من كان يستمع الى التهديدات الاسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة ما لم يوقف الفلسطينيون مسيرات العودة ويكفون عن اطلاق الطائرات الورقية والبالونات ألحارقة تجاه المستوطنات والتجمعات السكانيةالاسرائيلية قبل حلول يوم امس الجمعة ١٨/ ١٠ تهيأ له ان الحرببين ألمقاومة في غزة وألجيش الاسرائيلي واقعة لا محالة . وللايحاء بان حكومة نتنياهو جادة في تهديداتها فقد حشدت مئات من الدبابات والمدرعات على مقربة من الحدود مع القطاع واعلنت حكومة نتنياهو المصغرة انها خولت الجيش الاسرائيلي بتنفيذ قرارات تم اتخاذها بخصوص غزة .
ولكن ورغم كل التهديد وألوعيد الاسرائيليين والاستعانة الأسرائيلية بوفد من المخابرات المصرية لايصال رسائل الى المقاومة الفلسطينية بان التهديدات جدية والوضع في غاية الخطورة الا ان الاسرائيليين فوجئوا مع حلول عصر الجمعة ان مسيرات العودة انطلقت كما هو معتاد للأسبوع الثلاثين عل ألتوالي بمشاركة عشراات الاف الفلسطينيين وبزخم أكثر واكبر من ذي قبل مع قرار من اللجنة المنظمة للمسيرات بان يكون عنوان مسيرة الاسبوع المقبل تحت عنوان (غزة صامدة)في تحد واضح للعنجهية الاسرائيلية التي لم تعد تخيف اهل غزة فيما لم تنفذ اسرائيل تهديداتها بشن عملية عسكرية لا واسعة ولا محدودة وان كل ما تقوم به هو عبارة عن حرب نفسية فاشلة تؤشر الى حالة من ألعجز الاستراتيجي عن قمع مسيرات العودة وكسر ارادة وشوكة فصائل المقاومة التي اتخذت قرارا استراتيجيا باستمرار مسيرات العودة حتى تحقيق اهدافها مهما كانت النتائج وغلت التضحيات .
وهذا يعني بما لا يدع مجالا للشك بان هنالك في غزة من بات يثق بمسالتين مهمتين اولاهما القناعة الراسخة بأن القوة العسكرية والصاروخية التي تملكها المقاومة حققت نوعا من توازن الرعب والردع مع اسرائيل وثانيهما ان غزة لم تعد لوحدها وانما جزء من معسكر قوي وفاعل في المنطقة هو معسكر المقاومة وهذا ما عبر عنه امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله امس الجمعة عندما قال في خطابه ان المعسكر يراقب ما قد يحدث خلال الساعات والايام القادمة في غزة منوها ان انفجار الوضع العسكري ستكون له تداعيات كبيرة وخطيرة على مستوى المنطقة والاقليم .
وقد تناغم وتقاطع ما قاله السيد نصر الله مع ما قاله السيد زياد النخالة امين عام حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين .قبل عدة ايام عندما قال بان المقاومة في غزة تحمل التهديدات التي تطلقها اسرائيل بشن عدوان على غزة محذرا بانه في حال تنفيذ تلك التهديدات فان المقاومة ستبدا من حيث انتهت حرب ٢٠١٤ اي بقصف تل ابيب وليس مستوطنات غلاف غزة في اشارة ردع قوية ومؤثرة. وهنا وعلى الرغم من انني لا اريد ولا استطيع ان اجزم بأن الخيار العسكري الاسرائيلي في التعامل مع حراك غزة الجماهيري بات مستبعدا بالمطلق الا ان كافة المعطيات تؤكد بانه بات ضعيفا لان اسرائيل باتت مردوعة في صراعها مع غزة كما باتت مردوعة في سوريا وفي سمائها تحديدا بعد نصب منظومة صواريخ اس-٣٠٠ المطورة والمعدلة التي تضاهي فعاليتها ال اس -٤٠٠ حسب خبراء عسكريين روس.. ولذلك فان اي مغامرة عسكرية غير محسوبة قد تقوم بها اسرائيل في الجنوب او الشمال قد تكون وبالا عليها ليس بسبب عدم وجود استراتيجية لدى حكومة نتنياهو للتعامل مع مشكلة غزة كما كتبت صحيفة معاريف الاسرائيلية يوم امس الجمعة وانما بسبب تاكل قوة الردع الاسرا يلية في المنطقة والاقليم بعد انتصارات محور المقاومة في سوريا وصمود الشعب اليمني في وجه العدوان السعودي وتعاظم قوة المقاومة في غزة.
ان هذا المتغير الاستراتيجي يدركه نتنياهو وليبرمان والمجلس الوزاري الامني والسياسي المصغر ولا يدركه مجرم الحرب ايهود باراك الذي هرول بقواته مهزوما مذعورا من جنوب لبنان تحت ضربات المقاومة اللبنانية عام ٢٠٠ بتبجحه من باب المزاودة السياسية في خطاب له امام الكنيست الاسرائيلي بانه قتل عندما كان وزيرا للدفاع في عدوان ٢٠٠٨ على غزة ٣٠٠ فلسطيني في غضون ثلاث دقائق متناسيا .دهذا الطامح بالعودة الهستيرية الى السلطةعلى جماجم الفلسطينيين ان اعترافه هذا قد يدفع به ذات يوم الى محكمة الجنايات الدولية.