رأى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن "إسرائيل وحماس تجدان أنفسهما، منذ الأمس، في رحلة جوية خطيرة إلى لا مكان". لكنه اعتبر أن "إسرائيل زُجّت في وضع يلزمها بإنزال ضربة شديدة، لأسباب عسكرية وأيضا لأسباب سياسية داخلية. وهجوم حماس والجهاد، الذي بدأ بعد ظهر أمس، لم يبقِ خيارا أمام القيادة الإسرائيلية. وجولة القتال الحالية، وفقا للسيناريو ’المعقول’ والمريح للجانبين، سيستمر يوما أو اثنين. لكن هذا السيناريو ’المعقول’ قد يتدهور بسهولة إلى حرب شاملة".
وأضاف فيشمان أن أحداث أمس أظهرت أن "لدى القيادة السياسية الإسرائيلية قدرة كبح ضعيفة جدا"، وأن "هجمات حماس عززت ضلع (وزير الأمن أفيغدور) ليبرمان في مثلث رئيس الحكومة – وزير الأمن – رئيس أركان الجيش. واللازمة التي يكررها وزير الأمن منذ أشهر، وبموجبها لن تكون هناك أية تهدئة عند السياج الحدودي حتى تتلقى حماس ضربة شديدة، تتحقق".
وبحسب فيشمان فإن "كلا الجانبين علقا في وضع يتعين عليهما فيه إعطاء تفسير لجمهورهما وإعادة بناء الردع. وفي هذه الأثناء، حماس هي التي حددت مستوى العنف، وإسرائيل انجرت ورائها. ويبدو أن (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو معني بأن يستعرض أمام الكابينيت اليوم مقترح باستخدام قوة كافية، كي لا يجد نفسه أمام كابينيت صدامي يطالبه بشن خطوات عسكرية لا يريدها".
وشكك فيشمان في ما إذا كان صناع القرار في إسرائيل يتجهون إلى توجيه ضربة عسكرية شديدة في قطاع غزة، لكنه أشار إلى أن إسرائيل قد تقدم على المس "بمصالح النخب في غزة. ضرب أملاك لقادة حماس ووجهاء القطاع"، بزعم أنه "عندما يبقى هؤلاء بدون بيت، مثلما حدث في نهاية الجرف الصامد، فإن هذا يهدئ الوضع بسرعة كبيرة. وقصف مقر قناة حماس أمس هو مثال لهدف من هذا النوع".
وشدد فيشمان على أن جولة التصعيد الحالية اندلعت في أعقاب العملية العسكرية الفاشلة التي نفذتها قوة خاصة في الجيش الإسرائيلي في منقطة خانيونس في قلب قطاع غزة.
"ضعف القوة الإسرائيلية"
من جانبه، ادعى المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، أنه ليس ملائما الآن انتقاد العملية الفاشلة في خانيونس لأنها جاءت في الوقت الذي تُبذل فيه جهود من أجل التوصل إلى تهدئة، وأن "عمليات من هذا النوع لا يمكن تنفيذها أثناء الحرب. وبالإمكان تنفيذها في الفترات الاعتيادية، وعندما تنشأ فرصة عملانية. ومن دون عمليات كهذه، سيتم المس بشكل خطير بمستوى الأمن الذي بإمكان إسرائيل منحه لسكانها". ويتحدث الجيش الإسرائيلي عن 600 عملية كهذه في السنة، خلف الحدود، حسب المحلل العسكري للقناة العاشرة الإسرائيلية، ألون بن دافيد.
لكن كسبيت لفت إلى أن إسرائيل وحماس علقتا في "فخ ردع متبادل". وأضاف أنه "من كثرة أن الجميع في هذه القصة يردعون الجميع، فإنه لم يرتدع أحد من أي شيء".
وفيما يتعلق بحديث نتنياهو عن قوة إسرائيل، أشار كسبيت إلى أن أقواله هذه لم تؤثر على قيادة حماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية. "ونتنياهو يتعلم على جلدنا ضعف القوة. فإسرائيل هي قوة عظمى إقليمية، اقتصاديا وعسكريا، من حيث السلاح التقليدي والنووي – حسب تقارير أجنبية – ودولة هايتك وسايبر وكل شيء. ولدى حماس لا يوجد طعام. ورغم ذلك، شهدنا في نهاية الأسبوع الماضي حدثا مخزيا نقلت فيه إسرائيل أموالا إلى حماس، كي تشتري بعض الهدوء. وتبين أن هذا ثمن باهظ. 15 مليون دولار مقابل يومين من الهدوء، أي أكثر من 300 ألف دولار مقابل ساعة هدوء. ويتضح أن لا أحد في حارتنا (الشرق الأوسط ) يكترث لأقوال نتنياهو عن القوة. وقاسم سلماني الإيراني يواصل تموضعه في سورية كالمعتاد، وبوتين يصنع جميلا عندما يخصص لنتنياهو دقيقتين لمحادثة، ولم تبدو القوة الإسرائيلية هشة إلى هذه الدرجة منذ مدة طويلة، رغم أنها حقيقية".
وتابع كسبيت أن "ما لا يفهمه نتنياهو هو أن القوة لا تقاس بالطائرات والدبابات والناتج الاقتصادي. فالقوة تقاس أيضا باستعدادك لدفع ثمن، بإمكانية أن تسير حتى النهاية رغم ما يمكن أن تخسره أو لا تخسره".