في سياق حملة صهيونية لتشويه النضال الفلسطيني، نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" مقالًا افتتاحيًا على صدر صفحتها، أول أمس، للكاتبة شمريت مئير بعنوان "ورطة غزة"، تشن فيه حملة ضد حركة الجهاد الإسلامي على خلفية الهجمات الصاروخية التي شنتها الحركة الأسبوع الماضي على القرى والتجمعات الصهيونية المحاذية لقطاع غزة، وذلك بربط نضال الحركة وجهادها المستمر لضرب المشروع الصهيوني بإيران، والادعاء بأن لإيران مصلحة بعدم الاستقرار في قطاع غزة.
وتدعو الكاتبة حكومة الاحتلال إلى البحث عن وسيط جديد إذا اتضح أن المصريين غير قادرين على التغلب على الصعوبات وتوفير التهدئة. وتقول: "تبدو الورطة في غزة معقدة لدرجة لا يمكن حلها، ولكن على الحكومة والجيش واجب محاولة إعطاء أجوبة لها، بدلًا من التدحرج من الجمعة إلى الجمعة. إذا كنا نريد السعي إلى التسوية، فيجب تسريع السياقات، وإذا كان المصريون يجدون صعوبة في توفير البضاعة، فيجب أن نجد وسيطًا إضافيًا آخر. لقائمة العوائق التي لا تنتهي في الطريق إلى التسوية، التي تمنع حربًا في غزة؛ أضيف في نهاية الأسبوع الجهاد الإسلامي أيضًا، وهو التنظيم القديم الذي اختار منذ وقت غير بعيد زعيمًا جديدًا، ومصممًا على أن يضع نفسه والإيرانيين على الخريطة".
وتنتقل للحديث عن الأمين العام الجديد لحركة الجهاد، السيد زياد النخالة، بالقول "زياد النخالة، الأمين العام الجديد للتنظيم، الذي انتخب في أعقاب الغيبوبة التي وقع فيها رمضان شلح، ليس وجهًا جديدًا؛ عمليًا هو وجه قديم جدًا. ابن 65، دخل السجون الإسرائيلية لأول مرة عام 1971، ومن خلفه حياة كاملة من الكفاح العسكري ضد إسرائيل؛ من إقامة سرايا القدس، الذراع العسكرية للجهاد، وحتى تعليم العبرية لضباط استخبارات حزب الله"، غير أن الكاتبة - على طريقة الدعاية الصهيونية التي تقوم باللعب على الخلافات المذهبية والطائفية - تعمل على إدخال إيران عنوة لجوهر الموضوع، فتدّعى أن النخالة كان مرشح الإيرانيين للمنصب، وبصفته هذه فإنه لم يبقِ لمنافسيه الكثير من الأمل. وفي سياق التشويه المتعمد تضيف: "الجهاد الإسلامي هو تنظيم إيراني مثلما هو تنظيم فلسطيني، وإن النخالة يعيش على محور بيروت - دمشق، ومن هناك تبدو مشاكل سكان غزة أقل إلحاحًا من مصالح الحرس الثوري. إذا ما أدخل مرة أخرى إلى قائمة أهداف التصفية الإسرائيلية، فهذه لن تكون المرة الأولى".
وتكمل "يحرص النخالة على صيانة علاقات طيبة أيضًا مع نظرائه في باقي المنظمات الفلسطينية، بما فيها حماس، حيث على ما يبدو لا يستطيبون الاستقلالية الزائدة التي اتخذها لنفسه حين قرر إطلاق عشرات الصواريخ نحو بلدات الغلاف، بالذات حين بدأ سكان غزة يستمتعون بالإنجاز المهم الأول لاتصالات التسوية: دخول السولار القطري الذي يسمح بكهرباء لثماني ساعات في اليوم بدلًا من أربع (يجدر بالمناسبة التوقف هنا وتخيل العيش مع أربع ساعات كهرباء في اليوم حين يكون كل عمل محسوب وهناك عائلات كبيرة ينبغي إطعامها كي نفهم عمق اليأس في غزة)".
وتواصل بث سموم الفتنة بالقول "لم يعمل النخالة بناءً على رأيه الشخصي؛ فالادعاء بأن الجهاد الإسلامي يحاول تشويش مساعي التسوية بأمر إيراني ليس أحبولة إعلامية، فللإيرانيين مصلحة في إبقاء إسرائيل محاذية للجدار في غزة، وإشغال القيادة السياسية والأمنية فيها بجولات عنف عديمة الجدوى في القطاع، بدلًا من توجيه الاهتمام والطاقة للتموضع العسكري الإيراني في سوريا. طالما كانوا يقدرون بأن فرص المصريين لإيصال مساعي التسوية إلى خط النهاية كانت ضعيفة؛ فقد سمحوا لها بان تكون، ولكن عندما بدأ شيء ما يتحرك بين إسرائيل وحماس، استخدموا الجهاد الإسلامي".
وتضيف: "لا حاجة لأن يكون المرء عبقريًا استراتيجيًا كي يقدر بأن هذا ليس الحدث الأخير. صحيح أن حماس أخذت مهلة من البالونات، ربما مقابل إدخال السولار، ولكن للأيام القريبة القادمة لا تزال هناك إمكانية تفجر ذات مغزى؛ فأبو مازن يرفض تخفيف الحدة، رغم كل الضغوط عليه، ويسعى إلى تقليص المزيد من الميزانية التي يحولها إلى غزة. يقول المنطق الفلسطيني ان قرارات كهذه يصعب جدًا اتخاذها عندما تكون غزة في وضع قتال مع إسرائيل، أما حماس من جهتها فمصممة على مواصلة مسيرات العودة، والآن دخلت إلى المنافسة أيضًا مع الجهاد على من يكون كفاحيًا أكثر".
كما وتدعو للالتفاف على أبي مازن بقولها "إذا كان التقدير هو أن أبا مازن - بتجويعه لغزة - من شأنه أن يورطنا في حرب، بخلاف مصالحنا الواسعة؛ فيجب أن نجد طريقًا التفافيًا عليه. ومن الجهة الأخرى، فإن حقيقة أن حماس تأتي أسبوعًا تلو الآخر بنحو 15 ألف شخص إلى الجدار، تبين أن شيئًا ما في الردع هناك لا ينجح. لقد دفع الجهاد الإسلامي ثمنًا أدنى على ليل السبت الطويل من النار على مواطني إسرائيل، لا يوجد ما يدعونا إلى التفكير بأنه لن يحاول هذا مرة أخرى".
وتختم مقالها باتهام إيران بالتلاعب بالساحة الفلسطينية "يُحتمل أن نكون نقترب من اللحظة التي يرغب فيها الإيرانيون في جني مردود الاستثمار المالي طويل السنين الذي بذلوه في الأذرع العسكرية لحماس والجهاد. في هذه اللحظة، المبادرة عندهم".