والنفي لإبناء الشعب العربي الفلسطيني من وطنهم الأم، فلسطين يقف على رأس جدول أعمال القيادات الصهيونية الإستعمارية المتعاقبة لبلوغ الهدف المتمثل بالتطهير العرقي الكامل للفلسطينيين من بلادهم. حيث تمكنت الحركة الصهيونية من خلال منظماتها الإرهابية "الهاجاناة" "ليحي" و" إتسل" و"الأرغون"عشية النكبة 1948 وبعد الإعلان عن قيام دولة الإستعمار الإسرائيلية من تهجير وطرد قرابة المليون فلسطيني من وطنهم الأم بفضل المجازر والمذابح في العديد من المدن والقرى الفلسطينية: دير ياسين، والدوايمة، ولوبيا، وصفد، واللد والرملة وحيفا وكفر قاسم والقائمة تطول. وواصلت ذات النهج مع دخولها قطاع غزة في العدوان الثلاثي 1956 وإرتكبت العديد من المجازر ابرزها مجزرة خانيونس، وأيضا أثناء حرب ال1967 حيث قامت بإرتكاب جرائم حرب وبث حرب الإشاعة والترهيب للمواطنين الفلسطينيين، الذين نزح عدد كبير منهم إلى دول الشتات العربي والمهاجر، وذلك لتكرس شعارها الناظهم لمشروعها الكولونيالي الإجلائي الإحلالي، القائل: "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض!"، والذي تمظهر أخيرا في المصادقة على قانون "القومية الأساس" تموز/ يوليو 2018، الذي أعطى الحق في تقرير المصير للصهاينة اليهود دون غيرهم على أرض الشعب العربي الفلسطيني، فلسطين التاريخية، وفتح أبواب الإستيطان الإستعماري على مساحتها ال27 الف وتسعة كيلومتر مربع دون أية معايير سوى معيار التوسع الإستعماري على حساب حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني.
وتدحرج المشروع الكولونيالي الإسرائيلي نحو آفاقه الخطيرة والمدمرة لوجود الشعب الفلسطيني، تلازم مع مواصلة عملية المصادرة والتهويد والأسرلة للأرض العربية الفلسطينية، وضم القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، وترافق مع إرتكاب جرائم الحرب المتواصلة في كل أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967، وداخل الخط الأخضر للضغط على الفلسطينيين، ودفعهم دفعا للهرب من إتون المحرقة الصهيونية ضدهم. حيث تقوم الجمعيات الصهيونية ومنها "عطيرت كوهانيم" وغيرها وعصابات "تدفيع الثمن" و"شباب التلال" و"لهفاة" .. إلخ، بالإضافة للحصار الظالم لقطاع غزة بتنفيذ المخطط الإجرامي، ويتولى سموتيرطش ويهودا غليك وحوطبلي وشاكيد وريغف وليبرمان وبينت ونتنياهو ومن لف لفهم من قوى اليمين الصهيوني المتطرف والفاشي داخل الإئتلاف الحكومي المتهاوي وخارجه بتنفيذ حلقات المشروع لتفريغ الوطن والأرض الفلسطينية كلها من أبنائها وشعبها ليحققوا هدفهم الإستعماري التاريخي
وللأسف سقط قطاع من الشباب في دوام الإستسلام وقرر الهرب من مواجهة التحدي. متذرعون بعوامل أخرى فاقمت أزمتهم الخاصة منها: فقدان الأمل بعملية السلام، وغياب أفق التحرر وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين؛ إزدياد نسبة البطالة في أوساط الشباب؛ وحرمان بعضهم من العمل في مؤسسات السلطة بسبب خلفياتهم السياسية؛وجود الأخطاء ومظاهر الفساد في أوساط المؤسسة الرسمية، ضعف روح المقاومة داخل المجتمع الفلسطيني بشكل عام لعدم وجود خطة واحدة ومنظمة لتعميق روح المقاومة الشعبية؛ وبسبب تعمق الإنقسام، وتمترس الإنقلابيين الحمساويين وراء خيار الإمارة، الذين للأسف الشديد يتساقون مع مشروع مؤامرة صفقة القرن؛ خروج العرب من دائرة الصراع مع إسرائيل، ليس هذا فحسب، وانما إنتقالهم للتطبيع المجاني معها، وإعتبارها حليفاً لقسم مهم من أهل النظام الرسمي العربي.
مجموع هذة العوامل وغيرها شكلت الحافز عند بعض الشباب للتبرير والتذرع بالهروب من الوطن. ورغم ان بعض الشباب العامل في حقلي الإعلام والفن وال NGO,s رفض خيار الهروب، وطالب بالصمود، ودعا للتكافل لترسيخ الوجود في الأرض الفلسطينية، غير ان بعضهم حاول عن عدم قصد تحميل معاناة الشباب وهروبهم ل"مظاهر الفساد" في السلطة، وكأنها العامل الأساس في كل ما أصاب ويصيب الشعب الفلسطيني، ومن حيث لا يدري برأ هذا البعض العدو الإسرائيلي من الدور التاريخي الذي لعبه، ومازال يلعبه حتى الآن لتحقيق هدفه في عملية الترانسفير الشاملة، التي يسعى إليها. الأمر الذي يملي على اصحاب هذا الرأي ان يكونوا أكثر موضوعية في قراءة المشهد، دون ان يلغي حقهم في التعبير عن مواقفهم من الأخطاء الموجودة في الساحة الفلسطينية. لكن ليضع الأمور في نصابها الطبيعي دون مغالاة أو تضخيم حتى تستقيم القراءة الموضوعية للهجرة. ووضع الحلول المناسبة لدرءها والحد منها